fbpx
متى توجه الأمم المتحدة الإدانة للشرعية في اليمن؟- د. أحمد محمد قاسم عتيق
شارك الخبر

متى توجه الأمم المتحدة الإدانة للشرعية في اليمن؟

 

*طفح الكيل بالأمم المتحدة وبدأ صبرها ينفذ أمام تحركات الشرعية بهدف استعادة الدولة واستقرار اليمن وتحقيق السلم والأمن الاجتماعيين في هذا البلد الذي لم يشهد لحظة استقرار منذ أن صعد المخلوع إلى سدة الحكم فكان سبباً في خروج اليمن عن المتصلات الحضارية ، عجلة التنمية، النهضة الثقافية ،الحراك الإنساني الفاعل في العالم ، وبدلاً من هذا أساء المخلوع وعصابته المتحالفة معه الآن إلى حضارة اليمن وتاريخه ،وأظهر اليمنيين أمام العالم المخلوع بوصفهم متسولين .

وحينما أراد اليمنيون أن يثأروا لحضارتهم ، وكرامتهم ،وأن يكسروا قيود التشويه والإساءة لتتجمل خريطة العالم بوضوح جمال الصورة لليمن السعيد من جديد ، وكاد اليمنيون أن ينجحوا في ذلك لولا تدخلات الأمم المتحدة وتأثيرات أدواتها القوية عبر ممثليها على سير الأحداث لصالح غير السلم والأمن المنشودان عند اليمنيين .

تطورت الأحداث وانقلبت الآية من تأييد لمطالب الشعب اليمني من خيانة لها عبر مفاوضات جانبية وتحت الطاولة، مكيال سياسي قذر يغلب عليه النفاق فها هم في مجلس الأمن الدولي والدول دائمة العضوية تعلن باستمرار تأييدها للشرعية واستعادة الدولة في اليمن وكأنها تريد امتصاص غضب اليمنيين وتخديرهم موضعياً كي لا يشعروا بالألم لأن هذه الدول من تحت الطاولة تمارس نقيض ما تعلن وتحشد أدواتها الكاملة لتحقيق مكاسب سياسية خاصة وهي ترى أن ذلك لن يحدث إلا عبر تمكين عصابات الحوثيفاشي من أدوات السلطة والحكم وهو ما حدث حتى سقطت الدولة بيد هذه العصابات .

ورغم إدانة الجميع لما حدث في اليمن إلا أن هؤلاء جميعاً يشتغلون وفقاً لقناعاتهم التي يحملونها المتمثلة بالقضاء على كل الطموحات المشروعة في أن تعيش اليمن دولة تحظى بالحرية والديموقراطية والتعدد والتنمية. وهذه القناعات ما كنا نشعر بها ونلمسها لأن القرارات والبيانات المتلاحقة لخارجيات الدول في الأمم المتحدة وخاصة منها المتحكم بالقرار الأممي بل إن جميع قرارات مجلس الأمن وبياناته الرئاسية تدعم حق الشعب اليمني في استعادة سلطته وقراره بالصورة التي تمكنه من إظهار إبداعاته مقارنة بالأمم الأخرى وآخر هذه القرارات  2216 الذي صدر وفق للبند السابع لميثاق الأمم المتحدة وبعد أن اشتدت الأزمة في اليمن وسقطت الدولة وانفلت الوضع إلا من إدارة المليشيات العشوائية التي استنزفت خيرات البلد واحتياطياتها ومارست بسلوك غير مسبوق التدمير الممنهج للعملية التعليمية سواء في المراحل الأساسية أو التعليم العالي ، وهي في هذا الموضع لم تحترم قانوناً ولا عرفاً ولا معايير أكاديمية مما اسقط هذه المؤسسة في براثيم التخبط والجهل إلا من أناس مخلصين مازالوا يقاومون حتى تستعيد هذه المؤسسة روحها وفاعليتها .

أثقلوا الحمل على كاهل المواطن فانهارت العملة الوطنية ،وشحت الموارد ،وارتفعت الأسعار بطريقة فاقت خيال وتوقعات المواطن الفقير المسحوق أصلاً في معيشته وأمنه الاقتصادي .

فالمسيرة القرآنية التي جاءت لتخفف الأعباء قد أثقلت وافتضحت طروحاتها ومبرراتها وتكشفت عند المواطن عن وهم أرادت هذه العصابات الوصول عبره إلى الاستحواذ على البلد.

دور الأمم المتحدة عجيب وغريب كان مبعوثها الأول في اليمن كما هو حال مبعوثها الثاني ولا أعلم كيف سيكون حال مبعوثها الثالث! إذ أن ممارساتهما يعيبها الكذب والخداع عبر تزييف وتضليل الوعي للرأي العام المحلي والعالمي وهذا ما عكس بطريقة سلبية في إجراءات الأمم المتحدة التي تمثلت في الآتي:

1_ تراجع مجلس الأمن والأمم المتحدة عن تنفيذ القرار 2216 وأحالته من التنفيذ عبر البند السابع إلى مجرد إحدى مرجعيات التفاوض.

2_ تحاول الأمم المتحدة عبر مبعوثها الأممي إفراغ مضمون القرار ،وطرح مبادرات بديلة في مفاوضات جانبية في أكثر من مكان وعبر استخدام تأثير بعض الدول الدائمة على المتحاورين في مشاورات الكويت وغيرها بغرض الوصول إلى شرعنة الإنقلاب وتسليم السلطة رسمياً إلى الإنقلابيين بمشاركة طرف الشرعية وعلى التساوي في النسبة50% لكل طرف . رغم أن المفترض معاقبة هذه الميليشيات وتحميلها المسؤولية عما حدث من دمار اقتصادي ،وثقافي تمثل في تدمير البنى التحتية فضلاً عن إحداث شرخ إجتماعي عميق يحتاج اليمن إلى عقود حتى يتجاوزه.

3_ ها هي الأمم المتحدة تضم التحالف الذي يدافع عن الشرعية في اليمن إلى القائمة السوداء ضاربة عرض الحائط كل مواثيقها وأدبياتها وطروحاتها وإعلانها التي تتضمن جميعها الوقوف إلى جانب الشرعية وهذا الموقف مؤسف لأنه يزعزع الثقة ويدمرها بين اليمنيين كشعب والأمم المتحدة بوصفها مؤسسة ترعى حقوق الشعوب والبلدان وفقاً لدساتيرها وقوانينها وقواعد الاستقلال .

4_ تصريحات الخارجية الأمريكية والبريطانية مضمونهما يؤكد أن المليشيات مجرد حمامة سلام تحمل الخير للوطن والعالم ،ولذلك يبرؤونها من كل ممارساتها و سلوكياتها التي هي فقط تنتمي إلى أخلاق العصابات . وهذا أمر غير مستغرب فإن البريطانيين والفرنسيين عبر المبعوث الأممي السابق قد مارسا ضغطاً غير عادي في إدخال ميليشيا الحوثيفاشي إلى الحياة السياسية بنسبة تفوق حجمها وإمكانياتها وتواجدها .

5_ التغاضي من قبل الدول الدائمة في مجلس الأمن عن تهريب السلاح وإن كان يعلن بين فترة وأخرى احتجاز سفينة إيرانية وتحذير من الاستمرار في هذه العملية إلا أن الواقع يقول أن عصابة الحوثيفاشي بعد عام وشهرين من الحرب مازالت تقاتل بقوة عبر إمكانيات متجددة في الأسلحة وهذا يدعو للتساؤل والاستغراب؟!.

كما أن تواجد بعض السفن الحربية الإيرانية في خليج عدن وفي البحر الأحمر يثير التساؤل إذ أن المياه الإقليمية لهذه الدولة حدودها معروف وليست ضمن التحالف العالمي في محاربة القرصنة التي تمارسها هي أصلاً.

هذا كله يدعونا للتعجب والانتظار لموقف الأمم المتحدة وهو غير مستبعد في إدانة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي والمقاومة بعد أن أظهرت الأمم المتحدة وبعض الدول فيها سلوكاً معيباً وغير مقبول في التغاضي عن جرائم القتل التي تقوم بها عصابة الحوثيفاشي يومياً في كل المحافظات المشتعلة وخاصة تعز التي تنال الحقد الأوفر من هذه العصابات فيقتل أطفالها ، ونساؤها، وشيوخها، في كل مكان . وتغاضي أيضاً عما أحدثته عصابة الحوثيفاشي من تدمير للمدارس والمساجد ومنازل المواطنين فهي لا تستهدف المواطن فقط وإنما هي تستهدف محو الهوية الدينية الوطنية الثقافية لتسود فقط الهوية المشوهة المنبثقة عن الحوزة في قم من أجل تحقيق الطاعة العمياء للمرشد.

ويل لهذا العالم كم يمارس من الجبن ويظهر سوءاً في الأخلاق أمام لحظات تاريخية يجب أن يكون فيها الموقف له واضحاً وصريحاً ومن دون مواربة إلى جانب الحق والحرية التي يرفع شعارهما، ولكنه يمارس الخسة في خيانتهما .

 

د. أحمد محمد قاسم عتيق

أخبار ذات صله