fbpx
تفجيرات عدن والتكامل بين المجرمين

بقلم/د. عيدروس نصر ناصر

أضافت تفجيرات عدن يوم الاثنين 23 مايو حالة من الحزن إلى الأحزان السابقة المتواصلة منذ وفد إلى عدن (الوحدويين العظماء) الذين بوجودهم فقدت عدن كل شيء من مؤشرات العصر ابتداء بالدواء والغذاء النقي ومياه الشرب النظيفة حتى الأمان والقضاء العادل وحقوق المواطنة، دعك من الكماليات التي كان ابن عدن يعتبرها من الحاجيات اليومية وفي أحيان ليست قليلة من الضروريات، أعني هنا رحلات الترفيه والاحتفالات الفنية والمسرحية ومشاهدة الأفلام السينمائية وغيرها.

ليس هذا وقت الحديث عن الكماليات وحياة الترف، إنه وقت الحزن الذي لا بد أن كل من يتمتع بقدر من الحساسية البشرية العادية قد عاشه وهو يشاهد الدماء والأشلاء والجراح والتدمير ودخان التفجيرات يصعد في السماء والناس يقفون عاجزين أمام هذا الشر المستطير الذي يحيط بحياتهم من كل الجهات وفي كل الأوقات.

ستبعث تفجيرات عدن الفرحة والغبطة لدى الكثيرين من أدعياء نصرة الحقيقة أو حتى أنصار الشرعية الذين لا يريدون أن يروا نجاحا يحقق في عدن، وشخصيا قرأت العديد من المقالات والمنشورات التي سارعت في تحميل المسؤولية السطة المحلية في عدن واتهمتها بالتقصير، ووصفت قيياداتها بالطيش والتهور والحمق، وحتى حسن نصر الله (الذي يفترض أنه مشغول بمواجهة العدو الصهيوني!) كان قبل أيام يتباكى على الأمن في عدن وجنوب اليمن ويعيد كل الانهيارات الأمنية في الجنوب إلى مقاومة الحوثيين وإخراجهم من الجنوب، وهو بذلك يقول لنا هذا جزاؤكم لأنكم دحرتم أصحابي من عدن وألحقتم بهم شر هزيمة.

وشخصيا لا أرى فرقا بين هذا القول وبين المثقف المدني الوحدوي وحتى المؤيد للشرعية الذي يرى أن السبب في ما تتعرض له عدن ومدن الجنوب من أعمال إرهابية سببه تعيين قيادات شابة تنتمي إلى المقاومة الجنوبية في إدارة تلك المناطق، وتلك التبريرات الاتهامية لا تريد أن تقول الحقيقة والتي فحواها:

  • إن القيادات الجنوبية الجديدة قد تسلمت مناطق خالية من كل عنصر من عناصر مقومات الدولة، وإنها بدأت تبني كل شي من الصفر.
  • وإنها لا تحارب الإرهاب المعلن والمتمثل بالقاعدة وداعش ومرادفاتهما، بل وتواجه جيش الجمهورية العربية اليمنية بعدته وعتاده ومعه أجهزتها الأمنية والاستخبارية مضافا إلى كل ذلك ميليشيات الحوثيين المتدربة على الخبرات الإيرانية في القتل والتفجير ونشر الرعب وزراعة الألغام.
  • إن داعش (سواء كانت الحقيقية أو المزيفة) وأخواتها ليست سوى ذراعا من أذرعة تحالف الحوافش مثلها مثل جهاز الأمن القومي أو الأمن السياسي أو الأمن المركزي أو الحرس الجمهوري.
  • إن داعش لم تفجر في أي منطقة من مناطق سيطرة تحالف الحوافش، ما يؤكد أن هذه الأطراف الإرهابية تنشط بصورة تكاملية ومنتظمة والعمل على تحقيق هدف هو مشترك واحد وهو: خلط الأوراق وزعزعة الأمن وقتل الاستقرار وعرقلة أية نجاحات تحققت أو قد تتحقق في مجال تثبيت الأمن وتقديم النموذج الأمثل لمؤسسة حكم تعبر عن روح الشعب وتتبنى قضاياه وتنتمي إلى طبقاته الشعبية المعروفة بنزاهتها وتجردها من الأنانية وفدائيتها واعتزازها بقيم الشرف والكرامة والعزة، ومعاني العدل والحق والمواطنة المتساوية ومقارعة الظلم واظالمين.

رحم الله شهداء 23 مايو وكل ضحايا الإرهاب والعنف في كل مكان واللعنة الأبدية على المجرمين والقتلة وكل من يتعاطف معهم أو يتستر على جرائمهم.

ولقيادة السلطة المحلية الإدارية والأمنية والعسكرية نقول: صحيح أن الجرح بالغ والألم مرير لكن يجب أن لا تثنيكم هذه الجرائم عن مواصلة تنفيذ الخطة الأمنية حتى مبتغاها، وتعلموا من الثقوب والثغرات التي يتسلل منها المجرمون حتى لا تتكرر هذه الجرائم مرة أخرى واعلموا أن هذه الجرائم لم تكن لترتكب إلا لأن الخطة الأمنية أصابت أهدافا قاتلة أجبرت أصحابها على الانتقام.