fbpx
لعبة الزمن..!

وأنا أطالع في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي، وقفت بذهني أمام ذكرى حرب الحوثي عفاش، وارتسم بعقلي نبلاء من نوع آخر شباب في سن الزهور، ورجال كانوا رجالا، وأسود تعطشت للموت، وجيل كبير ونظيف مفعم بالحياة، تركوا الحياة حتى نسعد فيها، واستوحشوا بالموت حتى نأنس بالحياة…
قد ذهبتم إلى الحياة ونحن …….شبه أموات في الوجود الضيئل
عندها انتابني شعور أخذني إلى غياهب الزمن، فيا لله العجب كم وكم من عقول وفهوم وملوك وأمراء كانوا قصة أو حكاية، أو لحظة وموقف من مواقف الزمن...( لم يكن شيئا مذكورا ..)
لعبة الزمن انعكاس للعبة القدر، فالزمن يبدو أسرع مما قبل، والحوادث لم تعد تتسع للزمن، وبين ما نريده، وما نعمله، وما نفكر به وما غاب عن ذهننا، كل ذلك مرهون بواقع الزمن…
ذكريات صارت في ذاكرة التاريخ والزمن، لا ندري هل نبكي عليها أم نبكي على الزمن، آلام تركت بخلجاتنا آهات قد تستمر كانت ندبة من ندبات الزمن..
مرَّتْ سنونُ بالسعودِ وبالهنا…………..فكأنَّها مِن قِصْرها أيَّامُ
ثم انْثنتْ أيامُ هجرٍ بعدَها……………….فكأنها من طولها أعوامُ
ثم انقضتْ تلك السنونُ وأهلُها………….فكأنَّها وكأنهمْ أحلام
ليته يقف لحظة حتى نراجع قصتنا معه، ليته يدرك إننا لن نستطيع أن نلاحقه، ليته يتفهم أننا نكبر ونشيخ معه، يهرول بنا إلى غياهب العدم، ونحن نتبعه ولا نشعر بسرعته وهرولته..
من يحكي مع الزمن بأن في محطاته فقدنا أجزاء من أجسامنا وأرواح سكنت ذواتنا ، وان مشاعرنا لم تعد تحتمل مواقفه ومصارعه…
لم أتعرف عليه كثيرا، ولم أعش معه طويلا، لأنه سريعا، لكنه ترك بقلبي جروحا لم تندمل بعـــد، وأجبرني على البكاء، ثم نسيان البكاء، ثم لف الجروج بعضها فوق بعض، وترتيب الندب ندبة بعد ندبة…متى يقف …
ربما لن يقف حتى أكون أثر بعد عين، وسراب بعد غيم، ولحظة رسمت معاني حياة قصيرة في غياهب الزمن الخالد….
لا تغتر بابتسامتنا أيها الزمن، فنحن نمسح الدمع ثم نبتسم، ونلف الجرح ثم ننطلق، قد يغرك مظهرنا وبهرجنا، لكن بداخلنا جروح لن تندمل، وآهات لن تسمعها، لأننا نخفيها حتى لا تغرقنا بآلامها…
يا لله العجب …كم سيستمر الصراع معك، والى متى، وهل أنت عدونا ، أو أنت قنطرة عبور، وجسر عليه نحكي آلامنا وآمالنا، ونبكي على إطلاله، حتى نخرج منه لنصير لوحة كتبت في سراديب الزمن ..
ما لليالي كلها مثل السنة…. ….ولمقلتي لا تستقر لها سنة.
لا حبذا البلد الذي لستم به ……..وفدى لمن انتم به ما أحسنه
يا حبذا بلاد يلي بلدا يلي بلدا …يلي قبر الحبيب وساكنه..

 


د.عبد المجيد العمري