fbpx
خالد بحاح يكتب ..أطفال اليمن بين الحقيبة المدرسية والكلاشنكوف
شارك الخبر
خالد بحاح يكتب ..أطفال اليمن بين الحقيبة المدرسية والكلاشنكوف

أ.خالد بحاح

لا زالت ذاكرتي تستعيد ذلك المشهد لذلك الطفل البريء ذي الأربعة عشر عاما بين زملائه الأطفال، ضمن مجموعة من الحراس الذين زرعتهم ميليشيات الحوثي حول منزلي في صنعاء ابان فترة الإقامة الجبرية في 2015، والأكثر دهشة تلك الإجابة الصاعقة التي أجاب بها هذا الطفل، عندما سأله أحد حراسي الشخصيين: لماذا انتم هنا؟ فقال نحن نجاهد في سبيل الله! تلك الحادثة من تلك الأيام الخالية بمرارتها، خطرت على بالي مجددا وانا أطالع ذلك التقرير الصادم الذي صدر عن هيئة الأمم المتحدة يوم الجمعة الثالث من يونيو (حزيران) الحالي!
لقد أذهلتني جرأة معدي التقرير في تجاوز وقائع تجنيد ميليشيات الحوثي لآلاف الأطفال اليمنيين واستخدامهم كوقود لمعارك عبثية.. في الوقت الذي يتسابق فيه نظراؤهم في بقية دول العالم لتحصيل الدرجات العلمية، وممارسة هواياتهم ورياضة كرة القدم في الحدائق والمتنفسات العامة، وينتظرون بفارغ الصبر ليلة العيد ليحتفلوا مع ذويهم وينثرون البهجة والفرح في المجتمع !
التعليم والرياضة والفرح.. كلها تفاصيل لا يعرف عنها الطفل اليمني كثيرا، وان كان سعيد الحظ ووجد فرصة تعليمية، فلن يجد المناخ الملائم للتفكير في الكراسة والأقلام والحقيبة المدرسية! فتلك في نظر من يقودون ذلك العبث من صنعاء تفاصيل غير ضرورية لحياة الطفل اليمني، وللأسف انه يبدو ان تلك الوقائع لم تؤثر كثيرا في من وقفوا خلف تقرير منظمة هيئة الأمم المتحدة! فلا شك ان استبدال تلك الحقيبة المدرسية بسلاح الكلاشينكوف، هو جريمة كبرى في حق الطفولة، فكيف بتقرير أممي معتمد وقد تحدث عن مقتل أكثر من عشرة آلاف طفل منذ أن خاضت جماعة الحوثي أولى معارك صراعها مع الجيش عام 2004، تلك جميعها مؤشرات مفزعة لتحولات تجري بالأرقام تؤكد أن أجيالا قادمة ستأتي تحمل تراكمات واقعنا الحاضر.
إننا حقاً كنا أمام «صدمة» تقرير الأمم المتحدة الذي ترك لنا أن نتساءل طويلاً عن مصير الآلاف من الأطفال الذين كانوا وقوداً لحرب اشعلتها جماعة، لم تجد حرجاً في أن تصنف مخالفيها في موقع الضد، وتعطي الأوامر العُليا لإطلاق رصاصات الموت الأخيرة على خصومها، لكن الجريمة عند ذلك الطفل الذي أصبح يمتلك السلاح، ويمتلك الرصاصة، ويمتلك حتى الأمر بإطلاقها على الآخر، من دون أن يمتلك الوعي الكافي والتعليم اللازم للتمييز، فالطفل هنا أصبح أداة قتل، ونحن ضحية لذلك الطفل ..!!
بعد تحرير عدن في 17 يوليو 2015، تكشفت لنا واحدة من فظائع هذه الحرب، فالأطفال المقاتلين الذين تركتهم الميليشيات خلفها أسرى، كانوا يمثلون وجها عابسا من تلك الوجوه البائسة في الوطن، ملابس ممزقة، وبطون جائعة، وعيون مرتعبة، طفولة منتهكة بكل ما تحمل الكلمة من معاني، وقد تعاملت السلطات المحلية والتحالف العربي مع هؤلاء الأحداث عبر برامج خاصة قدمها مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية، والهلال الاحمر الاماراتي، عنت بإعادة بناء هذا الطفل وتأهيله من خلال خبراء في هذا المجال. وقد حرصنا والتحالف العربي سويا على التأكد ان لا يتم التعامل مع هؤلاء الصبية كأسرى حرب، وان نعمل سويا للتأكد من إعادتهم الى اسرهم وذويهم.
ونحن نستعيد تلك الأحداث التي كنا عليها شهودا، نتساءل عن مدى انصاف هيئة الأمم المتحدة لمن يستحقون لأنصاف في هذه الواقعة التي تغاضى عنها تقريرها الصادم قبل أن تتم مراجعته وإزالة التحالف العربي منه.. فالذي لم يفرق بين نموذجين أحدهم هو المسؤول الرئيسي بشكل متعمد في جعل الطفل جزءا مشاركا بفاعلية في اتون هذه الحرب.. ومساواته بمنظومة التحالف العربي العسكرية والسياسية والإنسانية ذلك التحالف، الذي لعب الدور المهم في تخفيف معاناة الشعب اليمني وإعادة مظاهر الدولة اليه.
تراجع الأمم المتحدة يوكد مدى الحاجة الفعلية لنقل مكاتبها من جيبوتي إلى مدينة عدن الآمنة، ليتمكن ممثلو المؤسسة الأممية من مباشرة مسؤولية توثيق ورصد الانتهاكات بشكل مباشر وعن قرب، فالتوثيق والمحاسبة مدخلان صحيحان لبناء وطن صحيح متصالح مع نفسه.
* الشرق الاوسط

أخبار ذات صله