fbpx
اليمن وجسر العبور الثالث

 

باسم فضل الشعبي

تواجه اليمن مأزقا كبيرا في ظل الانقلاب، والشرعية، فهاتان، القوتان، تستمدان، وجودهما، من جود بعضهما على طرفي المعادلة اليمنية، قد لايكون من الانصاف مساواة الشرعية، بالانقلاب، لكن في الحقيقة المعاشة، تريد الشرعية، ان تقول للناس، من خلال سلوكها، وممارساتها، انها لا تقل سوءا، ولا خطرا، على بلد مهلهل، ومفكك، من غيرها، بلد بحاجة لسلطة اكثر مصداقية، وتضحية، للحفاظ على ما تبقى، لا لهروب من مواجهة استحقاقات المقاومة، والتغيير، ومطالب الناس، وعجز فاضح، في حل المشكلات الحياتية، واللجوء الي الجرع السعرية، ورفع اسعار المشتقات النفطية، في حالة غريبة تشبه الانتقام من الشعب، ومواصلة تدمير ما تبقى من البلاد، وتمزيقه.
كنا نعتقد الي وقت قريب ان الانقلاب بقيادة الرئيس المخلوع، لا يمتلك مشروعا للحفاظ على البلاد، واعادة بنائه، لذا تحمس كثير من الشباب للثورات الشعبية، وضحوا من اجلها، بهدف ازاحة المخلوع، والاتيان بقيادة وسلطة بديلة، تمثل عامل انقاذ للبلاد، لكن اتضح مع مرور الوقت، وبعد النجاح المحدود للثورات، ان السلطة البديلة، لا تمتلك هي الاخرى مشروعا للبلاد، وكل ما تمتلكه هو السير في طريق مشروع المخلوع التدميري، ومواصلته باخلاص كبير، لان السلطة البديلة ظلت غارقة داخل النظام القديم، ومحافظة على رموزه، وهياكله، ومخلصة، بصورة غريبة للدولة العميقة، فكان من الطبيعي ان تستمر في نفس النهج، والاسلوب، التدميري، الذي رسمه المخلوع للبلاد، بصور مختلفة، ولم تكلف نفسها انتهاج، نهج، و اسلوب، جديدان، يشعران الناس بالأمل في التغيير، واعادة بناء الدولة.
الشرعية لا تمتلك مشروعا، وهي كما سبق غارقة في مشروع المخلوع التدميري، وتعمل على محاكاته في كل التفاصيل، ولولا تدخل التحالف العربي، لكانت الشرعية سلمت البلاد للانقلابين، وهربت الي الخارج، وظلت هناك، كما هو حالها الان.
الان وبعد تدخل التحالف العربي، وتحرير الجنوب، من الانقلابين، والارهاب المرتبط بهم، لم تثبت الشرعية، انها عند مستوى المسؤولية، فما يحدث في عدن على سبيل المثال، من انعدام للخدمات، واضطراب الامن، وغياب دور مؤسسات الدولة، وعدم دمج المقاومة في الجيش، وانتشار الحالة المليشاوية، وغيرها من المظاهر السلبية، يعطي انطباعا واسعا بان الشرعية ليس لديها رؤية لحاضر، ومستقبل، البلاد، وان كل افعالها تخدم الانقلابين، ومشروعهم، التدميري.
اذن اليمن بحاجة لجسر عبور ثالث، لعبور البحر المتلاطم، صوب شاطئ الامان، او محطة الامان، بعد فقدان الأمل في جسر الانقلاب، وجسر الشرعية، التي تسير في فلك الجسر الأول.
هذا الجسر الثالث، او القوة الثالثة، كما سماها البعض، هو ضرورة ملحة، للخروج من نفق النظام القديم، والدولة العميقة، وهزيمة الثورة المضادة، والا فان الحال سيبقى كما هو، لا تغيير، ولابناء، وانما الاستمرار في التدمير، والتخريب، الي ما لا نهاية.
ما هو الجسر الثالث؟ من هي القوى السياسية، والاجتماعية، والمدنية، المكونة له؟ما هو مشروعه السياسي، والثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي؟
وما هي المخاطر التي تنتظر البلاد، في حال عدم بروز الجسر الثالث، او القوة الثالثة؟ كل هذه التساؤلات سنجيب عنها في مقالات قادمة.

 

رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام