fbpx
بأي ذنب قتلت- بقلم :عبدالقادر زين بن جرادي
شارك الخبر
بأي ذنب قتلت- بقلم :عبدالقادر زين بن جرادي
هل كتب الشقاء على درة المدائن وعروس الموانئ ؟
انها عدن المدينة التي سبقت كل المدن في تمدنها وتحضرها ورقيها وإزدهار ، حينما كانت غيرها قرى صغيرة ذات مباني طينية وخيام وبرية . اضاءت حينما كان الظلام يسود كل من جاورها ، كانت الأولى في معظم التحضر الحديث في منطقة الشرق الأوسط ، أذاعة ، تلفزة ، شوارع ، صرف صحي . كانت قبلة التجار ، وبورصة رؤوس الأموال ، ومحطة التجارة العالمية ، مرسى البواخر ومأمن كل خائف ، وملجاء كل وطني ، أنشودة كل فنان ، ملهمة الشعراء ، حديث السمار ، هواها حوى كل فن ، سواحلها استراحة كل مهموم ، تعزف أمواجها عذوبة الألحان ، وتسرد نسماتها أروع الأشعار . عدن المدينة الفاضلة ، دار الزمان على الدرة الثمينة من يد فحام الى يد فحام أصر على أن يردها قرية صغيرة على شاطئ بحر منسي . ونحن في ثورة التشداق ، ورفع الشعارات ، واحاديث المدح والتمداح ، نمضي من حديث عقيم إلى حديث أعقم ، ننسج في عالم الخيال الا واقعي أحلام اليقظة التي لا تعمر الا صرح من رمال تذروها الرياح . نعض البنان ونحتسي العبرات ونذرف مر الدموع على درة المدائن . نقف متفرجين وهي تحتضر بين حر الصيف ، وظلام الليل ، وجشع التجار ، وعبث المفسدين ، وقسوة المتنفذين . بل بأيادينا يخربونها ، وبأبنائنا يغتالونها . يريدونها تبات مسجية على سريرها المصنوع من عيدان السمر  والعزف ، في عشة مبنية من عسف النخل . ونحن نردد لا يعنينا فعلهم . نجيد لغة تصنيف فلان وفلان ، ونخون زيد وعبيد ، ونتلامز بالألقاب ، نعترك في مضمار التسابق على المناصب والبحث عن الوجاهات مستخدمين كل الوسائل بالوصول للسلطة حتى بعض إيادي الخير لهم في عصا موسى مأرب اخرى ، ونلهث خلف الغنائم والفيد ، متناسين أن الأوطان تبنى بالعلم والسواعد ، وبالصبر والثقة ،  وقوة الإيمان ، الا نتقي يوما فيه نسأل عن عدن ……. بأي ذنب قتلت ……
عدن التي كان يتهافت عليها الأثرياء أصبحت تقتات فتات فضلات منطقة الثراء والغني ، فلا أعلم في التاريخ فعلا أشنع مما يفعل بعدن غير حرق نيرون لروما ، وهمج التتار ببغداد الرشيد .
عدن ستظلي عدن وأن لبسة اساميلها البالية ، او نحل جسمها وهزل ، وفتك فيها المرض ، لكنها ستظل عدن خاليه من البرص ، ومن بثور الجدري ، وسعال الدرن .   مثال من أنصع تاريخ الأمة الإسلامية أذكر فيه  من كان في قلبه ذرة إيمان واخص بها اخوتنا وأحبتنا الذي وقفوا مع عدن في كسر قيدها . رحم الله الخليفة عمر ابن عبدالعزيز حفيد الفاروق رضي الله عنه حين أمر بنثر القمح على قمم الجبال ، قيل : ولما يا عمر ؟! قال رحمه الله : لكي لا يقال أن الطيور تموت جوعا في بلاد المسلمين .
أخبار ذات صله