fbpx
التحرر من تبعية الذات هو الأهم

كانت حروبنا مع هيمنة المستبدين والغاصبين والمعتدين قاسية ومؤلمة, وكنا نرنوا لأن نتحرر من هذه الهيمنة التي عاثت فينا فسادا واهلكت الحرث والنسل, وسفكت الدماء وأزهقت الأنفس, وتحررنا منها بفضل الله تعالى ثم بفضل تلك السواعد الأبية التي تعاضدت وقت الشدائد, وتشابكت حينما حلت بنا المحن والنوازل, وبفضل رجال صدقوا فيما عاهدوا الله عليه..

بيد أننا لم نتحرر من تبعية النفس الأمارة بالسوء, ولم نتجاوز تلك الأفكار الدونية والضيقة التي سادت في أوساطنا وحالت دون بلوغ مرادنا وحلمنا النشود في الإنعتاق الكلي والتحرر من أي هيمنة وقوى الذي سعينا لأجله ردحا من الزمن بسليمة لم يعهدها العالم قط..

الأفكار الدونية والمناطقية التي حاول البعض إذكاء جذوتها وإشعال فتيلها لغرض خلخلة الصف (الجنوبي), وشق عصاه, وإثارت الفتن والفوضى الخلاقة وزعزعة الأمن وتأخير عجلة التنمية والبناء والتطور وعودة الكيان الجنوبي قويا وفتيا, كل هذا جعلنا نتخبط وندور في حلقة (مفرغة), وأضعنا الكثير من الفرص السانحة أمامنا, مما يؤكد أن حربنا الداخلية مع بني جلدتنا وقبلها أنفسنا هي أكثر المعارك ضراوة وقوة وقسوة من حروبنا مع أعدائنا..

في معاركنا السابقة مع أعدائنا سقط رجال أشداء وصادقون مع الله, كان لرجولتهم وصلابتهم وصدقهم بعد الله الفضل في تغيير مجرى التاريخ الجنوبي والقضاء على الهيمنة والأستبداد والأعداء وتطهير الأرض الجنوبية من تلك الزعامات التي عاثت فسادا ومارست القتل والتنكيل والتدمير بصوره الوحشية واللأخلاقية..

واليوم نحن بحاجة ماسة لأولئك الأبطال والرجال الصادقين كي يعلمونا معنى الوطنية (الحق), وكي يعلمون معنى التضحية والبذل والعطاء دون إنتظار مقابل, نحن بحاجة لأولئك الرجال كي يحررونا من تبعية أنفسنا ودونية أفكارنا الضيقة والمناطقية, ويبددوا بداخلنا حب الذات, وإجتثتاث ذلك الداء الخبيث الذي أستفحل بداخلنا ووقف حائلا دون بلوغ مرامنا وغايتنا..