fbpx
قضية الجنوب قد تمرض ولكنها لن تموت
شارك الخبر

بقلم:احمدالطحطوح

مات جدي وكانت أمنيته ان تطول به الحياة حتى يعود الجنوب ويسمع اول قصيدة للشاعر ثابت عوض بعد الاستقلال ، ولكن القدر لا ينتظر .
كنت في ساحة الحرية اثنا فعاليه للحراك الجنوبي في عدن وكانت قوات المخلوع صالح آنذاك تطلق الرصاص يسرة ويمنة لقصد التخويف _بينما في حقيقة الامر كانت تطلقه من الخوف_ فإذا بصوت جهوي عالي ينطلق من بين الزحام قائلاً( لاتحسبوناش بانخاف من رصاصكم ، نحن قد روينا الارض دم من اجل قضيتنا ، والموت من اجلها حياة ، والحياة بدونها موت ) التفتُ لأرى مصدر هذه الكلمات المحملة إيمان وشجاعة وثقة ، واذا به شيخ قد بلغ به العمر عتيا ، حاولت ان اصل اليه والتقط له او معه صورة للذكريات ولكنه غاب عني وسط الزحام ولكن صدى كلماته لايزال في أذني حتى الساعة .
من حبيل جبر الى لحج الى ابين الى شبوة وحضرموت والمهرة الى عدن والضالع ويافع ، ارتسمت فوق ثرى تلك المحافظات والمديريات لوحة شرف تلونت باللون الاحمر ، ولوحات الشرف لاتموت وان مات من رسموها ، اشترك الجنوبيون في صناعة المصير الواحد فكانت المعاناة واحدة ، والجرح يتداعى له الجسد الجنوبي اجمع .
قوافل من الشهداء لن تحصيهم أقلامنا ولن نعطيهم حقهم ولو بكينا الدهر ، تَركوا لنا أمانة القضية وطلبوا ان لا نخالف طريقهم .
دعك من الأحداث التي تموج بها المنطقة ، ودعك من وهم الثورات المصطنعة ، وانظر الى جوهر قضيتك هل هو قابل للنفاد ؟ لا اعتقد ان هناك من يجيب ب نعم ، الا صاحب حسابات معقدة ولوثة مزاج مردية .
عبر التاريخ كله ومن خلال ما نقرا ونسمع لم تنجح الا الثورات الحقيقية التي تستمد مشروعيتها من جذور الارض الى سقف السماء ويبلغ الإيمان بعدالتها حد المنافسة على الموت في سبيلها ، لذلك تحررت الاوطان ورحل المحتل ، على عكس ثورات الانقلابات العسكرية والثورات الحزبية الضيقة ، فهى مجرد نزغات يدفع ثمنها البسطاء سواءا في الحرب او السلم ، والأمثلة اكثر من ان تحصى .
قضية الجنوب صرخت يوم كان الجميع لايزال يؤمن بان الصمت هو بر السلامة ، وخرجت يوم كانت البنادق تحصد ارواح الخارجين . قضية الجنوب قالت لا يوم كان الموت ينتظر من يقول لا . قضية الجنوب هي من حركت المياة الراكدة ودحرجت كرة الثلج وبعدها وبها تحرك وتدحرج كل شي .
مثل قضية الجنوب قد تتبعها الأحداث الجارية ولكنها لا ولن تموت فمقومات الحياة لديها اكثر من ان نحسبها ، فلديها رصيد نضالي سابق وخلفها رصيد شعبي كبير ، وفي جوفها مضادات تدافع من اجل بقاءها وهي من الجدارة على صد العلل والامراض بمكان .
واذا كان المخلوع بما كان عليه من قوة ، وبما سيره من اموال ، وبما حرك من خطط ، لم يستطيع وئد القضية والقضاء على وجودها ، فليس بامكان شرعية هزيلة متفككة ان عز اكبر حجماً من ان يبتلعها فار اصابه العجز والخور .
انا لا أنكر كما غيري ان ثمة مشكلة تعاني منها القضية لاسيما في راس سلطتها ، وان الصداع لايزال يحتل راسها ، الا ان ثقتنا بالشفاء كبيرة ، وما ان تنقشع الأحداث وتظهر النتائج الاخيرة الا وستكون القضية الجنوبية حيث ارادها الآف الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين .

أخبار ذات صله