fbpx
المواطنة معيار اسلامي يطبق في لندن

نحن شركاء في الوطن، وشركاء في قواسم مشتركة أقتضتها ضرورة الحياة، ومقتضيات التعايش، بغض النظر عن الدين، وعن مقدسات كل شخص….
يبدو الأمر فيه تقدم على مستوى التشارك البشري، وهذا الأمر مفيد لتبليغ الدين، وأقامة الدعوة، وفتح مراكز البحث العلمي، وخصوصا في الغرب ذات الغالبية المسيحية…
وهو ما كان يتمناه النبي صلى الله عليه في بداية دعوته… ويقرب منه فكرة التعايش والعدل التي كان عليها ملك الحبشة النجاشي..
لندن عاصمة بريطانيا العظمى ذات أكبر احتياطي للذهب في العالم، يرأسها اليوم مسلم، وتسلم موازنتها التي تزيد على اربعة عشر مليار يورو لهذا المسلم، قد يبدو الأمر غريبا، والأغرب منه ان منافس المسلم على هذا المنصب ليس كاثوليكيا ولا بروتستانتيا، ولكنه يهوديا ، مع ان غالبية سكان لندن وبريطانيا من المسيحيين…
المواطنة مفهوم عميق في الاشتراك في الوطن، وفي أيجاد مداميك وقوانين رصينة تعصم القيادة من التسلط الدكتاتوري، أو التحيز الطبقي، أو الديني المذهبي….
انتصار صادق خان ليس انتصار للإسلام والمسلمين، ولكنه انتصار للديمقراطية، وللمواطنة الحقة، فهو لن ينشر الاسلام في لندن، ولكنه سيقدم خدمات عامة يستفيد منها المسلم وغير المسلم ، ولو تعصب للجالية الاسلامية في لندن، لتخلفت بريطانيا، وجاء حاكم آخر يسقو المسلمين بالعصا……
ليس الأمر طفرة، أو بركة، أو ضربة حظأ انه تراكمات من العمل المدني، وفصل السلطات، وإحياء روح القانون، واستقلالية القضاء، لعمل تم لعشرات العقود….
ولو أدرنا أعينا الى الشرق الأوسط، في الجزء المظلم من العالم ، لرأيت الصراع القديم لازال لم يتغير بعد، فالعلويون والفاطميون، والايوبيون ، والفرس، لا زالوا موجودين، والفرق ان بعضهم لبس جرفته، وتغير شكله عن شكل جده القديم، والكل يقتل ويحكم ويهجر بسم الدين، وبسم الرب …..
شكرا لندن، شكرا بريطانيا، شكرا للمواطنة، شكرا للعدل، لم يكن النجاشي مسلما حين استقبل المسلمين، وحينما دافع عن المسلمين، وصفه النبي صلى الله عليه بأنه ملك لا يظلم عنده أحد….
يقرب من هذا الحدث ما قام به عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ولد عمرو بن العاص رضي الله عنه ، عندما اقتص منه، حين سابقه يهودي وسبقه وضربه ، فأسلم اليهودي من فوره، لإن العدل وصل الى قلبه، وشعر بالمساواه والمواطنه….
يبقى العدل معيار تحبه النفوس، وتخضع له الرؤوس…ويقف العالم إجلالا له…..
قريبا من هذ تعيين أوباما للقاضي رشاد حسين اليافعي في المحكمة العليا الامريكية، وفوز المحامية اليافعية ابتسام في المجلس المحلي لمدينة شيلفيد البريطانية …
هذه الاستحقاقات تعبير عن العدل، وذوبان الطائفية والمذهبية، وقبول الآخر وقمة التعايش البشري، هذه ايجابية يجب ان تسجل ويستفاد منها ……
قال تعالى في النصاى ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ الله آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ )
كم هو مؤسف حين ترانا في الشرق الأوسط يقتل بعضا بعضا بسم الطائفية، وتحرق المخيمات، ويهجر الملايين، ولم نستطع ان نوقف النار التي شب لهبها لعشرات السنوات….
لازلت كلمة المفكر المصري سيد قطب راسخة حين قال عندما زار أوربا…وجدت مسلمين ولم أجد اسلاما، وعندما رجع الى مصر قال وجدت اسلاما ولم أجد مسلمين….
برأيي اننا يجب ان ننطلق في الدعوة من هناك، ونفتح الشرق من الغرب، فالعقول التي تؤمن بالتعايش وقبول الآخر يمكنها ان تسمع لك، وهي مهيأه لقبول العقيدة الصحيحة، لان فطرتها سليمة، بخلاف أدعياء الدين من هوامير الشرق الذين لا زاوال معلقين بذنب الماضي…
إِذَا افْتَخَرْتَ بِآبَاءٍ لَهُمْ شَرَفٌ … قُلْنَا صَدَقْتَ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوا.
د.عبد المجيد العمري .