fbpx
الثورة ليست كائن معلقا بالسماء

الثورة الجنوبية السلمية ليست كذبة كبيرة كما يتساءل متسائل مشفق هي واقع وكائن وطني يراقبه الخارج والاقليم مثلما يراقبه الداخل وان صح التعبير فهي باكورة الربيع العربي وعانت ذات الاختلالات ولها اتفاقات واختلافات معها:

تختلف بانها ثورة وطنية للتحرير والاستقلال وليست سياسية  لاعادة تدوير  السلطة والثروة

تتفق مع الربيع في عوامل حالت دون انتصارها وتتفرّد بعوامل خاصة بها :

الافتقاد للحامل السياسي  تتشابه الثورة الجنوبية وثورات الربيع بغياب الاحزاب الوطنية ذات الصوت الليبرالي او الاشتراكي عن قيادتها .

في حالة ثورات الربيع كانت  الاحزاب الاسلامية جاهزة لاستلامها وبالذات الاخوان اذ كانوا الاكثر تنظيما وحركة ونشاط في العمل المجتمعي الجمعيات وغيرها وكذا علاقة متوترة مع انظمة الحكم لكن  تناقض الثورات معهم برز  بعد الانتصار  .

لم ينطبق هذا التشابه في الثورة الجنوبية التي كانت علاقتها عدائيه مع هذا التيار الذي كان ومازال جزﺀا من سلطة الشمال     ووقف مؤيدا ومفتيا ومحرضا ضد الجنوب في حرب 1994م …ورغم ذلك فمازال له دور نخبوي وخدماتي يتسلل من خلاله وستكون اخطاﺀ الحراك ثورةً ونخبا هي المنافذ التي سيدخل منها خطابه شعبيا .

ومن عوامل عرقلة انتصارها

ان النظام ربط مشروعه بخوف العالم من الارهاب والمؤكد ان له دور في زراعة الارهاب وتدويره او غض الطرف عن انتشاره وعدم الجدية في محاربته  في الجنوب.. ومعرفة ذلك  خلقت حالة عدم قبول للخطاب المتطرف في الثورة الجنوبية . لكن صنعاﺀ  لا تراه آفة في الجنوب بل مشروع استراتيجي مانع لانتصار ثورة الجنوب وتستطيع عبره ان تستنفر العالم ضد الجنوب باسم محاربة الارهاب .

استطاعت صنعاﺀ بذكاﺀ ان توطن الجهاديين في الجنوب وتحاربهم فيه قبل حرب 1994م وكون اكثرهم بعد ذلك شماليين او مدعومين من علي او علي حقيقة لا يمكن ان ينكرها احد … لكنهم يظلوا قاعدة ويلبسون زيها ويحملون شعارها ويرددون شعاراتها ومتواجدين في الجنوب ..والعالم لا يهتم من اين جاﺀوا او من يدعمهم بل يربط الصورة بالمكان ويبحث عن شريك لمحاربتهم  ولان صنعاﺀ تعرف ذلك فقد ظلت تربط الصورة بالمكان وتقدّم نفسها انها المحارب الموثوق به لاجتثاثهم.

ومن عوامل عدم انتصار الثورة الجنوبية  تخويف صنعاﺀ للجوار وللعالم بماضي الاشتراكي وانه لن يكون مأمونا من العودة مرة اخرى الا اذا ظل تحت وصاية صنعاﺀ وحالة تشافيز في فنزويلا شاهد وكذا الحالة الكوبية وكوريا.  وما ساعدها ان الاشتراكي ظل ينتج نفسه بمسميات  متعددة في الحراك لا يخفى رصدها عن المتابع الاقليمي والدولي وارتباط حبلها السري بالاشتراكي  ..قد يقول البعض تلك مرحلة قد انتهت صحيح ..لكن ليس المهم كيف ترى نفسك بل المهم كيف يراك الاخرون .. والذاكرة السياسية تظل محتفظة  بصور حتى بعد زوال المثير السياسي  عدا انه مازالت قوى متنفذة عالميا واقليميا تتعامل بثأرية مع منتجات تلك الحرب .

الشهداﺀ لم يكونوا اغبياﺀ فدماؤهم كشفت زيف صنعاﺀ  فقد فُرضت الحرب على وطنهم ولم يكن لهم خيارا اخر.. اختلفت صنعاﺀ وبدل ان تتحارب في مكان اختلافها اختفى طرفها المهزوم واتجه المنتصر  يحارب الجنوب ليأخذ شرعية دولية لصنعاﺀ بطرفيها  تحت لافتة محاربة الارهاب والدواعش في الجنوب هذا الارهاب  الذي اختفى مثلما ظهر  عندما جُوبِه بجدية…

إن تعامل الجنوبيين  بجدية او بعدمها  مع ملف الارهاب سيحدد.  إن كان الجنوب شريكا عالميا. واقليميا او عدوا وان كان  يستحق الاستقلال او لا يستحقه .

ما هو موجود حتى اللحظة تطبيق للأقاليم ..لكن المؤشرات على الارض وكذا عدم تحقيق نصر عسكري كامل في صنعاﺀ واختيار التفاوض لإكماله وكذا غلق ملف سيطرة القاعدة في الجنوب مع بدﺀ التفاوض ورفض الحوثي وعفاش تأييد حملة مكافحة الارهاب التي كانت ذريعتهم في الحرب على الجنوب ، كلها تؤكد ان ما سيتم تطبيقه مستقبلا ليس مخرجات الحوار .

التكتيك السياسي شر لابد منه في حالتنا فان خيار عدم المشاركة يعني خيار  ” لا يعنينا. ” وهذا سيستفيد منه اصحاب مشروع اليمننة الذين يتمنون ان تظل الثورة ظاهرة ميادين واعتصامات  مناسباتية .

طبعا لكل موقف تتخذه الثورة نتائج سلبية او ايجابية  ولتخفيف آثار الاضرار السلبية يجب ان لا نسلط الاعلام على هذا الدور ولا نبرزه اعلاميا رغم ما في ذلك من مرارة وهضم مرحلي لدور المشاركين لكن وجودهم يمثل مشروع مختلف وذلك ضرورة لكي لا يتم تجيير المشاركة لصالح اقاليم الحوار.

الثورة ليست كائن معلق في السماﺀ بل حركة وتفاعل واعتقد ان مركزية النشاط القيادي في العاصمة وايضا جنوح المقاومة في تغليب النزعة المناطقية مؤشران يجب مراجعتهما بجدية اذا اردنا جنوبا للجميع ويتجسّد فيه التلاحم الوطني .

ثبت ان الدولة المركزية في العالم العربي نقلت العشيرة من مكون اجتماعي الى قائد سياسي تحت مسميات حزبية وهذا خلق حالات احباط سياسي وعدم استقرار وصرف ميزانيات التنمية على الدفاع والامن لحماية الخلل السياسي الذي خلق حالة اختناق لكل نشاطات المجتمع واستفادت منه المنظمات المتطرفة  ولذا علينا ان نهيئ انفسنا في الجنوب لفدرالية جدية وان نترك وهم الفرد القائد او الحزب القائد.