fbpx
حصار غزة وحصار عـدن !كتب/محمد بن زايد الكلدي
شارك الخبر
حصار غزة وحصار عـدن !كتب/محمد بن زايد الكلدي

هناك في غزة هاشم حيث مربض الأسود وقلعة الصمود، ودرة البحر المتوسط، هناك يحكى عن مأساة إنسانية وقصة شعب عظيم شرد من وطنه وحوصر في أرضه لإنه رفض المطالب الصهيوني والشروط الإنهزامية التعجيزية، هناك حيث تموت الناس واقفة ومبتسمة، هناك حيث حصار المعابر والسواحل والمطارات، هذه هي غزة الصمود، كل العالم قد سمع بأنينها وألمها ومصابها الجلل، ولكنها رفضت الدنية ورفع راية الإستسلام، وفضلت الموت بعزة وكرامة خير لها من حياة الذل والهوان والإنكسار.

وإذا عرجنا إلى مدينة الأحـلام، وعاصمة الثقافات، إلى عدن الحزينة التي لا زالت تلملم جراحها وتمسح الدمع عن صغارها، عدن التي قدمت للإنسانية جمعا معنا التعايش والتسامح والتصالح، عدن التي كانت ذات يوما محطة التزود بالوقود للبواخر والسفن العابرة بين قارات العالم، وكان عبر مينائها توزع السلع والبضائع إلى كل دول الجوار.

هذه هي عدن اليوم نراها وقد توشحت بالسود، ولبست ثوب الحداد، وخيم الحزن على محياها الجميل،.

عدن التي وقفت في وجه العدوان الحوثي عفاش، ورفضت الخنوع والإستسلام، وقاومت المحتل وصبرت على الحصار وقدمت خيرة رجالها وشبابها شهداء في سبيل الحرية والكرامة، وأن لا ترفع راية المجوس على مبانيها.
لماذا كل هذا الحصار وكل هذا التنكيل والعذاب لمدينة كان من المفترض أن تكون أنموذج يحتذى به في بناء الوطن الغائب، عدن التي نالتها يد الغدر بأكثر من عشرين مفخخة وعشرات العبوات الناسفة ويتم اغتيال رجالها في الشوارع، ويتم سجن بعض دعاتها وشباب مقاومتها، وما إن بدأت تتعافى في الجوانب الأمنية الا اذا بها تحاصر برا وبحرا وجوا، ويمنع عنها الماء والكهرباء التي أتت على كل شيء فالمرضى والأطفال وكبار السن يتصارخون فيرتد الصدى من جبل شمسان الشامخ، المرض القاتل يفتك بأهلها، حمى الضنك دخلت كل بيت في عدن وقتلت أعداد كبيرة من البشر ما يقرب من عدد شهداء الحرب، والمجاري تمشي فوق الارض والقمامة مكدسة في الشوارع.
بعد كل هذا الموجز عن العاصمة عدن نتسائل من هو المسؤول الأول عن تردي الأوضـاع بهذه الصورة؟ من يقف وراء حالة التدهور ويستخدم الفيتو تجاه أي عمل يساعد على إنتشال عدن مما هي فيه؟
هل يعقل إن يعجز الرئيس هادي وحكومة المنفى ومن خلفهم الخليج الغني بالبترول والمشتقات النفطية والمازوت من إيجاد حل لأزمة الكهرباء؟!
نحن على يقين تام أن الموضوع لعبة سياسية تستخدم ضد أهلنا في عدن من أجل إخضاعهم وكسر إرادتهم، وترحيل الناس منها كي يعودوا إلى قراهم وأريافهم، كي يتنسنى بعدها تمرير أي مشروع سياسي مقابل عودة الخدمات والحياة إلى العاصمة عدن، أي استخدام سياسة المقايضة .

ما يحز في النفس ويبعث عن الحزن والأسى إن عدن أصبحت تعامل وتحاصر كمدينة غزة الصامدة، ويطبق عليها سياسة التجويع والحصار وخنق المواطن كما حصل مع أهلنا في غزة، ولكن الفارق إن غزة تحاصر من قبل عدوها الأول وعدو العرب والمسلمين وهو الإحتلال الصهيوني، بينما عدن تحاصر من بني جلدتها ومن أبناءها الذين عاشوا فوق ثراها ودرسوا في مدارسها وتشبعوا بثقافتها، وكما قال الشاعر.

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ** على المرء من وقع الحسام المهند.

اللهم كن لأخواننا المستضعفين والمرضى والمساكين في عدن مؤيدا ونصيرا ومعينا.

 

أخبار ذات صله