fbpx
حتى لا يضيع الوطن مرة أخرى. كتب/ محمد بن زايد الكلدي
شارك الخبر
حتى لا يضيع الوطن مرة أخرى. كتب/ محمد بن زايد الكلدي

الأوطـان تضيع وتضمحل وتضعف وتصاب بالوهن عندما يصعد الى سدة الحكم فيها أصحاب العقول المراهقة سياسيا، والجامدة فكريا، لأنهم لا يرون إلا انفسهم في الميدان، ولا يعترفون بأحد حتى وإن كان ممن شاركهم النضال والثورة!
الجنوب مرت عليه هذه التجربة المريرة في التحرير الأول من المحتل البريطاني، فبعد إن وسد الأمـر الى الجبهة القومية تعاملوا مع كل من خالفهم بعقلية المستبد الطاغي، فعملوا على إستئصال واجتثاث كل من خالفهم بل من أختلف معهم في الرأي ووجهة النظر تحت مسمى مكافحة الرجعية!
وهكذا سارت الأمور بصوت العقل الواحد الجامد الذي لا يتغير ولا يتبدل ولا يستمع لنصيحة ناصح ولا يرى الا نفسه، فزرع في عقول تلك الأجيال التوحش الوطني والجموح الشوفيني، على حساب المبادئ الوطنية المعتدلة التي غيبت عن تلك القيادات الشابة، فحصلت الإزدواجية الوطنية عند الكثير منا، فكنا نرى الوطن هو اليمن الكبرى وليس الجنوب، بل كنا نعيش مرحلة الإنتظار والعودة الى أحضان الوطن الغائب.
وسارت الأمور بهذه الصورة حتى كانت الكارثة في مطلع التسعينات عندما ذهب الشعب في الجنوب الى وطنهم المنشود ليكتشفوا حجم المؤامرة الكبرى، فلم يجدوا أمامهم الا وطن الاشباح والقبيلة البدائية، وطن الإستبداد والظلم والقهر.
قد نلتمس العذر للقيادات السابقة، بسبب إن الشعور القومي الهادر كان صوته مرتفعا، فحركات التحرر التي اجتاحت الوطن العربي كان سمة بارزة فلا يستطيع احد إن يقف أمامها ويعمل على تعطيلها، ولكن لن نعفيهم من تحمل مسؤولياتهم بما لحق بالشعب الجنوبي من كوارث.

وعودة الى واقعنا ومع اقتراب موعد التحرير الثاني للجنوب الذي بدأ يلوح في الأفق، وجب أخذ العبرة والعظة من محطات الفشل التي رافقت ثورة شعبنا الأولى.
فجنوب اليوم يجب إن يبنى على أسس سليمة وقواعد وطنية متينة، وعلى الجميع إن يشارك في البناء بعيدا عن التفرد من جهة معينة او مكون معين تحت أي مسمى كان، أو التلميع لشخص بعينه وهضم كل القيادات الأخرى التي شاركت في انجاح الثورة، وتترك لحرية الرأي وتتعدد الأراء والأفكار أن تأخذ طريقها دون أي اعتراض او تعطيل، وإن نبتعد عن أخطاء الماضي الذي كان سببا في ضياع الجنوب، وما زلنا ندفع الفاتورة الى هذه اللحظة.

أخبار ذات صله