fbpx
عن الإجراءات الأمنية ومنع القات وأشياء أخرى

ياسر اليافعي

احداث متسارعة شهدتها الساحة في عدن، خلال الأيام الماضية كان ابرزها الإجراءات الأمنية لتحقق من الهوية، و منع القات من الدخول الى عدن أيام العمل والسماح بدخوله اثناء الاجازة الرسمية ” خميس وجمعة ” وأثارت هذه القرارات الكثير من الجدل سواء في الشارع الجنوبي وحتى اليمني، بل وصل الأمر الى تداول واسع للقرارات في الاعلام الخارجي، والتي يرى الكثير من المتابعين انها قرارات لها اهداف سياسية محلية وخارجية ودلالات تتعلق، بطبيعة القضية الجنوبية وجوهرها، في وقت حساس وبالتزامن مع مفاوضات الكويت التي استبعدت طرف مهم وهو الطرف الجنوبي المسيطر على نسبة كبيرة من الأرض .

فيما يخص الإجراءات الأمنية :

من وجهة نظري هي خطوة متأخرة وكان المفروض ان تبدأ بعد الانتصارات التي تحققت في المحافظات الجنوبية ولا سيما عدن، لكن لأسباب كثيرة أهمها تعمد تعطيل وتأخير قرار دمج المقاومة والمماطلة في هذا القرار، ساهم بوجود ثغرات كبيرة وخطيرة، استغلتها جماعات مختلفة لتنفيذ عمليات اغتيالات وتفجيرات وربما التخطيط لإحداث فوضى من داخل عدن بالتزامن مع الحشد والتحريض ضد الجنوب بحجة محاربة الامريكان .

الحرب على الجنوب لم تنتهي، ومازالت مليشيات الحوثي وصالح تحشد على الحدود وفي كل الجبهات، وبالتزامن مع ذلك حملات تحريض واسعة تقودها وسائل اعلام ورجال دين في صنعاء ضد الجنوب، ودعوات لحرب جديدة عليه بحجة محاربة أمريكا وإسرائيل ! مستغلين الغباء والجهل والأمية التي تعصف بالشمال، لذلك انا مع إجراءات التحقق من الهوية وعدم السماح لأي شخص مجهول الهوية البقاء في عدن وممارسة أي عمل، من غير المعقول ان يأتي شخص من مناطق شمال الشمال او تعز او اب بدون هوية، بحجة العمل.

إضافة الى ذلك ان التحريض على الجنوب لم يأتي فقط من طرف ما يسمى الانقلابيين الحوثيين وصالح، بل اثبتت الحملة الإعلامية الأخيرة التي شنها نشطاء ومثقفون شماليون موالون للشرعية ان الشماليين بمختلف اطيافهم، لا يريدون لعدن ان تستقر بعيداً عن سيطرتهم ونفوذهم، لذلك كل طرف من القوى الشمالية يدفع بعناصره الى عدن استعداداً للحظة الصفر التي ربما تكون قريب بحسب كثير من المؤشرات، فهما اختلفوا الجنوب يوحدهم، هذا ما اثبتته الاحداث الأخيرة .

لكن !! نتمنى ايضاً ان لا تنحرف الحملة الأمنية عن مسارها الصحيح، من خلال الترحيل الجماعي حتى لمن لديه هوية وأثبتت التحقيقات ان لا علاقة بجماعات تخريبية او عناصر المليشيا، وانه مجرد تاجر او شاقي، اذا التزم بالنظام والقانون وحمل هويته !.

القات ومنع دخوله !!

قرار منع دخول القات الى عدن كان قرار مفاجئ، وجريء ونوعي بكل المقاييس، لذلك اثار الجدل وأحدث صدى اعلامي لدى المتابعين في الداخل والخارج .

القات احد أسباب التخلف المجتمعي بل سبب رئيسي للكثير من المشاكل التي نعاني منها، سواء المشاكل الشخصية او العامة، وهذا باعتراف متعاطي القات انفسهم، لذلك لا انكر اني كنت سعيد بهذا القرار، رغم اني اعتقد انه ليس وقته، ولكن قرار مثل هذا بحاجة الى جراءه وشجاعة في نفس الوقت، لأنه لو تم تحكيم العقل لا يمكن ولو بعد 100 سنة يتم تطبيق القرار .

محاربة ظاهرة تعاطي القات، في الواقع تحتاج الى استراتيجية شاملة، وامكانيات ضخمة، وحملات توعية شعبية في المدارس والثانويات والجامعات، بالإضافة الى استخدام الاعلام الرسمي في مثل هذه الحملات، والبحث عن بدائل اقتصادية أخرى لتجار القات، وهذا للأسف لم يحدث في الحملة الأخيرة، التي لم يكن هدفها منع القات ولكن نقل أسواق القات الى خارج عدن لأسباب امنية مثل ما ذكر القائمون على القرار .

المؤسف ان بعض المتضررين من قرار منع دخول القات، وبدل ان يعبروا عن رأيهم بشكل إيجابي، لجأوا الى مهاجمة الحزام الأمني المنتشر حول عدن والذي حقق العديد من الإنجازات، الواضحة سواء في مديرية المنصورة او مدينة الحوطة، وكذلك الجهود الكبيرة التي يبذلها جنود النقاط وتعريض حياتهم للخطر في أي لحظه، صحيح هناك ملاحظات على طبيعة التنسيق بين السلطات الأمنية في عدن وقيادة المحافظة، لكن لا يعني ذلك ان تنسف جهود الآخرين بحجة اعتراض على قرار صادر عن جهة تعمل على الأرض .

عموماً، يجب ان يدرك الجميع ان أبناء الجنوب قدموا تضحيات كبرى خلال السنوات الماضية، وانه آن الأوان ان تنعكس هذه التضحيات على الأرض بحيث يشعر المواطن في الجنوب والمراقب في الخارج ان هناك تغيير فعلي حدث على الأرض، وان الجنوب فعلاً قادم على بناء دولته بعيداً عن القوى التقليدية الشمالية التي تريد للجنوب ان يبقى في الفوضى حتى تحل مشاكلها وتعود مجدداً للسيطرة عليه .

التضحية مطلوبة، وتحكيم العقل والمنطق مطلوب ايضاً، والعزيمة والإصرار للانطلاق نحو مستقبل أفضل بعيدا عن ارث الماضي مطلوب ويجب ان يكون هدف الجميع في المرحلة المقبلة.