وما من حاجة لتكرار الحقائق التاريخية عن انتهازية الإخوان وعدم التزامهم بفكرة الدولة والوطن التي استعاضوا عنها بمصطلح “الأمة” الفضفاض الذي لا يماثله سوى كيان عنصري مثل إسرائيل.

وليس هناك ضرورة أيضا لتكرار الحديث عن تفريخ تلك الجماعة لكل جماعات الإرهاب المعاصرة من القاعدة إلى داعش، مهما حاول مروجو فكرة “اعتدال” التنظيم مقابل تطرف الجماعات المنبثقة عنه التجاوز عن تلك الحقيقة.

وتشهد السنوات الأخيرة وما سمي بـ “الربيع العربي” على أن تنظيم الإخوان لم يدخل في عملية سياسية إلا قوضها وانتهت بأزمات تعاني منها بعض دول المنطقة حتى الآن.

وفي اليمن تحديدا، يستشهد تاريخهم الحديث والمعاصر بكمّ الانتهازية والخداع والانقلابات على التحالفات و”عض اليد” التي تمتد لهم.

فمنذ عاد مؤسسوهم الأولون من مصر، التي دخلوها ناصريين وعادوا منها إخوانيين، منتصف القرن الماضي وتراث غدرهم موثق لا تنكره عين.

ومن تحالفهم مع الإمام وغدرهم به، مرورا بانتهازيتهم في التعاون مع دول الجوار ثم الانقلاب عليهم وانتهاءا بتحالفهم مع المخلوع صالح ثم انقلابهم عليه وعدائهم للحوثيين ثم ممالئتهم إلى حد أقرب للتحالف.

وقد يقول البعض إن هناك عناصر من “حزب الإصلاح”  -الجناح السياسي لتنظيم الإخوان الإرهابي في اليمن ـ ليسوا إخوانا تماما وإن لهم نفوذا يمكن ان يسهم في التسوية.

ولو سلمنا بذلك الأمر جدلا، يصعب ألا يتعلم المرء مما يتكرر حتى الآونة الأخيرة.

فقد كشف عام من عاصفة الحزم وإعادة الأمل عن الكثير:

  • أطلق التنظيم جماعات وعناصر بأشكال بعيدة عنه وعن حزبه، إما في شكل جمعيات خيرية أو ادعاء قيادة شعبية، لتستفيد من انجازات قوات التحالف على الأرض إلى حين استباب الأمور فيسيطر التنظيم.
  • بعض من عناصر الإخوان، والقريبين منهم، اندسوا ضمن المقاومة الشعبية متظاهرين بمعاونة القوات حتى انكشفوا بالخيانة التي كلفت عشرات الشهداء من أغلى ما تملك دول التحالف.
  • تواطؤ مع الحوثيين وميليشيات صالح، على طريقة “التسكين حتى التمكين”، إلى أن أقنعوا الجميع بأنهم “البديل الأفضل”.

ربما يكون من فنون السياسة أن تتحالف مع الشيطان للوصول إلى غاية مرتجاة، ثم تتولى أمره فيما بعد. لكن شيطان الإخوان ليس كذلك، ولا تجدي معه سياسة ولا تكتيك.

فكيف تأمن من خدعك من قبل وانقلب على كل من حالف وعاهد ألا يغتالك غدا!.