fbpx
أول نظام يعلن الحرب لأجل الفقراء

لم يدافع الصديق في حروب الردة، على حفنة من المال من بني بكر، أو بني حنيفة، أو فزارة، بل كان يضع مداميك عملية لتشريع اسلامي يدوم بدوام الزمن..
دافع الصديق عن حق الفقراء مبكرا، واعلنها حربا ضروسا من أجل تحقيق التكافل الإجتماعي، وقال مقولته المشهورة..( والله لو منعوني عناقا، وفي رواية عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه ..)
غضب الفاروق من الطبقية السلطوية، وهاجم أبى ذر حين لم يستمثر الأرض التي وهبها له النبي صلى الله عليه وسلم، لتدرك السر بين المال عندما يكون شركة وعمل ومنتج، وبين أن يكون متخما بنكيا بعيدا عن العمل والفقراء، وتدرك الرقابة العامة من القطاع العام على القطاع الخاص، قمة السمو التشريعي بين الراسمالية والاشتراكية…
لم يقبل الاسلام ظاهرة التسول، وجعل العمل مقارنا للإيمان، والمختار صلى الله عليه وسلم عمل راعيا، ثم تاجرا، ولم يستنكف من العمل، وهو سيد من وطأ الحصأ ….
خلق الله الأغنياء أقل من الفقراء، وأعطى الله الأغنياء مالا يسع الفقراء، وجعل الكل داخل في قاعدة التسخير االالهي ( ليتخذ بعضكم بعضا سخريا ) فالمال للغني فتنة، وهو للفقير حاجة ورغبة، وجعل الامة مطالبة بتطبيق المنهج الإقتصادي لتستكمل قاعدة البناء والعمران.، وتكبح الشح عند الاغنياء، وتسد حاجة الفقراء…
لا تستغرب حين تكتشف ان هناك اربعين ملياردير مسلم، وقريب من مليون مليونير ( هذا على الأقل ) ، لتعرف في نهاية الامر أن مقدار الزكاة بالحد الأدنى يبلغ خمسة عشر مليار دولار ….
هــذا الكم الهائل نستطيع ان نكفل فيه عشرات الملايين من الفقراء سنويا ونستطيع ان نبني فيه آلاف الشركات، والمصانع، ونحرك فيه السفن والطائرات….ومراكز البحث العلمي ، وهو يقرب من موازنة سبع دول من دول العالم الثالث…
غياب الفهم الحقيقي للتدين، والإدارة الحقيقية لصندوق الزكاة، جعل الامر هامشيا ولا يعدو ان يكون قاطرات من التمر توزع في رمضان.
ومن هنا لم يكن الشيخ الألباني مخطأ حين قال ( كثير من المسلمين مسلمين جغرافيا بالبطاقة، بالمسى العام للإسلام، ) وهذا لأن الشيخ يدرك ان الاسلام شرعة ومنهاجا، وقانون حياة متكامل ( ما فرطنا في الكتاب من شي) ( قد جعل الله لكل شيء قدرا) ( وكل شيء فصلناه تفصيلا) فغاب التفريط، وحضر التقدير والتفصيل في محكم آيات التنزيل ………
ظاهرة الانحباس الحراي تظل أمرا مغلقا للعالم ، والكل يدرك ان حلها بزراعة الكرة الأرضية، ومن هنا وضع بعض المشرعين يوم يسمى يوم الأرض، وربما لم يكونوا على اطلاع بحديث الفسيلة، والا كان يمكن تسميته يوم الفسيلة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ( ان قامت الساعة وفي يدي أحكم فسيلة نخل فان استطاع ان يغرسها فليغرسها ) ليدرك العالم السبق النبوي لمحاربة ظواهر العالم المخيفة، والاشارة الى الاكتفاء الذاتي في المقومات الاستراتيجية للدولة…
سقطت الاشتراكية مبكرا، واكتشف العالم انها زبالة أفكار غير قادرة على اعطاء حلول حقيقية لمتطلبات سوق العمل الحر، ولم تتاخر الراسمالية كثير في السقوط، والأزمة المالية الغربية، أحرجت كثير من المنظرين العلمانيين، وتتابع مفكري العرب العلماني على اظهار عيوب الراسمالية، وعظمة الترشيع الاسلامي….
يبدو ان الجابري والحنفي وغيرهما كثير لا يتعلمون الا بظواهر الأمور العكسية …
ضدانِ لما استجمعا حسنا …..والضدّ يُظْهِرُ حُسْنه الضِدُّ
ولأن تأتي متأخرا خير من ان لا تأتي ….
لا تحتاج ان تبحث كثيرا لترد على دعاة العلمانية المنادين بفصل الدين عن الدولة، بل يكفيك ان تتأمل في المنظومة الرائعة للزكاة لتدرك عظمة هذا الدين..بين فرث ودم لبنا سائغا للشاربين، هذا هو العقلية الاسلامية الاقتصادية بين الإشتراكية والراسمالية….
سيظل العالم يغرق في أتون الربا، والفساد، والفشل، نتيجة غياب هذا الينبوع الصافي، والمنهج الإقتصادي العالمي وسنحتاج الى جهود جبارة لإعادة العالم الى خط الحضارة والإشعاع..
نرفع رؤسنا عاليا، ونشعر بقمة الفخر والعزة والكرامة، حين ننتمي لهذا الدين الكامل، ونحمد الله على نعمة الاسلام ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) .

 
د.عبد المجيد العمري