fbpx
أبين .. ماذا بعد التحرير ؟

أجدني مجبراً على البحث عن الإجابة لهذا التساؤل الذي يلح عليّ في الإجابة بعد أن باتت أبين قاب قوسين أو أدنى من التحرير الكلي من الوجود المسلح إن لم تكن قد تحررت ولم يبق سوى أشباح ذلك الماضي المرعب الذي عاث فسادا في أبين وأهلك الحرث والنسل فيها وتركها خاوية على عروشها تندب حضها وتشكوا سوء حالها, مفاده ماذا بعد التحرير والإنعتاق الكلي مما لحق بها وأحرق فيها الأخضر واليابس؟

ماذا بعد أن تتسلمها السلطات التي (ولت) الأدبار وشدت رحالها صوب الجارة (عدن) وتركتها تعاقر المآسي وتتجرع العلقم, وتركت أهلها يعتصرون الوجع والأسى, هل سيعودون إليها لخدمتها ونهضتها وتطويرها وبنائها, وتطبيب جراحها, وتضميدها, وإيقاف نزها الذي أرتوت منه الأرض؟ أم أنهم سيعودن لممارسة طقوس الفساد والإفساد من تحت جلباب الصلاح والإصلاح والخوف المصطنع والحب الزائف لهذه المحافظة..

 

بالأمس كانت شماعة هؤلاء أن إصلاح أبين وتطويرها وبنائها وخدمتها محالاً طالما وليس فيها قانون أو نظام , وليست تحت سيطرت أهلها وأجهزتها الأمنية, ويستحيل أن يقدموا لها شيء حتى تغدوا بأيدي أهلها وتحت سيطرتهم ونفوذهم, واليوم بعد أن باتت أشبه بالمحررة ماذا سيقدم لها هؤلاء (المتشدقون) هل سيسعون لأن ترتقي وتزدهر وتسموا, وترتسم الإبتسامة على شفاه أهلها الذين تملكهم الحزن ردحا من الزمن؟

ام أنهم سيكتفون بأن يجلسوا على تلك الكراسي التي (تدلت) منها كروشها وتقيأت منها (جيوبهم), دون أن يقدموا لأبين أقل القليل مما تستحق..

 

أبين تنتظر ماذا سيقدمون لها بعد أن تنكروا لها وتركوها على صفيح الحروب والفوضى والعبثية والإهمال والتسيب والضياع, وتركوا ساسة الفساد والمفسدين ينخرون في جسدها ويمتصون دمها, وبعد أن أستنزفوا خيراتها وثرواتها وتحول كل مرفق حكومي فيها لملكية خاصة لمن باعوا ضمائرهم ومبادئهم وجمدوا مشاعرهم وحنطوا أحاسيسهم فباعوا كل مافيها بثمن بخس دراهم معدودة لكل من هب ودب..

 

أبين .. بعد التحرير لاتنتظر وعود عرقوب أو عويل الخنساء أو نشوة (قات), بل تنتظر أن تنتفض الضمائر وتثور الرجولة, ويفور الدم الأبيني الخالص وليس (الخليط), تنتظر أن يقول الشرفاء فيها لكل من تسول له نفسه أن يمسها بسوء وينهب ثرواتها ويعبث بمصالحها كفى!! تنتظر (رجال) لايُشترون بثمن , وأبطال لايسيل لعابهم لريالات , وصادقون لتخدهم وعود زائفة..

أبين أنهكتها الحروب.. وقبل الحروب جعل منها بعض (اللصوص) جسدٍ خاوٍ لا حياة فيه ولا روح,أنهكها كل من يمارسون طقوس الفساد وأحالوا مفاصل الدولة فيها إلى أسواق (نخاسة) تُباع فيها الضمائر والأخلاق والمبادئ وقبلها المال (العام) دون رقيب أو حسيب, حتى بات الواحد منهم يتعامل مع (منصبة) من منطلق الفائدة والعائد, وكم نسبة الأرباح التي سيجنيها من منصبة..

 

ننتظر ماذا ستجيب ضمائر هؤلاء إن كانت لاتزال (حية) , وماذا سيقدم هؤلاء الرجال إن لم يكونوا قد تحولوا لأشبه رجال لأبين وأهلها؟ وهل فعلا سيغيرون واقعها أم سيكملون مشوار الدمار والخراب والحرب الفساد الممنهج ؟ سننتظر قادم الأيام ؟