fbpx
مَـنْ ينكـر هـذه الحقائق ؟؟

صلاح السقلدي
عبارة (لا زيدي بعد اليوم) هذه عبارة لم تتردد فقط بالجنوب, بل في تعز قبل فترة قصيرة.ماذا يعني هذا الشعار أكثر من انه يضمر رغبة لدى أهل تعز بترحيل كل ذماري وصنعاني وعمراني وصعداوي وحجاوي؟؟ هل هذا تصرف صحيح أم خاطئ من أبناء تعز تجاه مواطني المحافظات الأخرى.ليس لديّ أدنى فكرة عن الإجابة ولكن وضعناه هنا لنسوق مقارنة مع ردود الأفعال التي حدثت بموضوع ترحيل بعض الشماليين من عدن.
وعبارة (لا بد من أعادة الحوثيين من صنعاء الى كهوفهم بصعدة). ماذا تعني هذه العبارة أكثر من رغبة ترحيل كل صعدواي من داخل صنعاء. ليس المهم بأي وسيلة سيتم ترحيلهم أن قدر لأصحاب هذا الهتاف أن ينفذوه؟. فالشعور بالظلم والحيف يتحول الى بركان من الغضب والتذمر بالصدور يصعب ضبط ايقاعه…
وعبارة ((لا بد من تحرير صنعاء العفافيش)). ماذا ت تعني هذه أيضاً أكثر من رغبة ليس فقط بترحيل كل صعداوي بصنعاء إلى صعدة بل بإخراج كل صنعاني من صنعاء؟.
إذن ما هو الفرق بين مثل هذا الخطاب وبين ما تم في عدن باليومين الماضيين. الفرق هو أن الجنوبيين حين استطاعوا ان ينفذوا ما يتمنوه نفذوه. و في تعز وصنعاء لم تنفذ تلك الرغبات لأن أصحابها لم يستطيعوا ان ينفذوها . وهذا الوضع المؤسف في عدن وتعز وصنعاء هو نتاج لفلتان الشحن والتحريض واللجاج من عقاله ضد الآخر, والذي تضطلع به النخب ,والأحزاب بالذات وقوى أخرى.
حملة إعلامية شرسة تجاوزت حدود العقل والمنطق ضد الخطوات الأمنية التي اتخذت في عدن, مع إقرارنا بان هذه الحملة قد رافقتها بعض الأخطاء. ولكن هذا الصرع الإعلامي لم يكن نابعا بجزء كبير منه من الحرص على البسطاء الشماليين في عدن لأن هؤلاء البسطاء دائما يأتوا بالدرك ألأسفل لاهتمامات هذه النخب والأحزاب . وحين نقول ذلك فهو من عدة شواهد وأدلة سابقة وتجارب كثيرة نوجزها بالأتي:
– أولا الطرف الشمالي الموال للشرعية:
– 1- حين نشرت صحيفة عكاظ السعودية مانشيت عريض قبل أسابيع قالت فيه أن المملكة سلمت لليمن أسرى يمنيين واستلمت أسرى سعوديين ممن كانوا بحوزة حركة الانقلابيين ضمن عملية تبادل للاسرى. على اثر هذا العنوان قامت الدنيا ولم تقعد عند إعلاميي وصحفيي ونخب حزب الإصلاح وكل القوى المحسوبة على الشرعية, وسبب اعتراضهم هو لماذا قالت الصحيفة إن الأسرى هم يمنيين ولم تقل أنهم حوثيين. لاحظوا ان هذه النخب التي جن جنونها على ترحيل بضعة شماليين لدواعي أمنية من عدن أنكروا على الأسرى اليمنيين يمنيتهم, ناهيك عن أنها لم تطالب باستعادتهم من دول أخرى.
– 2-سلمت قوى عسكرية تابعة للشرعية العشرات من الأسرى المحسوبين على الحوثي وصالح إلى السلطات السعودية لتقايض بهم اسري سعوديين. لا حظوا أيضا كيف انهم رحلوهم إلى خارج بلادهم ليعودوا إليها كبضاعة سلم واستلم.
– 3- حين قصف الطيران قبل شهرين منطقة مستبأ بمحافظة حجة وراح ضحيتها العشرات من القتلى لم نسمع حيال ذلك ربع كلمة تتكلم عن هذه الفاجعة مع ان الأمر هو قتل وليس ترحيل. ونفس الشيء كان بحادثة قصف مدينة الكهرباء بالمخاء بمحافظة تعز والتي راح ضحيتها العشرات أيضا. ومجزرة الزفاف في ذمار كذلك تعاملت هذه النخب على نفس الشاكلة. بل الأغرب من هذا كله ان هذه الأصوات التي أشعلت حريق إعلامي كانت وما تزال تصف القتلى بأنهم مجرد حوثيون لا يستحقون كل هذا الاهتمام.
– 4- وبالطرف الأخر (أي قوات الحوثي وصالح) ونحن نسمع صراخهم على ما جرى في عدن وكأنهم لم يذيقوا تعز الجحيم بقصفهم وحصارهم للمدينة منذ عام.
-5- والحوثي وصالح أيضا وهم يعطوننا دروسا بالحنان والرأفة وكأنهم لم يقصفوا ميناء الزيت بالتواهي ويقتلوا العشرات من النازحين.
– 6- وسائل إعلام صالح وحزب الإصلاح لم ينطق ببنت شفة حين أقدم العميد ضبعان على مذبحة سناح بالضالع مع ان ضبعان لم يرحل أبناء الضالع إلى محافظة أخرى فقط بل رحلهم من الدنيا إلى الآخرة.
– 7- إعلام حزب الإصلاح كان يتمايل طربا ونشوة وقوات الأمن المركزي وبتوجهات من المحافظ الإصلاحي وحيد رشيد يقتل ويجرح العشرات في عدن يوم 21فبراير 2012م.
– 8- إعلام حزب الإصلاح وصالح دخلا في غيبوبة من التجاهل حين كانت قوات الأمن المركزي تجزر العشرات في زنجبار وجعار بجوار السجن بشهر يوليو 2009م.
– 9- في مذبحة المعجلة بأبين صمت كل هؤلاء صمت القبور حين رحلت طائرة أميركية العشرات من الأبرياء إلى الدار الآخرة.
هذه فقط عينة بسيطة من الأمثلة لنوضح من خلالها مدى ديماغوجية هذا الإعلام الحزبي المخادع وهو يتاجر بآلام وأوجاع اليمنيين شمالا وجنوبا, وكأني بهذا المثل العربي ينطبق علهم: (قرعا تمشط وعورا تتكحل( .
وبالعودة إلى الموضوع الرئيس وهو ترحيل الشماليين من أبناء تعز من عدن.
فنحن أمام نتائج وليس أمام أسباب. أمام نتائج صنعتها أسباب متراكمة بالسنين الخوالي التي شهدت أعتى وأقسى حالات الظلم والضيم والقهر بالجنوب أرضا وإنسانا….نعم أن ما يجري اليوم بعدن والمكلا وكل بقاع الجنوب هو نتيجة . نتيجة لتجاهل ومكابرة حكام 7يوليو بكل وجوهه العسكرية والدينية والقبلية للوضع المتفاقم والتعامل معه من منطق الغرور والتعالي والغطرسة إلى أن انفجر البركان بوجه الجميع . فالأسباب و أن كانت صغيرة دائما تصنع نتائج وخيمة, فما بالنا حين تكون الأسباب وخيمة كما كانت في الجنوب منذ ربع قرن فماذا ستصنع من نتائج غير هذه التي نراها أمامنا؟؟
(ما آفة الأخبار إلا رواتها) فاليوم يتم التعامل من قبل القوى اليمنية مع الوضع الأمني بالجنوب بنوع من التضليل والمبالغة والخداع مثله مثل تعاملها معه بالوضع السياسي انتهازية وتضليل وتحريف للحقائق وتشويهها.
الى قبل أشهر أو أسابيع ,بل قل إلى قبل أيام كان الإعلام الموالٍ للشرعية يشير إلى ان العمليات الإرهابية التي يشهدها الجنوب يقف ورائها (عفاش) و أن تنظيم القاعدة يتحرك بأوامر منه وأن عناصر هذا التنظيم هم جنود تابعين له -بحسب إعلام وتصريحات رموز وأصوات الشرعية طبعا-… واليوم انقلبت الرؤية لهذه الأصوات وأصبح كل الإرهابيين بالجنوب جنوبيين أقحاح ,وأصبح الإرهاب يتكلم بلسانٍ جنوبي مبين, مقابل براءة لكل شمالي بمن فيهم فيهم عفاش,كما تحب أصوات الشرعية ان تسميه بهذه التسمية!!.
قبل كم شهر نشرت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام السيدة( توكل كرمان) منشورا على صفحتها بالفيسبوك على اثر عملية إرهابية حدثت في عدن, قالت فيه قبل ان تحذفه من صحفتها بما معناه: ((ان من نفذ تلك العملية هم جنود أمن مركزي وحرس جمهوري وأنهم فقط غيروا ملابسهم العسكرية إلى مدنية)).
وحين شرعت أجهزة الأمن اليوم بعدن بالتعامل مع الوضع الأمني المضطرب انطلاقا من قناعتها بان بعض من الذين يزعزعون الأمن هم شماليون قامت الدنيا ولم تقعد ضد قوات الأمن وقياداته ,وفجأة حصل كل الشماليين على البراءة وتم تقيد كل المصائب على الجنوبيين وعلى مدير أمن عدن ومحافظها .
هذا السخط الإعلامي تجاوز حده المعقول وأسفر عن شيء خلف الأكمة ظهر ملخصه ( لابد من رأس محافظ عدن ومدير أمنها وأن طال السفر),وما موضوع المرحلين من عدن إلا حصان طروادة.و أتضح تماما أن كل طرف من أطراف الصراع على السلطة اليمنية ينتهز مثل هكذا أمور ليستخدمها سلاحا بحربه وسعيه للظفر بالسلطة ثانية.
فهذه مثلا وسائل الإعلام التابعة للشرعية تصف مدير امن عدن ومحافظها(( بعملاء إيران وأنهم بترحيلهم لأبناء تعز ينفذون أجندة إيرانية)) !!. وهذا المنطق السخيف, القصد منه هو استمالة السعودية إلى جانبها وتحريض واضح ضد الجنوب, وخلطا للأوراق فوق الطاولة وتحتها أيضا.
والطرف المواجه لهذه الشرعية (أي الحوثي وصالح) قال أن ما جرى بعدن ما هو إلا مؤامرة أمريكية صهيونية. في محاولة منهم لتأليب كل الشمال ضد الجنوب والعزف على وتر السيادة الوطنية المهدورة.
همسة قبل الختام: لمن يُمنُّ على الجنوب بان تعز احتضنت أبناء الجنوب بنهاية الستينات من القرن الماضي حين كانوا يقاومون بريطانيا, نقول لهم لا داعي للمنّ والأذى فقد احتضنت عدن ولحج أبناء تعز منذ مطلع القرن والعشرين وما قبله حين كانوا يقاومون الاحتلال التركي. فالناس للناس من بدوٍ وحاضرة, كما قال الشاعر المتنبي.