fbpx
صناعة الحب والإبداع

بين الحب والبغض، تبنى الحضارات وتسقط أمم، ويتولد وهج الإبداع، ويقاس نبض الحياة ، بين قوله تعالى ( فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله ) في المنافقين المتخلفين وقوله ( تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدوا ما ينفقون ) في المؤمنين الراغبين، مفاوز كبيرة، ومساحات شاهقة…
بنى المريني مدرسة جميلة ورائعة في قلب مدينة فاس العتيقة، وأنفق عليها أموال طائلة، وجلب حجارتها من ايطاليا، ومهندسيها من شتى العالم، وعندما انتقد في الكلفة الغالية التي دفعها …كتب عليها هذا البيت الرائع:
ليس لما قرت به العين ثمن ……لا بأس بالغالي إذا قيل حسن…
حين نقتنع بما نريد وتقر أعيننا بأحلامنا، ويصل إلى شغاف قلوبنا نذلل الصعوبات، ونبلغ الغايات…ونطوي المسافات…
تاج محل من عجائب الدنيا السبع، بناه الشاه تخليد لذكرى زوجته، واليوم أصبح معلما تاريخا يزوره سنويا ثلاثة مليون شخص..( الحب يصنع المعجزات)
حين نحب نعمل، وحين نرغب ننسى كل شيء، فالرغبة والدافع عنوان العمل، وصنع المعجزات…
شمس الدين آق المعلم الرباني طبع على قلب محمد الفاتح حب روما عاصمة القسطنطينية، ولم يصل الثلاثين حتى فتحها في جيش قوامه مائة وعشرين الفا.
تهون علينا في المعالي نفوسنا ….ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر
يصير الموت معشوقا ومرغوبا عند جيل الصحابة، ليس لأنهم لا يحبذون الحياة، ولكن لأنهم اقتنعوا أن الموت سبيل للقاء الأحبة، ( غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه…)
ثبت انس بن النضر في أروع المواقف البطولية، ليجد ريح الجنة قبل جبل أحد، فلم يكن يخاف الموت، بل يرغب فيه لأنه سبيل للقاء محبوبته الجنة…..
ضاع أحمد بن حنبل في رحلته إلى صنعاء ثلاث مرات، وعمل أجيرا، ولم يتوقف، وعندما عاتبه الناس لطول عمره في العلم قال كلمته الرائعة ( من المحبرة إلى لمقبرة…) ( حب العلم غاية عظيمة) .
طريق المربين صنع القناعات ونحت الغايات، فحينما يصل الحب القلب، يصير المستحيل ممكنا، والصعب سهلا….
وقف عقبة بن نافع على ساحل الأطلسي بعد أن فتح المغرب، وقال { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبين} أشتكى من البحر لأنه حال دون غايته ومناه.
إذا ما صبوت إلى غاية …ركبت المنى ونسيت الحذر ..
ولم أتجنب وعور الشعاب … ولا كبة اللهب المستعر..
د.عبد المجيد العمري