fbpx
رامز يلعب بعقول الناس

د عيدروس نصر ناصر
برنامج أقل ما يمكن أن يوصف به أنه سخيف وتافه، لكنه يكلف ملايين الدولارات في الحلقة الواحدة، دون أن يقدم للمشاهد أي قيمة لا من حيث المتعة ولا من حيث الفائدة المعرفية ولا من حيث القيمة الأخلاقية ولا حتى من حيث التسلية.
يقوم البرنامج على الإثارة المقرفة والمقززة، من خلال استدراج الضحايا إلى مهرجان وهمي يقام في أحد فنادق الخمسة نجوم في مدينة الدار البيضاء المغربية، لكنه وبمجرد وصول الضيف (وهو في الغالب من الوسط الفني) يشعل الحريق في الفندق ويعرض معه كل المرافقين للهلع والذعر ويبدأ الصراخ والعويل والهيصة يفقد فيها الكثير من الضحايا توازنهم ويؤمنون بلحظة النهاية، وحتى عندما يتدخل الإطفاء تتواصل الانفجارات ويستمر اشتعال النيران في الممرات والمصاعد، وعند الوصول إلى السطح وقدوم الطائرة للإنقاذ يتفاجأ الضيف بمزيد من الانفجارات في السطوح، وتستمر تمثيلية تساقط المرافقين ويرتفع العويل والصراخ، لكن الضيف يتفاجأ عندما يكتشف أن الجميع كان يمثل وأن رجل الإطفاء هو رامز الذي يدعو الحاضرين إلى التصفيق للضيف بعد كل هذا العذاب والهلع والخوف والرعب.
لست خبيرا في الشؤون المالية، لكنني أتوقع أن كلفة الحلقة الواحدة تتجاوز المليون دولار بكثير بدءا بتكاليف الاستضافة وإصلاح التلفيات، ومكافآت الممثلين، وأجرة الطيران، ناهيك عن مكافآت فريق خبراء صناعة التفجيرات وإدراة الحريق والتحكم به، ثم مصاريف استقدام الضيف من تذاكر طيران وتكاليف الإقامة، ومكافأة الترضية للمقلب التافه الذي تعرض له، وصرفيات أخرى قد لا تخطر على بال المشاهد، . . . ويمكن للمرء أن يتساءل من أجل ماذا تصرف هذه الملايين؟ أمن أجل العبث بعقول وعواطف المشاهدين؟ أم من أجل أشباع شهوات العابثين والمستهترين والساديين؟ أم من أجل تحسين سمعة القناة التي تقدم البرنامج؟
هذا النوع من البرامج هو محاكاة لبرامج تقدمها قنوات الإثارة الأمريكية والغربية عموما، وهي التي تصنع ثقافة العنف والتدمير والاستهتار وإخماد عنصر الدهشة عند المشاهد وتربية الأطفال على العنف والاستهتار واللامبالاة، لكنني أتصور أن مثل هذا النوع من البرامج لا يخلو من السادية والعدوانية والتلذذ بتعذيب الضحية والاستمتاع بمشاهدة الحرائق وهي تلتهم المحيط.
رامز جلال سبق وأن قدم حلقات مشابهة كان يستخدم فيها مخابئ الأهرام، أو سمك القرش أو السقوط الوهمي لطائرة، وهي جميعها برامج خالية من كل ما يقدم الفائدة أو المتعة أو التسلية أو التربية، ولا شيء فيها سوى الإثارة والإثارة الزائفة القائمة على الرعب والإدهاش والعبث بعواطف الضحية والمشاهد على السواء.
وفي الأخير هو لعب بالناس ولعب بعقول المشاهدين قبل أن يكون لعبا بالنار.