fbpx
كيف جاءت مليونية الاستقلال منقذه للتحالف العربي مجدداً..؟

كتب –أديب السيد

 

ليس اعتباطا، ولا استبهالاً، القول ” ان موقف شعب الجنوب المؤكد على استقلال دولته، وحشوده المليونية، في 17 و 18 ابريل 2016، تعد موقفا ودعما من شعب الجنوب للتحالف العربي، بل ومنقذا جديدا له”.

 

هناك حقيقة، تؤكد أن التحالف العربي، عندما تدخل في آخر لحظة ضد مليشيات الغزو ” الحوثة والمخلوع”، كان تدخلاً إجبارياً، ساعدت عليه قانونيا وسياسيا وجود الشرعية بيد عبدربه منصور هادي .

 

ذلك لم يكن كافيا، لينتصر التحالف العربي في الجنوب، ويمنع مليشيات ايران من الوصول الى باب المندب، اذ ان شرعية هادي لم تكن تمتلك شيئاً على أرض الميدان.

 

 

لهذا كانت الحقيقة، الأهم من ذلك، هو وجود مقاومة جنوبية على الأرض، صنعت النصر وحققت إرادة التحالف العربي، وقدمت تضحيات جسيمة تقدر بعدد الالاف من الشهداء والجرحى.

 

إرادة هذه المقاومة الجنوبية، كان نتاج سنوات طويلة من النضال والشحن المعنوي، انجزها – الحراك الجنوبي السلمي –  ضد قوات ” المخلوع والحوثيين” بل وكل قوى الشمال.

 

وفي الوقت الذي لم يجد التحالف العربي نفسه، إلا ان داعما لمقاومة الجنوب الباسلة، أنجزت المقاومة الجنوبية بتعدد فصائلها دورها على اكمل وجه، وحققت ما عجز الاخرون عن تحقيقه رغم الامكانيات المهولة التي تصرف لهم.

 

كان دافع المقاومة الجنوبية وشعب الجنوب، هو تحقيق الهدف الممتد على طول جغرافية الوطن العربي، والذي يتركز في ” تحرير الجنوب” من قوات الشمال الموالية لإيران القديمة والجديدة، وهو ما انجزته المقاومة الجنوبية بسرعة غير متوقعة، نتيجة الاسناد الجوي والدعم المباشر من التحالف العربي.

إذا، هذه الحقيقة، يحاول الكثيرون، التغطية عليها، والحوم حولها، دون التركيز عليها، رغم ان التحالف العربي، ادرك انه لن يحقق شيئا في الشمال، لأنه هناك عوامل لا تساعده على ذلك، منها عدم جدية الطرف الشمالي المدعي انه حليفا للتحالف على الأرض.

 

وفي الوقت الذي، يأس التحالف من التقدم في الشمال وتحقيق أي غلبة ونصر على المليشيات، خرج شعب الجنوب لينقذ التحالف من الشمال، ومن استمرار الخطر المحدق به، والمتمثل بإصرار الشمال على عودة قواتهم للجنوب، تحت غطاء باطل يسمى ” وحدة يمنية”.

 

فخرج الشعب الجنوبي، معبراً عن إرادة التحالف الغير معلنة، ليقول كلمته التي كان يقولها منذ سنوات، وهو ” تحرير واستقلال دولة الجنوب”، وهذا الهدف الذي قدم شعب الجنوب تضحيات كبيرة من اجله، يخدم بشكل مباشر دول التحالف العربي.

 

كيف ذلك..؟

الجواب سهل وبسيط يمكن تلخيصه بالاتي، بعيدا عن الاسهاب في الابعاد والتفاصيل أكثر :

  • سقوط الشمال بالكامل بيد المليشيات الموالية لإيران، والتي تحكم سيطرتها على الجغرافيا الشمالية، بات لا خيار امام التحالف العربي، إلا دعم الجنوبيين، كي يحموا حدودهم، ويمنعوا عودة تلك المليشيات الموالية لإيران ظاهراً، او الموالية لها باطناً، من العودة لحلم السيطرة على عدن وباب المندب، المضيق المائي الذي يمكن لإيران لو سيطرت عليه ان تخنق دول الخليج والتحالف، وتتحكم به على إرادتها، وهو حلم قديم لإيران، لكنه سقط وفشل بفعل مقاومة شعب الجنوب الباسلة.

 

  • لو ان التحالف العربي، لم يجد المقاومة الجنوبية، سيفا ضاربا وحائط صد منيعاً امام مليشيات ايران الشمالية ومشروعها في الجنوب، لكانت دوله باتت محاصرة، لهذا تدخل التحالف إجباريا بالحرب، وكانت إرادة شعب الجنوب التواقة للحرية، هي مرتكز النصر للتحالف العربي.

 

  • إذا لم يكن الجنوب وطنا وجغرافيا مستقلة اليوم بأي صيغة وشكل كان، عن الشمال الذي بات بيد مليشيات إيران، فهذا يعني ان الخطر لا يزال محدق بدول التحالف العربي.

 

  • ايضاً، إذا لم يكن الجنوب مستقلاً بأي شكل كان، فإنه ما كان من داعي لتدخل التحالف العربي بالحرب، او تقديم دعمه المالي والعسكري الذي يقدر بمئات المليارات من الدولارات، والتي أثرت على اقتصادات دول الخليج التي منذ تأسيسها لم تتأثر بأي عجز، فضلا عن تقديمه مئات الجنود شهداء في جبهات القتال.

 

لهذا ندرك ان التحالف العربي لن يفرط بتضحياته ومواقفه، لمجرد استجابة او تلبية لرغبات قوى شمالية ” مراوغة ” لم تستطيع تحرير منطقة واحدة بالكامل في الشمال من ايدي مليشيات ايران، او “شرعية ” ضعيفة لا تملك إلا قرار على ورق فقط.

 

وإذا ما ذهب التحالف، لتلبية أي من رغبتي الجهتين المذكورتين انفاً، فذلك يعني ان هناك تأسيس لحرب بين الجنوب الذي وقف الى جانب التحالف وهزم مشروع ايران، وبين الشمال  الذي بات بيد إيران بالكامل.

 

وندرك أيضاً، ان لدى دول التحالف العربي، استراتيجية، ربما وربما تكون داعمة لحق الجنوبيين في استعادة دولتهم، ولكنها تعمل لإنجاز ذلك، عبر مراحل، وفق أطر محددة، تتماشى مع سياسات الدول وتغيرات علاقاتها، بحيث لا يؤثر ذلك على مسار السياسات المتبعة لدى دول التحالف.  لكن ما المانع من الاسراع في تنفيذ ذلك، طالما ورغبة الشعب الجنوبي ونضاله تتفق مع غاية دول التحالف العربي.

 

لكن الأكيد ، وفق الشواهد والقراءات العميقة، بعيدا عن الدوران حول الابعاد والتفاصيل، التي ايضاُ تؤكد ان استقلال دولة الجنوب، بات مطلباً عربيا، أكثر من كونه جنوبياً،  ولو كان غير معلن عنه، وذلك وفقا لعدة شواهد اهمها:

 

  • ان تأمين باب المندب وعدن التي كان تدخل التحالف من اجل حمايتهما، لن يكون إلا بوجود جيش جنوبي قوي.
  • ان احكام دول التحالف سيطرتها على باب المندب وعدن، من خلال حليفها ” دولة الجنوب” سيمكنها من التحكم بأهم ممر مائي، يبنى عليه مستقبل الدول، باعتبار الممرات المائية صراع ارادات ومستقبل بين الدول، وهو ما يعني تحكم الخليج بقناة السويس ايضاً، وبمرور كل بضائع العالم الواردة من شرق الكرة الارضية الى غربها، والعكس، بالاضافة الى وسطها.
  • ان هدف شعب الجنوب المتمثل بالاستقلال، يعني مدخلا قويا للتحالف العربي، في تحقيق غايته من تشكيل التحالف والتدخل في الحرب باليمن، وهو حماية الامن القومي العربي والمائي والاقتصادي في اقصى جنوب الجزيرة العربية ” عدن وباب المندب”.
  • أن الجنوب المستقل بأي شكل كان، والمحمية حدوده مع الشمال، يعني تلافي أي خطر قادم من الشمال مستقبلاً نحو عمق الخليج والعرب الاستراتيجي في باب المندب وعدن.
  • ان باب المندب وعدن، بل والجغرافيا الجنوبية، باتت نقطة الصراع الدائمة بين التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات، وبين إيران ومليشياتها في اليمن الشمالي.
  • ان وقوف شعب الجنوب الكامل، ومقاومته الباسلة، الى جانب التحالف العربي، وصنع النصر بطرد مليشيات ايران من الجنوب، حسن كثيرا من سمعة التحالف العربي، وبات ذلك النصر هو وجه التحالف أمام الرأي العام العربي والدولي. ولن يخذل التحالف الجنوب.
  • ان ما تسمى ” الوحدة اليمنية ” فشلت، وتحولت الى وحدة لمشائخ النهب وقيادات الفيد الشمالية والتي اسقطوها بيد إيران، لمحاولة ابقائها وفرضها على شعب الجنوب بالقوة والنار، من اجل ابقاء مصالحهم ومنهوباتهم، دون ادراكهم ان مشروع ايران اكبر من اطماعهم ويستهدف صميم الدول الخليجية والعربية.

وختاماً:

فقد كان خروج مليونية شعب الجنوب، للمطالبة بالاستقلال الكامل للجنوب، اقتصاديا وسياسيا، دعما آخر من الجنوب لدول التحالف العربي، ومخرجا له من إنسداد  الوضع في الشمال، وعدم تحقيق أي تقدم لصالح التحالف والشرعية، والتي باتت غير قادرة على العمل إلا من خارج حدود الشمال. وذلك في دفعة دعم جديدة يقدمها شعب الجنوب لدول التحالف، من اجل الضغط على الشمال، بتحقيق غاية  التحالف في عزل مليشيات ايران المسيطرة على الشمال عن الجنوب وباب المندب وعدن.

لا يزال لدى شعب الجنوب، الذي وقف دوما وابداً مع الدول الخليجية والعربية، أمل في أن يدعم الخليج والدول العربية، إرادة الشعب الجنوبي في تحقيق استعادة استقلال دولته بفكرها ونظامها الجديد والحديث.

ولعل دول التحالف تدرك، اهمية ان يكون الجنوب دولة مستقلة، او كيانا مستقلاً، وقويا في نفس الوقت، ومدعوما منها، لما لذلك من أهمية استراتيجية وامنية، تصب في صالح دول التحالف مباشرة وفي مقدمتها دول الخليج.

 

كتب – أديب السيد

Ad.mohamd2016@gmail.com