fbpx
لماذا نجح الملف الأمني وفشل الملف الخدمي! ؟

بقلم/محمد بن زايد الكلدي

جميعنا يتابع بإهتمام بالغ ما تمر به العاصمة عدن من أحداث وتطورات متلاحقة ومتسارعة، وما تمر لحظة الا وتحمل لنا الجديد، سواء كان انجازا أمنيا، أو كان إخفاقا وفشلا في مجال أخر.

يتبادر سؤال إلى الأذهان باستمرار، ما هو الجانب الأكثر تعقيدا الجانب الأمني أم الخدمي؟
أظن الجواب بكل بساطة ووضوح هو الجانب الأمني، الذي أرعبنا جميعا بعد تحرير العاصمة عدن، فذلك الإنفلات وعمليات القتل والتفجيرات والإرهاب كان متزامنا في توقيته، وفي لحظة كان الشعب في الجنوب يعتقد إنه بخروج الحوثي وقوات عفاش المحتلة سوف يستقر الأمن وتعود الأوضاع أفضل مما كانت عليه من قبل، وخاصة بعد سيطرة المقاومة على مفاصل العاصمة عدن ومداخلها وانتشارها في الشوارع واستحداث النقاط العسكرية الكثيرة والممتدة على طول الخط والطرقات الموصلة بين عدن ولحج وأبين، ولكن ما حصل كان العكس تماما، شاهدنا القتل اليومي وتفجير المفخخات والعبوات الناسفة، والإغتيالات التي طالت كوارد جنوبية من ضباط وقيادات مقاومة ورجال دين، والسطو على الممتلكات العامة والخاصة، فوجد الإنسان الجنوبي نفسه مصدوما وحائرا مما يشاهده أمامه ولا. يدري ما يفعل! ولكن ظل الأمل يحذوه وحافظ على تماسكه ولم يتسلل اليأس إلى قلبه ولو للحظة واحدة، وكان صادقا في عزيمته وإيمانه بأنه سوف يأتي يوما تتحسن فيه الأوضاع الأمنية وغيرها، وإن ما يحدث ما هو الا إرهاصات ونتائج طبيعية بعد تفكيك منظومة حكم فاسدة كانت جاثمة على صدور الشعب وتفكيك لمؤسسات دولة مستبدة ضاربة جذورها بالعمق، حيث حاولت جاهدة إن تستخدم كل إمكانياتها وأجهزتها المخابراتية في تعطيل الحياة داخل عدن، وبث الرعب والخوف لدى المواطن العادي، حتى يتمنى العودة إلى أيام عفاش، او كما كان بدأ البعض يردد ( سلام الله على عفاش ).
ولكن بفضل الله عز وجل وثم بفضل الرجال الصادقين المخلصين وبدعم من دول التحالف الخليجي عادت الأمور إلى وضعها الطبيعي المعتاد، وشعر المواطن بالأمن والسكينة والطمأنينة، وعم السلام اغلب مدن الجنوب، وذلك بعد تفكيك للخلايا النائمة وجهاز المخابرات العفاشي وملاحقة بؤر الأرهاب ومن يموله ويسنده، وتجفيف منابع الدعم له والسيطرة على مخازن التزود بالسلاح المنتشرة داخل كل شارع وزاوية في العاصمة، وما زال العمل جاري إلى هذه اللحظة، حتى يشعر المواطن بالأمان الكامل ويأمن على نفسه وماله وأهله.

وبعد هذا الشرح المختصر عن الجانب الأمني وتعقيداته وتشعباته، والنتيجة المرضية التي تحققت، برز إلى الواجهة مجددا ملف الخدمات وخاصة في إنعدام المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء، والتي كانت لها نتائج سلبية على كل مرافق البلاد، وتوقفت عجلة التنمية المتوقفة أصـلا ، وبدأت معها رحلة العذاب الثانية للمواطنين، وسط حالة من السخط والغضب، بل توقف الإنسان بنفسه عن التحرك من مكان إلى آخر، واغلب حاجاته يقضيها مترجلا مشيا على الأقـدام، وغدا قد نشاهد الجمال والحمير والبغال تتجول في شوارع عدن من أجل سد الفراغ في المواصـلات بسبب هذا الحصار الخانق! .

لذلك فإننا نعزو نجاح الجانب الأمنية إلى تضافر جميع الجهود بين أفراد المقاومة والحزام الأمني والعمل المخابراتي بالتعاون مع دولة الإمارات خاصة، والأهم من كل ذلك هو وحدة القرار والقيادة في الملف الأمني الذي سلم لأبناءه، فكان النجاح واضحا وجليلا.

أما جانب الخدمات فكان يستخدم كورقة سياسية وضغط وإبتزاز للمواطن، من قبل حكومة المنفى وأطراف لا تريد لعدن الهدوء، حتى تحقق شروطها، باعتبارها الورقة الوحيدة التي تملكها، لذلك لو تتابع كلمة الدكتور بن دغر التي القاءها مع أعضاء حكومته وبوجود المحافط وبعض القيادات العسكرية والأمنية، فإنه ركز على موضوع الترحيل للأشخاص الذين لا يحملون أوراق الثبوتية، باعتبارها القضية الأولى بالنسبة له ولحكومته، بينما حاول إن يمر على معاناة الناس وهمومهم وجراحاتهم ودماء الشهداء، وتوجيه الشكر للمقاومة ولأهل عدن مر مرو الكرام ولم يتطرق لها الا قليلا ولم بنبس ببنت شفاه حولها.

لذلك نختصر ونقول إن الملف الأمني عندما كان بيد المقاومة والمخلصين والبسطاء من أبناء شعبنا الجنوبي رأينا النجاحات الكبيرة تتحقق كل لحظة برغم صعوبته وتعقيداته، ورأينا في المقابل الملف الخدمي وما صاحبه من إنهيار وتدهورا وتراجعا بل استخدم كورقة عذاب متعمدة وسوط جلاد يضرب به المواطن البسيط بسبب مواقفه السياسية من قضيته الجنوبية، فرأينا الفشل الواضح، سواء كان متعمدا وهو الأرجح أو بدون عمد، لذلك فإن أي نجاح لهذا الملف لا بد إن يكون عبر حكومة المنفى ولن يسلم للسلطات الأمنية في عدن، لإنهم يدركون إن أي نجاح يتحقق على أرض الواقع سوف يرفع من أسهم المحافظ وممن حوله، لذا رأينا توقيع الإتفاقية بين وزير الطاقة اليمني مع نظيره الإماراتي بعيدا عن المحافظ الذي كان يتمنى إن يقدم أكبر خدمة للناس في عدن بعد طول معاناة أرهقته وكاد يفقد الأمل في كل شيء لو لا رحمة الله عز وجل ومتشبثا بالأمل القادم رافعا شعار التحدي والصمود والتضحية ومرددا.

أعلل النفس بالآمال أرقبها ** ما أصعب العيش لو لا فسحت الأمل.