fbpx
أزمة خطاب وأزمة نخب!

 

طيلة ربع قرن من عمر الوحدة اليمنية سيئة السمعة، والتي أصبحت عبئا كبيرا على كاهل الشعب الجنوبي، ربع قرن من الزمان مورس التجهيل والأمية، في كل مجالات الحياة، تخرج جيل الوحدة ولم يجد أمامه الا طريقا واحدا وهو الهجرة والخروج من الوطن بحثا عن لقمة عيش كريمة له ولعائلته، ومن بقي في البلاد ولم يقدر على الخروج لم يجد الا بيته يلجأ إليه قاعدا وعاطلا عن العمل.

والذين استطاعوا إن يلتحقوا في الجامعات لم يخرجوا منها الا أنصاف مثقفين او ثقافة سطحية الا القليل منهم بسبب ردائة المنهج وضعف التدريس والتلقي .

حتى جاءت ثورة الجنوب، والتي كانت بسبب تراكم الظلم والتهميش والإقصاء، ليجد الشعب نفسه امام شخصيات ونخب وقيادات من الرعيل الأول تفكر بعقليات الستينيات والسبعينيات، وتريد العودة بالبلاد مجدد إلى الوراء، إلى أيام الحزب الواحد والصوت الواحد، وسط غياب للنخب الوطنية الشابة الواعية والمثقفة التي لم تلوثها صراعات الماضي وتداعياته، وفي المقابل برزت قيادات إسلامية، كان البعض يعول عليها، ولكن هي الأخرى وجدت نفسها في خطاب أممي فضفاض يتجاوز حدودنا الجغرافية ولم تلبي طموحات الشعب الذي يسعى إلى الإنعتاق والتحرر، فحدث عند المواطن الجنوبي خطاب مزدوج وبرز إلى الواجهة الخطاب المتشدد الذي يرفض الآخر والتعايش الا مع نفسه، بسبب قلة الوعي الثوري والسياسي، وغياب للكوارد والنخب المؤثرة والوطنية، فحدتث فجوة كبيرة بين سقف ثوري مرتفع وخطاب نخبوي سياسي سطحي لا يلامس مشاعر الجماهير الملتهبة.

والمتابع للشأن الجنوبي هذه الأيام يجد خطابات لبعض القيادات الجنوبية وحتى الناشطين من جيل الشباب وهي متناقضة ومتباعدة، وكلا ينطلق من مرجعياته وأدبياته الشخصية بعيدا عن المسؤولية الوطنية، بعض قوى الحراك التي كانت تحركها في بداية الأمر أهداف الشعب الجنوبية تغيرت كثيرا وبعضها انعزل العمل الثوري والسياسي بعد عاصفة الحزم، والبعض بدل وغير ، ولعل الطعم الذي رماه التحالف لبعض القيادات أتى مفعوله سريعا، فاغلب القيادات اصبحت تبحث عن ذاتها ووجودها ومجدها الشخصي، وحجز كرسي في مستقبل الجنوب القادم تحت أي شكل كان.

الجنوب اليوم بحاجة إلى إعادة ترتيب نفسه في منظمة جنوبية جامعة وخالصة، تجتمع فيها كل القوى والمكونات ذات الخطاب الوسطي الواقعي، بعيدا عن المثالية الثورية التي لا تستند على رافعة سياسية واعية تعمل على المواءمة بين مطلب الشعب وبين ما تريده دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية من مصالح مشتركة.

محمد بن زايد الكلدي