fbpx
دعوة لإنشاء المجالس الأهلية الجنوبية*

د عيدروس نصر ناصر**

ما يزال البون شاسعا بين الزخم الجماهيري العاصف المتصاعد في الجنوب وبين النخبة السياسية الجنوبية التي ينتمي الكثيرون منها إلى جيل الخمسينات والستينات من القرن العشرين.

فالزخم الجماهيري يأخذ في التصاعد منذ انطلاق أولى فعاليات الثورة السلمية الجنوبية في يناير 2007م حتى المليونيات المختلفة التي كان آخرها مليونية 17-18 أبريل وما تخلل فترة المقاومة المسلحة من مواجهة شعبية قل نظيرها توجت بطرد الغزاة الذين يعود حضورهم إلى ما قبل 1994م، بينما تعجز النخبة السياسية عن مواكبة هذا الزخم ولو بالتوافق على القواسم المشتركة التي يعلنها الجميع في الخطابات والتصريحات والرسائل والدعوات، ويذهب البعض في جر الجماهير إلى معارك جانبية حول المفردات والمصطلحات والمسميات بينما تضيع الفرص الواحدة تلو الأخرى بسبب غياب الرؤية السياسية المتكاملة لمستقبل الجنوب وما يرتبط بها ممن أبوية سياسية وأنانية سياسية وضعف مواكبة تحديات المرحلة ومتطلباتها.

وكان كاتب هذه السطور قد توجه إلى المشاركين في فعالية 18 أبريل بمقترح التوافق على تشكيل فريق تفاوض يكون المخول الوحيد بالحديث باسم الجنوب وقواه السياسية في أية مفاوضات قريبة أو بعيدة لسحب البساط عن المنتفعين بالقضية الجنوبية والمتاجرين باسمها، وهذه القضية ما تزال قابلة للتداول والتعاطي معها بجدية وحكمة وحزم.

وبعيدا عن المليونية وما تضمنته من رسائل أتوجه هنا إلى جميع الناشطين السياسيين الجنوبيين وقيادات وأفراد المقاومة ونشطاء الحراك السلمي الجنوبي بالدعوة إلى تشكيل مجالسي أهلية تمثل السلطة المحلية الطوعية البديلة في المديريات والمحافظات لتسيير شؤون المديرية والمحافظة، على الأصعدة الخدمية والأمنية والتنفيذية وفض النزاعات وإدارة المشاريع الأهلية ومعالجة المشكلات المرتبطة بالتربية والتعليم والخدمات الطبية ومواجهة الجريمة والتغلب على الانفلات الأمنية والتصدي للإرهاب وغيرها من القضايا الضرورية التي تستدعي المعالجة المستمرة والسريعة.

إن هذه التحديات كبيرة ومعقدة وليس المطلوب إنجازها في يوم واحد وربما ليس في الشهر أو السنة الأولين لكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ومهما كانت المصاعب فإنها لا تساوي شيء مقارنة مع تحديات الحرب والغز وما ألحقاه من خراب وما قدمه شعبنا في معركة التغلب عليهما وإلحاق الهزيمة بالعدو.

إن الكثير من رجال السلطة المحلية ينحازون إلى قضايا المواطنين ويتفاعلون بإيجابية مع المقاومة وفعاليات الحراك السلمي، وأنصار النظام المخلوع يتلاشون وهو ما يعني أن الفراغات الكبيرة التي تركها نظام المخلوع تستدعي أن تملأ وإذا لم تملأها قوى الثورة سيملأها الإرهاب وقوى التخريب.

إن هذه المجالس ينبغي أن تكون عونا للسطلة الشرعية للرئيس عبدربه منصور هادي في العمل على  تثبيت الأوضاع على الأرض وقطع دابر العبث والتخريب واستعاد الحيوية والنقاء والروح الوطنية وحماس الثوار وفدائيتهم ولكن هذه المرة بالعمل المدني وفي الفعاليات الخدمية التي لا تقل أهمية عن معركة مواجهة العدوان.

لا ينبغي أن تكون هذه المجالس مجرد هيئات استشارية تجتمع كل عدة أسابيع أو أشهر ثم ينصرف أعضاؤها كل إلى منزله، بل يجب أن يمثل كل منها خلية نحل تتولى بجدية ومثابرة وحرص عملية إدارة الحياة اليومية للمواطنين كل في نطاقه الجغرافي والإداري واختصاصه المهني والعملي حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ويعاد بناء جهاز الدولة التي تعرض للتخريب البنيوي والمؤسسي والمادي والأخلاقي والمعنوي على مدى ربع قرن من العبث والتدمير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.

**   رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام.