fbpx
يافع قصة من قصص الجمال

يافع قصة من قصص الجمال .. في كل خطوة تخطوها في يافع منذ أن تطل عليك جبالها الشامخة شموخ الرجال الأبطال في جبهات القتال يصادفك الجمال ..
جمال ظاهر وجمال باطن . فأما الجمال الظاهر فهو ماتراه وتستمتع به عينك  وأما الجمال الباطن فذلك مايلامس شغاف قلبك ويدركه عقلك وتستطعمه روحك ..
يافع لقد عجزت حروفي عن وصفك وعجزت أن أقاوم شوقي في العودة إلى ربوعك .. .
كانت المركبة تقطع بنا الطريق في ذهابنا والإياب فأفتح زجاج نافذتها كي أملأ رئتي بعبق رحيق أشجارها وأحاول جاهدة أن اختزن في ذاكرة أنفي عبقها علي أسترجعه حينما يعصف بي الشوق لها وأنا هنا بعيدة تفصلني عنها المسافات ..
واليوم أشعر أنني بأمس الحاجة إلى ذلك الإسترجاع .. ويح لمن يزورها ويدركه الشوق لها  ..
كيف أصفها ؟ تلك الجميلة اليافعة وأطرافها العالية هي غالية بل ومتغلية , فليست كل يافع طوع زيارتك لها على قدر كرم أهلها وترحيبهم وبساطتهم وحبهم لكل من يزورهم إلا أن يافع لها من الدلال الخاص والتمنع بحيث تستفز فيك روح المغامرة كي تتولد لديك المقدرة على الوصول إلى كل مناطقها وذلك الدلال والتمنع يكمن في الصعوبة التي تمتاز بها الطرق الوعرة في بعض مناطقها .. ويحق لها ذلك التمنع تلك الجميلة التي لا يجب أن لا تكون سهلة المنال لكل من طلب ودها ..
كنت فيها كطفل في رحلة مدرسية  لا يريد أن يبتعد وجهه عن زجاج نافذة السيارة التي تقله ولا أريد أن يفوتني جزء من مبانيها الجميلة وقصورها المشيدة على قمم الجبال التي تطل علينا وكأنها تحف قيمة مرصوصة فوق منصات عالية في متحف طبيعي  صنعه أبنائها ..
في يافع تكاثف بين أهلها وتراحم من غنيها لفقيرها وبساطة وتعامل بتواضع ليس فيه تكلف تكاد لا تميز منهم بين الفقير والغني فلم أرى منهم  غنياً ينهر فقيراً أو يترفع عليه بالمعاملة .. الجميع يحويهم مجلس واحد وسوق واحد ومطعم واحد ..
والجميل أن كل من يمر بقربك يرفع يده للسلام عليك حتى الأطفال الصغار .. ذلك جمال التربية في يافع والتنشئة الحسنة للأجيال ..
كان نهارها بالنسبة لي يمر سريعاً كالبرق لإنشغالنا بالعمل فيأتي المساء جميلاً رقيقاً ناعماً يهدهدنا على كفيه فلا نكاد نكمل عملنا وتناولنا للعشاء ثم الصلاة إلى والنوم يداعب جفوننا ونحن في شوق كبير لصباح جديد ننشده بشوق لنرى من خلالها بقايا صور الجمال التي  سمح لنا برؤيتها والتمتع بها ونصحو مع بزوغ الفجر الجديد لنستعد للخروج في همة ونشاط  وكأننا لم نبذل ذلك الجهد الخرافي في اليوم الأول إستعداداً لبذل المزيد في سبيل أن تجود علينا يافع بالمزيد والمزيد من صور فتنتها وسحر جمالها .. ولكني فارقتها .. فارقتها جسداً وبقيت روحي معلقة بين ثنايا جبالها الشامخة ..
علّي لم أنصفك أيتها الجميلة ولم أنصف صفات حسنك البديع .. فاعذريني لأن حروفي محدودة وجمالك لا تستوعبه حروف اللغة .. بل يحتاج حروفا لم تكتب بها أي لغة غير لغة الجمال التي أتحسر أنا أنني ليس لي علم بحروفها وهجائها .. لم نشعر ولو للحظة واحدة أننا غرباء فيها بل كنا نحن أهلها بل من أوساط أهلها ذلك الإحساس الذي أوصله  لنا تعامل من كنا في حفاوة ضيافتهم واستقبالهم .. فشكراً يافع الحب والجمال والعطاء والخير ..