fbpx
حديث الحرب وأسباب الانتصار
– التفت د. ايمن للخلف وصاح بدهشه (انت جميل صاحب الرئة الواحدة). كانت لازالت كف المقاوم جميل على كتف الدكتور حين سأله (كيف حالك د. ايمن هل عرفتنا) كانت ثيابه وثياب زملائه تغطيها دماء الشهداء والجرحى الذين احضروهم من الجبهة الى المستشفى.
– كان المقاوم جميل قبل شهر ونصف في نفس المستشفى مصاب في صدره بعدة اعيره ناريه تكسرت اغلب اضلاعه واتلفت رئته اليمنى ولم يكن من سبيل امام الأطباء ومنهم د. ايمن الا استئصالها وإنقاذ اليسرى وابقائه تحت الملاحظة لعدة أشهر.
– مر شهر طلب في المستشفى فطلب جميل أبو رئة الخروج الى البيت وبعد الحاح شديد وافق الأطباء وحذروه بان المفروض بقائه لمدة لا تقل عن اربعه أشهر في المستشفى لتتكيف الرئة الوحيدة وتتوسع لان أي مجهود فيه هلاكه.
– وبعد مرور نصف شهر في المنزل. أصر جميل أبو رئة على العودة لجبهات القتال وكان يردد لكل من يعاتبه او يحاول منعه (ما قدرت اجلس وعيال حارتي في الجبهة حسيت اننا ناقص).
-تلقيت دعوه كريمة من الناشطين والإعلاميين المميزين سامح جواس ومعتصم عطا ومحمد جمال لحضور احتفالية (حديث الحرب) برعاية مؤسسة الأمناء في صباح 12-ابريل بحضور جمع غفير يتقدمهم وكيل المحافظة الشاذلي وعدد من مدراء عموم المديريات والمؤسسات العسكرية والمدنية وبعض قادة المقاومة وناشطي منظمات المجتمع المدني والاعلاميين والكتاب والصحفيين وغيرهم.
-كانت احتفاليه ناجحة. كنت ابحث من خلالها ومن خلال الاف الكلمات المارة عن بعض شواهد الذاكرة الإنسانية الاروع والابشع من خلال معايشة الواقع لأحداث الحرب الهمجية المفروضة علينا بسبب قرار اجتياح جيوش الشمال للجنوب وعاصمته عدن ومن خلال سرد المشاركين في الاحداث. تحدث د. ايمن ود. نزار سرارو د. وائل والناشطة نيران سوقي والاسير مجيب الاهدل والإعلامي فواز الحنشي وقائد المقاومة في البساتين على الذيب أبو مشعل. والذي الهب القاعة بالحماس والتصفيق كثيرا وفي لحظات مختلفة كان أهمها حين ردد (كنا في مقدمة الجبهة عن يميني العدني ويساري الحضرمي وخلفي البدوي واليافعي والضالعي وكل واحد يفتدي اخوه ويحافظ عليه. لكننا الان رأينا بعض الأصوات تعلى بالمناطقيه وهذا عيب عيب في حق الشهداء والجرحى والجنوب). وحين ردد كذلك (مقاومة عدن بعد تحرير عدن انطلقت وحررت لحج وابين والعند بمساعدة أبناء المحافظتين). كلا منهم تحدث عن الجانب الذي تطوع وقدم فيه ما استطاع. فمنهم من عمل طبيبا وجراحا لإنقاذ الجرحى والمصابين ومحاربة الأوبئة ومنهم من جلب الإغاثة للسكان والأدوية للجبهات والإبقاء على استمرار الخدمات ومنهم من قاوم حتى اسر ومنهم من قاد المقاومة في الجبهات المختلفة ومنهم من نقل الحقيقة بصوته وكاميرته وقلمه ومن خلال سردهم وجدت ضالتي الذي حضرت لأجلها وهي أسباب انتصارنا. 
-كنت ابحث ولست وحدي. بل كل المهتمين في العالم عن هذا الإحساس في الأشخاص والمجتمع الجنوبي الذي جعلنا ننتصر برغم العدم فكل البديهيات العسكرية وكل المعطيات على الارض تخبرنا بانه محال طرد الاله العسكرية والأمنية الضخمة للاحتلال الشمالي من الجنوب فاثنين وستين لواء شمالي متواجد في الجنوب كلها انقلبت لتقتل وتبيد شعب لا يملك حتى السلاح الشخصي. كل هذه الألوية المتمرسة في القتال تبخرت بصمود شباب صغار لأول مره يحملوا سلاح.
-نعم انتصر الجنوب لان مقاومته كان منها المعاق ذو الرجل الواحدة في عز الظهر بين اكواد الرمال الحارقة يقاوم بسلاح شخصي. ومنها قائد المنطقة العسكرية الذي تجاوز السبعين عام يصر على ان يتقدم ضباطه وجنوده بسلاح شخصي ويستشهد برصاصة قناص. ومنها شاب صغير يقود زملائه بأسلحة شخصيه ويطارد ويسقط اسطورة الامن المركزي ومعسكراته في عدن. ومنها الممرضة التي كشفت عن وجه الشهيد لكي تنظف الفتحة التي لازالت تنزف في مؤخره الراس بسبب رصاصة قناص وحين رات وجهه صاحت بألم ان هذا الشهيد زوجي أبو اولادي. كان يذهب للجبهة وحين تسأله عن اتجاهه يرد سأجلب الخبز والماء وقد أتأخر قليلا. ومنها المقاوم الذي استأصلوا رئته اليمنى وأصر على العودة للجبهات برئة الواحدة. ومنها الاب الذي يستلم سلاح ابنه الشهيد وفي نفس الوقت يسلمه لابنه الأصغر ويوصيه بعدم الرجوع الا بالنصر او الشهادة. ومنها المقاومين الصغار الذين يتبادلون قطعة سلاح واحده. ومنها الاب والام والاخت والشيخ الذي يمدوا جبهات المقاومة بكل ما يملكوا. فكيف بالله لهذا الشعب ان لا ينتصر.
– من يقاتل لاستعادة وطن غير من يقاتل لإعادة عصابه للسلطة من يقاتل لأجل وطن او استرداده بما فيه من الاعراق والأحزاب والطوائف سينتصر ومن يقاتل لأجل حزب أو طائفه تتبع عصابه فسيجد نفسه ومن يقاتل لأجله في النهاية منبوذ ملفوظ من كل أبناء الوطن طال او قصر الزمن. وهذا هو الفرق بين المقاومة الجنوبية التي انتصرت وبين جيوش الشمال والويته واحزابه وميليشياتها التي انهزمت واندحرت او هربت.
(هذا الفتى الملقب / ابن جنوب العرب /  سيكون لخرابنا سبب / سيوحد الناس ويجعلهم / بركانا ثائرا مرتقب / اقطعوا وريده والعصب /  الصقوا فيه تهمة العمالة / اعلموا شيخنا ابا لهب /  ليفتي في سفك دمه / بمخالفة الدين والادب / او التمرد على الدولة / واثارة المشاكل و الشغب / وتعطيل الامن المستتب / الصقوا فيه تهمة الخيانة / او أي تهمه او لقب / واجمعوا الاذناب وعاقبوهم / ان تركوا الساحات بلا سبب /  ويل ان احد منهم هرب /  واخبروا وسائل الاعلام / بانه اعترف بالذنب /   وقبل مماته  قد كذب / احذركم ان عاش هذا الفتى /  سيكون رحيلنا قد اقترب)