fbpx
الاستفتاء وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي!

أدت نتائج الاستفتاء الذي أجرته بريطانيا يوم أمس الخميس للتصويت علي خروجها من الاتحاد الأوربي بعد أن أظهر فوز  مؤيدو الخروج ٥١،٩٪مقابل  ٤٨،١٪ لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي برغم هذا الفارق البسيط بين الطرفين المتناقضين فأن القاعدة الديمقراطية تتطلب احترام التصويت الشعبي عبر الاستفتاء بأن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لأخطر قرار تتخذه بريطانيا في مطلع هذا القرن ليس فقط علي بريطانيا بل أيضا علي أوروبا هذا القرار أعاد بالذاكرة لي شخصيا في فترة دراستي في فرنسا في كلية الحقوق وفي معهد العلوم السياسية.

تذكرت كيف ان بريطانيا تقدمت مرتين بطلب العضوية للانضمام للسوق الأوربية المشتركة ( التي أصبحت بعد ذلك الاتحاد الأوروبي ) ورفض طلبها من قبل الجنرال ديجول الذي كان يعتبر بريطانيا حصان طروادة لأمريكا في أوروبا.

ولم تقبل دخول بريطانيا في السوق آلاوربية المشتركة إلى بعد وفاة الجنرال ديجول بتولي رئيس وزرائه السابق جورج بومبيدو سدة الرئاسة في فرنسا وتفاهمه مع إدوارد هيث رئيس وزراء بريطانيا من حزب المحافظين وهنا تكمن المفارقة دخول بريطانيا إلى السوق الأوربية المشتركة في ظل حزب المحافظين وخروجها من الاتحاد الأوروبي في فترة حكم المحافظين أيضا.

واستعدت الذاكرة مجدداً بين استقالة  ديجول واستقالة ديفيد كاميرون من منصبه مع الفارق الكبير بين الشخصيتين البارزتين فشارل ديجول أول رئيس للجمهورية الفرنسية ينتخب مباشرة من قبل الشعب الفرنسي ومحرر فرنسا من النازية الهتلرية قرر تنظيم استفتاء شعبي في ٢٧ ابريل ١٩٦٩ علي مشروعه للحكم المحلي وإصلاح مجلس الشيوخ الفرنسي وأوضح صراحة انه إذا لم يحصل علي نجاح الاستفتاء بنعم للتغييرات المقترحة فإنه سيقدم استقالته من منصبه في رئاسة الجمهورية وفعلا استقال مباشرة ً حين لم يوافق علي مشروعه إلا علي نسبة نحو٤٩٪ من الأصوات المؤيدة له وهذا ماحدث يوم أمس مع ديفيد كاميرون المهم في هاتين التجربتين ان الاستقالة جاءت مباشرة بعد إعلان النتائج وهما غير ملزمين قانونا تقديم استقالتهما ولكنهما اعتبرا في الحالتين ان الشعب الذي انتخبهما طالما لم يوافق علي خيارهما السياسي لما يراه كل منهما يصب لمصلحة بلديهما فلا يمكنهما الاستمرار في منصبيهما .

 علينا التأمل في مثل هذه التجارب وليس في تجارب بعض القادة السياسيين في العالم العربي المتمسكين بمناصبهم وانا استمر البعض منهم في السلطة فترة تتجاوز ٣٣ عاما كالرئيس اليمني السابق.

في الخلاصة

استغربت جدا ً مقاربة بعض الإخوة الجنوبيين بين انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومطلب الجنوبيين بفك الارتباط لاعلاقة بتاتا بين هذه وتلك فإنسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي هو انسحاب من منظمة إقليمية تجمع عدداً من الدول الأعضاء بينما المطلب الجنوبي بفك الارتباط يتعلق بوحدة فاشلة بين دولتين ذات سيادة يمكن تحقيق فك الارتباط بينهما بالاستفتاء أو عبر آليات متعددة ومختلفة وهذا موضوعاٍ آخر لا علاقة بخروج  بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.