fbpx
نازحو كرش.. العيش في بطون الأودية..!
شارك الخبر

يافع نيوز – كرش:

تضاعفت معاناة نازحي كرش في شهر رمضان، وبات الكثيرون منهم عاجزين عن تحمّل وضعهم البائس. في ظلّ انعدام أبسط الخدمات، تطغى المأساة الإنسانية على حياة أكثر من عشرة آلاف مواطن، أي ما يقارب مئات الأسر التي شُرّدت من بيوتها مرغمة، منذ ما يزيد عن سنة، ولم تعدها. في 23 مارس 2015، كانت بداية المعاناة، مع اندلاع المعارك بين “أنصار الله” والقوّات المتحالفة معها وبين قوّات الرئيس عبد ربه منصور هادي. كانت كرش أوّل أرض جغرافية تابعة للجنوب تدور المعارك الحامية في رحاها. هكذا، استحالت كرش وقراها مسرحاً مفتوحاً، وتعرّض أهلها للقتل والتشريد والترحيل، فيما أصاب منازلها الدمار الشامل أو الجزئي.
نزوح وتشريد
تسبّبت الحرب في تشريد ونزوح الأهالي مرغمين إلى أماكن عدّة، كالقبيطة والعند وصبر في محافظتي لحج وعدن، ومن لم تساعدهم ظروفهم الماديّة لجأوا، مضطرين، للعيش في بطون الأودية تحت الأشجار والمرتفعات الجبلية، حيث تتوفّر مبان كان يستخدمها الرعاة (الرّحل) لإيواء مواشيهم في فصل تساقط الأمطار. فترة ليست بالقصيرة تجرّع مرارتها أبناء هذه المناطق وما يزالون، ومع حلول الشهر الفضيل، تضاعفت معاناتهم، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، وانعدام أبسط الخدمات التي يحتاجونها في هذا الشهر المبارك، الذي تزامن مع صيف قائظ، أكثر من ممّا سبقه.
يقول المواطن محمد ردمان القاضي (55 عاماً): ” لم أذق مرارة التشرّد وقضاء شهر الصوم بهذه الحالة، بعيداً عن بيوتنا بل لم أتوقّعها بتاتاً، عباد الله في أرجاء المعمورة يتفرّغون في هذا الشهر للصيام وقراءة القرآن والعبادة، ونحن اكتفينا بالصوم فقط، لقد حُرمنا من تأدية صلاة التراويح في المساجد، ومن تأدية بعض الطقوس التي اعتدنا عليها بهذا الشهر، كاللقاءات والإجتماعات بالأهل والأصحاب”. ويضيف ردمان، في حديثه إلى “العربي”، أن “معظم أبناء كرش يعانون من شظف العيش والحالة المادّية المزرية، لتأتي هذه القوّة الغاشمة وتشرّدهم من منازلهم وتبعدهم عن مصدر أرزاقهم الأساسية كزراعة الأراضي ورعي الأغنام، فالأراضي أصبحت مزروعة بالألغام، والمواشي اضطر الناس لبيعها بأبخس الأثمان، وهو ما زاد من معاناتهم وأذاقهم ألواناً من الحرمان والمتاعب”.
النوم في العراء

من لم تساعدهم ظروفهم الماديّة لجأوا مضطرين للعيش في بطون الأودية
عند مرورك بوادي حدابة جنوب كرش ستجذبك كثرة الطرابيل (الخيام)، التي نصبها النازحون على عروش الأشجار، ليستظلّوا تحتها، لعلّها تقي أطفالهم شيئاً من حرارة الشمس. من قرى السفيلى، والجريبة، والحدب، وحرذ والشريجة، والحديد، وقرى كثيرة… نزحت أسر إلى هذا الوادي الواقع بين جبلين منيفين، والذي يمتاز بكثرة أشجاره، وقربه من آبار المياه، وسوق الربوع، بعد أن أُغلق سوق كرش. هنا تحدّث إلينا المواطن أبو علي المنصوري (40 عاماً) بينما كان ينادي أطفاله الثلاثة، قُبيل المغرب، ليعود بهم إلى المنزل القديم، في هذا المكان المقفر: “أنا هنا منذ بداية الحرب، تركنا بيوتنا في قرية الحبيل بالجريبة، بعد سيطرة قوّات الحوثي وصالح عليها”. وتابع أن “المكان غير آمن ومليء بالأفاعي والعقارب، وهو ما جعلنا نخاف على أولادنا وفي متابعة دائمة لهم”، لافتاً إلى أن “الوضع صار كارثيّاً للعديد من الأسر، وحياتهم أضحت بين كمّاشة قوى العدوان، وغير مبالاة من قوّات الشرعية ومقاومتها، وحضور خجول للمنظّمات الإغاثية والإنسانية”.
ويستدرك قائلاً: “رغم هذا الوضع والمكان الخالي من السكّان، إلّا أنّنا نرى أنّنا أحسن حالاً من الكثيرين، فهناك أسر تتمنّى أن تحصل على مثل هكذا بيت في هذه الظروف، على الأقلّ تشعر بأن أطفالها وعائلتها في مأمن من قوّات العدوّ ونيرانه التي لا تفرّق بين طفل وامرأة ومواطن”.
تحوّل المساجد إلى سكن
في أقصى الوادي نحو منطقة الربوع، يقع مسجد صغير يرتاده المصلّون لتأدية صلواتهم، غير أن الحاجة الماسّة لإحدي الأسر النازحة من منطقة الشريجة حملتها على اتّخاذ المسجد كسكن لها. يقول ربّ الأسرة: “مكثت وأفراد عائلتي المكوّنة من 12 نسمة في بداية النزوح تحت الأشجار، حتّى دلني أحد الخيّرين على هذا المسجد، ونحن نسكن فيه منذ عدّة أشهر”. وأردف: “صحيح أن المسجد صغير والعائلة التي تسكن فيه كبيرة، ولكن كما قال الأقدمون، شيء خير من لا شيء، والحمد لله على كلّ حال”.

 

  • عنتر الصبيحي

images (1)

images

  • 1466359798
أخبار ذات صله