fbpx
أجنحة ترفرف .. وطن يحلّق

بقلم/ هاني مسهور

للجنوب جناحان.. جناح عدن وجناح المكلا.. بين 14 يوليو 2015م و 28 أبريل 2016م كانت مسافة انتظار طويلة.. من تحرير عدن إلى تحرير المكلا.. قد كانت مرحلة مجرد مرحلة انتهت بحقيقة تحرير الجناح الحضرمي ليحلق الطائر الذي ظل مسجوناً.. مأسوراً.. وأيضاً معتقلاً على مدار سنوات مشمولة وكذلك محمولة بالألم.

الثالث من أبريل 2016م حمل مفاجأة مدوية، تعيين علي محسن الأحمر نائباً وأحمد عبيد بن دغر رئيساً للوزراء، إقالة خالد بحاح وإبعاده عن المشهد السياسي على بُعد مسافة أسبوع من دخول الهدنة في السابع من أبريل، كان الهدف بشكل مباشر من هذه التعيينات وضع العصا في الدولاب، فلن تتحرك العربة في السابع عشر من أبريل مع انطلاق مؤتمر الكويت، وهذا ما حدث تماماً، تأخر وصول وفد الحوثيين والمخلوع صالح حتى الحادي والعشرين من أبريل وكان على المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن يخترع اختراعاً ليحقق تحريكاً لتلك العربة التي عطلها الرئيس عبدربه منصور هادي عبر تلك التعيينات.

الجمود السياسي هو سيد الموقف في الأزمة اليمنية على رغم أن سفراء الدول الثماني عشرة يحاولون إيجاد ثغرة ولو صغيرة ينفذون منها قبل أن ينفذ منها اليمنيون، تلك الحالة من الانسداد السياسي في مؤتمر الكويت لم تنعكس على خطوات أخرى كانت تجري خلف الأطراف اليمنية التي مازالت تراهن على أن خيار الحرب هو الخيار الوحيد الذي على دول الإقليم أن تخوض فيه.

بمفاجأة القوات السعودية والإماراتية الخاصة تنفذ (أدق) عملية عسكرية في مكافحة الإرهاب الدولي، إنزال مظلي للقوات الخاصة على ميناء الضبة النفطي في المكلا، وإنزال آخر على مطار الريان الدولي، وثالث على المؤسسة الاقتصادية التي كانت مقراً لقيادة تنظيم القاعدة الذي كان قد احتل المُكلا في الثاني من أبريل 2015م، احتاجت القوات السعودية والإماراتية إلى أقل من ثلاث ساعات فقط لتنهي هذه العملية الخطيرة، ومن ثلاثة محاور دخلت قوات النخبة الحضرمية للمُكلا لتطارد فلول المجرمين المتطرفين الذين لم يجدوا سوى الفرار بعباءات النساء.

في 28 أبريل 2016م اعلنت القيادة السعودية والإماراتية إتمامها السيطرة الكاملة على ساحل حضرموت، وأعلنت انطلاق المرحلة الثانية من تمشيط حضرموت، لم يكتمل المشهد حتى الآن ففي الخامس من مايو خالد بحاح يلتقي ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبعدها بيومين فقط يطير إلى دار زايد ويلتقي بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وما لم تتوارده الأنباء أن الأمير والشيخ وبحاح تبادلوا التهاني بنجاح تحرير العاصمة الحضرمية المُكلا.. فالإمارات قامت بتدريب القوة الحضرمية، والسعودية كانت تسير الخطوة بالخطوة لتحقيق الغاية والهدف.

في الطرف المقابل استيقظ أحدهم من النوم بخبر تحرير المُكلا، وتلقى أحدهم الخبر كالصاعقة، ولم يستفق الاثنان معاً حتى تلقيا صفعات متواليات بلقاءات بحاح في الرياض وأبوظبي، ووصول القوة الجنوبية من الضالع، وتدشين الإغاثة في حضرموت، وبداية الحملة الأمنية في العاصمة عدن، كل هذا يجري وجناحا الجنوب في دولة الإمارات العربية المتحدة، سقطت كل عورات الأحزاب السياسية اليمنية، وباتت حقيقتها، بل فضيحتها في الكويت على مرأى ومسمع من كل العالم.

حقيقة كاملة.. ومشهد صادق.. عدن بيد رجالها.. المُكلا بيد أبطالها.. جفت الصحف.. رفعت الأقلام.. الحقيقة الطادقة، هي عنوان نحو وطن يتحرر، وطن ينجز خطوات وأن كانت متثاقلة غير أنه يسير إلى الأمام، خطوات رأتها الرياض بعينيها، وراقبتها الإمارات بفرح وكذلك بافتخار، من باب المندب إلى المهرة هي مُلك كامل لأمة العرب، لأبناء العرب، وتبقى في التفاصيل الصغيرة ما يمكن البث فيه وإن كان محظوراً.

تبدو المسألة الشائكة ليست عند الجنوبيين، وليست مع عواصم الإقليم، الشائكة والمعتكرة في شمال اليمن بقبائله، ومذاهبه، وتبّاته، ومعاركه الممتدة لألف سنة من ما مضى على الأرض وما عليها، الارتهان الخاطئ كان ولا يزال وسيبقى عند اليمنيين في اعتقادهم أنهم يعرفون كيف يلعبون البيضة والحجر، هذا الاعتقاد هو يقين عندهم يتلفه أن لدى المقاتل في عدن والمُكلا عقيدة أصيلة فهو عربي لا يرتضي في أرضه غير الكرامة والشرف.

فصل المقال

كان بياناً للناس، والناس على قدر عقولهم، والناس على قدر عزومهم، وعلى الناس ملك للحزم شديد بأس، إن كان في الهوى شيطان فله آيات الرحمن، وإن كان في العقل ميزان فله ملك اسمه سلمان.