fbpx
القيادة الجنوبية وأزمة الفكر

تأملت في تاريخ القيادة الجنوبية فرأيت غالبيتها نتاج صراع، يكون فيه غالب ومغلوب، ومن غلب جلس على الكرسي، ولا يعطى الفرصة ليمتلك فكر ورؤية حتى يقتل أو يسجن أو يرحل نتاج صراع آخر ، وهذا الصراع متقارب زمنا، متداخل عواملا، ومن هنا بات من الضروري دراسة العقلية القيادية الجنوبية من منطلق التاريخ والواقع والمستقبل ……….
تأملت كثيرا في العقلية الجنوبية على مستوى القيادة فرأيت ما ينقصها ليس حب الجنوب، ولا ذلك الزخم الثوري، ولا الجهل بواقع التاريخ الجنوبي، ولكن ما ينقصها ذلك الفكر المؤسسي، الاداري، وغياب المرونة الفكرية الإدارية، والذهاب دائما الى منطقة الغلو والتشدد، والافراط والتفريط، وعدم امتلاك الملكة في تقييم الأحداث، وسرعة بناء رؤي ثاقبة ….
يجب وبسرعة ايجاد نخب جنوبية شابة، وابرازها للإعلام، على ان تهيأ أسباب البروز والظهور، وفق مؤسسات الدولة المتنوعة، وذلك بإنشاء معهد يسمى ( معهد القيادة والنخب المؤسسية)
لا يكفي التاريخ النظيف للقائد، ولا يكفي ان يكون شجاعا ، أو قائدا عسكريا من الطراز الرفيع، بل لابد ان يمتلك فكر ورؤية اقتصادية وإدارية حتى يتولى زمام أمور ألدولة…….
قيادة الدولة في المراحل الانتقالية، يحتاج الى مجالس وليس اشخاص، وهذه المجالس تكون على مستوى راقي جدا من الفكر والعلم …
حب الجماهير المفرط للقيادة الشخصية، عجل في جملة من الانتكاسات على مستوى تاريخ الجنوب، فالحب والبغض المفرط ليس لهما مكان في عالم السياسة، فدائما نحتاج الى مرونة، وعقلية جمعوية جماهيرية تمتلك خيوط القرار بيدها وتؤمن بالعمل المؤسسي الطويل المستمر …..
أحسن هادي حين زج بعيدروس وشلال والخبجي وعادل الحالمي والنوبة وبن بريك الحضرمي في مركز القيادة الجنوبية، كاستحقاق لما قاموا به في الحرب، وبما يعبرونه من رمزية جنوبية…. لكننا نحتاج اليوم الى قيادة في منطقة الوسط، قيادة تخرج من رحم الفكر والعلم، وتعانق الإدارة العملية، وفق بناء مؤسسي رصين ….
نجحت القومية قديما في الوصول الى قلب العاصمة، ومتلكت الشعاب والجبال ، ليس بتمني ولا كلام، ولكنه بعمل سياسي منظم ….
لا ينبغي ان نعقد الأمل على الاشخاص، فالاشخاص، يقتلون، ويتعبون، وتؤثر فيهم عوامل نفسية، وضغوطات داخلية وخارجية تجعلهم مرتبكين، لا يستطيعون ان يعملوا شيئا، ولكن الرهان الأكبر على إيجاد مجالس مؤسسية تحكم المؤسسات، وتدير المناطق وفق مربعات أمنية وعسكرية واقتصادية ….
بناء المؤسسة وفق علم الإدارة الحديث، هو وضع لبنات لمشروع طويل يستمر ولا يموت.، ولا يتصدع ….
ليت هناك من يدرك أهمية وجود قيادات شابة وحية ونشطة تساعد القيادات الحالية في ضبط العمل المؤسسي وتكون بديل منتظر لأي سقوط أو انقلاب…
فنحن على خط المواجهة مع عدو مجهول متنوع متعدد، يظهر تارة بسم حزب سياسي، وأخرى بسم شيخ علم، وتارة بملابس نسائية فاخرة، وفل من أطراف الحسيني واعلم حناء واعلم حناء …..
ويبقى بناء الفكر والعقل ليس نزوة علمية، ولا هاجس شعري ولكنه مكنة تراثية مرتبط بأزمات استفاد منها المجتمع وبنى على منوالها قواعد رصينة ومتينة ….
د.عبد المجيد العمري