fbpx
عندما يتحد الانقلابيون والشرعيون في وجه الجنوب

د عيدروس نصر ناصر
يبدو أن الزوبعة الإعلامية التي يثيرها شركاء حرب 1994م ضد الإجراءات الأمنية في عدن ليست مجرد ردة فعل على أخطاء ربما تكون قد رافقت الحملة الأمنية الموجهة ضد الجماعات الإرهابية وعصابات القتل والتفجير والعدوان بجناحيها الداعشي والحوفاشي، وإن العملية (أعني الزوبعة) قد أعدت بعناية بحيث انبرى لها فريق كبير من الكتاب (والكتبة) ومن يسمون أنفسهم محللين سياسيين وصحفيين وأكاديميين ومثقفين وووزراء وأدباء وغيرهم، حتى بدا للمتابع من بعيد أن قيادات محافظة عدن ارتكبت جريمة ضد الإنسانية، بتطبيقها نظام إثبات الهوية على سكان عدن والوافدين.
في البدء وكما قلت لا بد أن نفترض أن أخطاء وهفوات وتصرفات حمقاء قد تصاحب تنفيذ حملة بحجم الحملة الأمنية في مدينة مثل عدن، دمر فيها كل شي ولم يبق فيها إلا عوامل صناعة الجريمة، ومثل هذه الأخطاء تحصل في كل الفعاليات المشابهة ويمكن أن تحصل في ظروف أكثر أمنا من الحالة التي تعيشها عدن بعد كل ما تعرضت له من قصف ودمار وتهتيك وسحق لكل معالم حضور الدولة والمدينة، لكن من الواضح أن الذين يتهجمون على الحملة الأمنية ويصورونها على إنها “تهجير” و”تصفية عرقية” و”عدوان جنوبي” على كل ما هو شمالي، يسعون إلى أمر آخر، غير انتقاد الخطأ الوارد في هكذا ظروف وفي هكذا مهمة، إنهم يريدون إلها السلطة الشرعية عن المعركة الحقيقية مع الانقلابيين وافتعال معركة جانبية مع من أعاد الشرعية إلى الواجهة بعد أن تخلى عنها جميع المطبلين وراحوا يهللون ويرحبون بقدوم أتباع “السيد” وأنصار “الزعيم”.
لا تستبعدوا أن ينبري محمد عبد السلام أو صالح الصماد ليتهم عيدروس الزبيدي وشلال شائع وكل المقاومة الجنوبية بالعمالة لإيران، بعد كل المفارقات التي نسمعها ممن رحبوا بالانقلاب ثم اكتشففوا أن لا مستقبل له فراحوا يؤيدون الشرعية لكن من خلال مهاجهة الأنصار الحقيقيين للشرعية ومن ردوا لها الاعتبار ومنحوها بقعة أرض تضع عليها قدميها.
هل هي الغيرة من الانتصار الذي حققته عدن وجاراتها بدحر الانقلابيين وإعادة رئيس الجمهورية والحكومة إلى عدن بعد أن تخلى عنهم الجميع، أم إنه الغضب من النجاحات التي تحققت في سحق جماعة داعش والقاعدة وإخراجهم كما أخرج شركاؤهم الحوافيش من عدن وجاراتها؟
من المؤسف أن مثقفا واحد أو كاتبا صحفيا واحدا أو محللا سياسيا واحدا لم يستنكر الحملة الشطرية الانفصالية العدائية تجاه الجنوب، تماما ككما كان الحال مع منكرات 1994م التي صورت على إنها منجزات وطنية وطبل لها الجميع وتغنى بها الجميع (ما عدا قلة قليلة آثرت الصمت تجنبا للتصادم مع حملة راية التهييج على الجنوب) .
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: ما العلاقة بين الحملة الإعلامية المسعورة ضد الخطة الأمنية لمحافظة عدن وبين الدعوات التي يوجهها قادة انقلابيون لشن الحرب على الجنوب وما يترافق معها من تحشيدات وتجييش باتجاه المحافظات الجنوبية؟
يبدو أن أنصار الشرعية وانصار الانقلاب قد اتفقوا هذه المرة على أن مصلحتهم تقتضي التوقف عن التنازع وتوحيد طاقاتهم باتجاه الجنوب لأن ما يوحدهم ضد الجنوب أكثر مما يفرقها باتجاه صنعاء، وإلا لكان الأمر قد حسم حزل صنعاء منذ أشهر إن لم يكن منذ عام.