fbpx
نكتة

صلاح السقلدي
الكثير سمع عن الطرفة التي تقول: يخلق له ربي واحد ثاني أحسن.وهي أن رجلاً ظل يعاني من أمراض كثيرة طيلة حياته هدّت حيله وحاله وأرهقت روحه وباله. وذات يوم وهو في المسجد يصلي ,وبعد أن فرغ من الصلاة رفع كلتا يديه يدعي: ((يا رب اشفني من مرض الضغط، وارفع عني وجع الكبد, وعافني من آلام المفاصل والروماتزم ,وداوني من العمى والنقرس, ومن مرض السُكر والقولون والقرحة والكلى…)). فسمعه أحدهم وعلّـق على الفور قائلاً: لو على هذا الحال فالأحسن لربي ان يخلق إنسان جديد بدل من السمكرة والرقاع.
تماما كالذي يصير باليمن بمضوع سمكرة (وحدة يمنية) أصحبت اشبه برجل تداعت عليه كل الامراض وانهكته الأسقام , أو قل هي وحدة شاخت قبل الأوان وصار حالها كحال سيارة مركونة في ورشة مهملة وقد علقت بها كل الأتربة والصداء وتآكلت كل تورس محركها وعجلاتها وجسمها الخارجي, وتهالكت اجزاؤها الداخلية تماما وتعطلت منظوماتها واجهزتها ومع ذلك يصر صاحبها على أعادتها الى الخدمة بطريقة سمكرة وصيانة لا تغني ولا تسمن من جوع, غير عابئ ولا مكترث بمخاطرها على راكبيها.
فوحدة دولتين كالوحدة اليمنية يعرف الجميع انها أضحت أشلاء متناثرة، ممزقة الانسجة متهتكة الاوصال. فنفوس الناس في صنعاء وعدن والمكلا وتعز, في الجنوب والشمال على السواء أصيبت بتشظي عميق ضرب صميمها وحطم روحها, والجرح الغائر يزداد توسعا وتجرثما بجسد وطن موحد جغرافيا عنوة, وهو منقسم في أنفس متنافرة وعلى أرض واقع صار أجلى من الشمس برابعة النهار, والنسيج الاجتماعي والإنساني ،ناهيك عن السياسي مزقته الأيادي السوداء شر ممزق, وسحقت عظامه سحقا, ومع ذلك هناك من يكابر على انكار هذا الواقع ,ويتحاشى الاعتراف به وتقبله كما هو ولو على مضض, فبدلاً من الاعتراف بهذا المآل البائس والتعاطي مع الأمر الواقع كما هو بكل برجماتية وواقعية نرى بعظهم من المسكونين بالفلسفة المدمرة الوحدة أو الموت, وحتى من يقدمون انفسهم اليوم على انهم شرعية وحكومة يمنية معترف بها من الخارج وتزعم انها حاربت الى جانب الجنوب بالحرب الأخيرة وهي الد الخصام تجاه الجنوب, كل هؤلاء جميعا يعمدون الى التمترس خلف تلك الفلسفة المتوحشى( الوحدة او الموت) ولو على استحياء -عند بعض هؤلاء-وإعادة استجرارها وانتاجاها ثانية بعد أن تجاوزها الزمن وتخطاها الواقع, أو في أحسن حال تراهم يلجئون بأساليب وطرق السمكرة والترقيع البائسة لانعاش وحدة يمنية عن طريق صدمات علاج القلب أصبحت جثة هامدة في ثلاجة التاريخ, تارة باسم الأقاليم الستة أو الخمسة أو الاربعة, وتارة أخرى باسم الفدرالية والحكم المحلي واسع الصلاحيات المزعوم, فكل هذا الترقيعات لم تعد تجدي نفعاً بعد أن اتسع الخرق على الراتق وسالت الدماء الى الركب ((فما يغني عن الموت الدواء)). فإن لم يكن وفاق ففراق…
فالبحث عن وحدة يمنية مستقبلية خالية من أدران الماضي وأسقام السنين الخوالي وقابلة للديمومة للأجيال القادمة هو الحل الممكن تملس طريقه واقتفاء دربه بعد العودة الى ما قبل الحلم المقتول 22مايو 1990م. فأن أعدل الشهود التجارب.