fbpx
دبابيس

صلاح السقلدي
-1- حضور محافظ عدن الأخ عيدروس الزبيدي مليونية التحرير والاستقلال التي أقيمت مؤخرا بعدن شكل عامل قوة متبادلة بين القيادات الثورية الجنوبية المنخرطة بسلطة الشرعية اليمنية وبين جماهير الجنوب بعد أشهر من حالة التوجس التي اعترت بعض جماهير الجنوب من شراكة هؤلاء القادة مع سلطة لا تلقي بالاً بإرادة شعب الجنوب التحررية. فهذه المشاركة بالمليونية التي شارك بها الأخ المحافظ ومعه محافظ لحج ومديري أمن عدن وأبين وغيرهم من مسئولي السلطات المحلية بالمحافظات شكلت انبعاثا جديدا من للثقة بين الجميع, وقوة دفع معنوي وسياسي للقضية الجنوبية, في وقت غاية بالدقة والحساسية,كما بعثت برسالة صريحة للداخل والخارج ان الثورة الجنوبية بشقيها الرسمي والشعبي تشد بعضه بعضا وأن أي تعدٍ أو تجاوز لذلك من قبل أي جهة سيكون بمثابة إعلان الحرب على الجنوب ولو بطرق غير عسكري, وسيدخل معها الكل في دوامة من الفوضى والعودة إلى المربع الأول من الخصومة مع كل القوى اليمنية, فمن يحمي هذه القيادات الجنوبية الثورية هي هذه الجماهير, ومن يسهّـل لهذه الجماهير طرق الوصول إلى الهدف المنشود هي هذه القيادات… مثل علبة الأقلام الملونة الجميع يكمّل رسم اللوحة.
-2- من بعد إخراج قوات الحوثيين وصالح من الجنوب- أو بالأصح من بعض أراضي الجنوب كون أكثر مساحة الجنوب ما تزال خاضعة للألوية الشمالية بشقيها الشرعي والانقلابي-. نقول انه بعد خروج تلك القوات لم تعد مشكلة الجنوب مشكلة شمالية جنوبية بل أضحت بجزء كبير منها جنوبية جنوبية.صحيح ان القوى الشمالية لا تزال تعلب لعبتها بالجنوب بواسطة اذرع أحزابها إلا ان هؤلاء جنوبيون وينبغي تشريع الأذرع نحوهم وفتح قنوات تواصل فاعلة معهم, وبالتالي فالأحرى بالجنوبيين كلهم اليوم ان يلتفتوا الى مكامن المعضلة وحلها وليس البقاء بدائرة عقدة الشمال,وفوبيا (الاحتلال الدحباشي) كما يحلو للبعض تسميته.
-3- مقاومة الاحتلال شيء ومقاومة الانقلاب شيء آخر. الأول قاوم لاستعادة دولة والثاني لاستعادة سلطة سبلت منه. الغريب بالأمر ان من قاوم الانقلاب ليستعيد ملكه وسلطته قبل عام يطلب من الذين قاموا الاحتلال خلال عشرين عام ان يتحولوا إلى رعايا تحت اُمـرته ويدخلوا صاغرين تحت عباءة مشروعه الوحدوي المتأقلم الجديد بحجة وهم زائف انه هو من حررهم. فمن حرر الآخر ومن استفاد من الآخر؟ ومن الذي لاذ بالآخر؟.
-4- التحرير والاستقلال, أو( الانفصال) كما يحلو للبعض ان يسميه يجب ألا يتحول إلى غاية, بل يجب ان يظل مجرد وسيلة لاستعادة كرامة وحقوق ودولة ضائعة,وإلا فان مصيره سيكون كمصير الوحدة التي تمت عام 1990م.فحين تعاملت القوى بالشمال وبالجنوب ظهيرة يوم 22مايو 90م مع تلك الوحدة وكأنها غاية تم تحقيقها وتنهى المشوار, وليست مجرد وسيلة لتحسين أحوال الناس والارتقاء بآدميتهم إلى الأفضل كانت نتيجتها كما نعرف جميعا إلى الفشل والاضمحلال. فالوحدة -أي وحدة كانت-هي وسيلة وليست نهاية المبتغى والدرب المطروق بحياة الأمم. هذه الحقيقة كان يجب ا يدركها صناع يوم 22مايو1990م , ويجب ان يدركها الجميع اليوم, فلا غاية إلا غاية تحسين أوضاع الناس وحفظ كرماتهم وشعورهم بأنهم مواطنون لا رعايا بوطنهم وأرضهم,ولتحقيق هذه الغاية, فكل الأساليب لبلوغ هذا الهدف تظل مجرد وسائل ليس إلا. فالخلط بين الغاية والوسيلة يودي بالأخير إلى فقدان الغاية والوسيلة معا. وللتاريخ ذاكرة لا تخون.
-5- كما تحدثنا من قبل أن النصر العسكري الذي حققه الجنوبيون مؤخرا لن يكون ذو جدوى ولا فائدة وسيتلاشى مع الأيام إن لم يتجسد بمشروع سياسي جنوبي واضح تتخذه وتسنده إرادة سياسية قوية وصلبة…. يقول البعض -ومعهم حق في ذلك إلى حدٍ كبير- إن الثبات على الأرض والتمكّـن من المؤسسات والقبض على ناصية الأمور هو صمام الأمان للظفر بالهدف الجنوبي المنشود. ولكن هذا وحده لا يكفي إن لم يفــضِ ذلك إلى مشروع سياسي جنوبي واضح المعالم,خصوصا حين تتفق القوى اليمنية المتصارعة اليوم فيما بينها وتطوي صفحة خلافاتها وتنخرط في تسوية مستقبلية شاملة وبدعم خليجي ودولي, فحينها سيكون الجنوب في مواجهة مع هذه القوى بمن فيها بالضرورة دول التحالف, فأي تحدي جنوبي للتسوية التي تتشكل اليوم ملامحها بالكويت سيعني فيما يعنيه بالنسبة لهذه القوى ودول التحالف ان الجنوب متمردا على الإجماع اليمني والإقليمي, و إن أي قوة مسلحة ( المقاومة الجنوبية)خارج سياق الدولة هي عبارة عن مليشيات, وكلنا يعرف ماذا تعني كلمة متمرد عند دول التحالف وعند طائراتها وبوارجها. وبالمحلصة النهاية سيذهب النصر العسكري والتضحيات الجنوبية أدراج الرياح, لا قدّر الله. وقديما قالت العرب:ما استبقاك من عرضك للأسد. وعلى ما تقدم ندق ناقوس خطر بأعلى صوت وبأسرع لحظة لكل القوى الجنوبية أفرادا ومكونات إلى الخروج من شرنقة التخاذل واللامبالاة, فالعالم يتجاوزها.
-6- سنظل نكرر مرة تلو الأخرى دون أن نملُّ أو نكلّ ان قضية الجنوب هي قضية وطنية سياسية مع نخب الشمال وقواه المختلفة, وليست مع مواطنيه وبسطاه. و أن أي وحدة تتم, هي مع هؤلاء البسطاء و أي انفصال سيحدث هو عن هذه النخب وحدها, أي إن انفصال الجنوب أو بالأحرى استقلاله سيكون سياسيا بامتياز وليس اجتماعيا أو أخلاقيا أو إنسانيا,خصوصا في عصر لم يعد يأبه للحدود الجغرافية ولا يــعرف ولا يعترف إلا بالمصالح المشتركة, والمصالح المشتركة فقط.!
-حكمة: كُـن ناراً ولا تكن حريقاً.