fbpx
مع الفيدرالية المُزَمَّنة.. ولكن؟!!

قلتها قبل خمس سنوات.. وأكررها اليوم.. نعم للفيدرالية المزمنة المشروطة بحق شعبنا في تقرير مصيره.. ولكن؟!!..

أذكر أنه قبل خمس سنوات مضت وكان الرئيس المخلوع ما زال حينها في عز قوته يتهدد ويتوعد، ولم يقبل بعد ببنود المبادرة الخليجية، فيما كانت الثورة السلمية في الجنوب في عز عنفوانها.. وظهرت حينها فكرة الفيدرالية المزمنة التي تبناها الرئيسان علي ناصر محمد وحيدر العطاس، وتعالت أصوات تصفهما ومن يوافقهما بـ(الفدراليين الخونة)..

كنا حينها في لقاء لقوى الحراك الجنوبي في منزل الشيخ عبدالقوي النقيب عام 2011م ضم نخبة من قيادات الحراك الجنوبي.. وكان الرأي الغالب في اللقاء ضد دعوة (الفيدرالية)، بل وهناك من دعا إلى (الكفاح المسلح) ضد الاحتلال، وهو ما كان يتمنى عفاش حينها أن يندفع إليه الحراك السلمي الجنوبي الذي أقض مضاجعه ليتسنى له ضربه.

أتذكر أنني قلت حينما طُلب مني الحديث: أرجو أن لا يتهمني أحد بالخيانة.. فأنا مع الاستقلال وأتمناه اليوم قبل الغد.. ولكنني أرى أن الفيدرالية يمكن القبول بها إذا كانت طريقاً يوصلنا إلى ذلك الهدف بأقل الخسائر، أي أن تكون مزمنة بخمس سنوات يحق بعدها لشعبنا الجنوبي أن قرر مصيره في استفتاء عام، ويُحترم قراره أي كانت النتائج، سواء اختار الاستقلال التام أو اختار الحكم الفيدرالي أو حتى البقاء في إطار الوحدة.. ولكن قبل كل شيء لا بد أن يقر بذلك نظام صنعاء الذي يعتبره شعبنا احتلالاً وبضمانات اقليمية ودولية موقعة ومكتوبة وقابلة للتنفيذ.. ولذلك أرجو أن لا نخون أصحاب هذا الرأي، فهم جنوبيون ويسعون للاستقلال بطريقتهم، حتى أن النظام لم بمشروعهم ويرى فيه خطراً لا يقل عن مطلب الاستقلال، طالما كانت النتيجة واحدة، ولذلك لا ينبغي أن لا نخون أي جنوبي حتى أولئك الذين في السلطة من المغلوبين على أمرهم، بما فيهم نائب الرئيس حينها عبدربه منصور هادي.. لأن عدونا الرئيسي هو النظام القائم ورأس الأفعى فيه علي عبدالله صالح، الذي أقضت مضاجعه ثورتنا السلمية الجنوبية، وازداد غيضا وحنقاً وانزعاجاً بعد أن انتقلت عدواها إلى عقر داره.

بعد ذلك اللقاء وفي طريق عودتنا بسيارة الصديق عوض الصلاحي أتذكر أن الناشط الحراكي الشيخ عمر حسين الصلاحي قال لي: يا دكتور عادك تريدنا نصبر عليهم خمس سنوات؟!.

أجبته: الخمس السنوات يا شيخ عُمَر لا تساوي شيئاً في عُمْرِ الشعوب.. فها قد مر على ثورتنا السلمية خمس سنوات منذ 2007م، وما زلنا نسعى لتحقيق هذا الهدف الذي لن يثنينا أحد من الوصول إليه طالما تمسكنا به، مهما طال الزمن أو قصر، فما ضاع حق وراءه مطالب.

وها نحن الآن في العام 2016م نقف مجدداً وفي ظروف وتوازنات محلية وإقليمية جديدة أمام مشروع الفيدرالية المعدل عن سابقه والذي تقدم به هذه المرة الرئيس حيدر العطاس، وينبغي التعاطي معه ومناقشته واخضاعه للإثراء والتعديلات، طالما سيقود إلى الاستقلال وبناء الدولة خلال السنوات المحددة، التي سيكون للجنوب خلالها وفق مذهب الفيدراليَّة المعروف نظامه السياسيّ الخاص الذي لا تأثير فيه لرموز وقوى الاحتلال السابقة التي لم يعد وارداً القبول بها، تحت أي مسمى.

ولكن أيضاً لا بد أن يقبل بهذا المشروع طرف السلطة الشرعية التي يقف على رأسها اليوم الرئيس عبدربه منصور هادي، وهو أمر ممكن التحقيق وبرعاية وضمانات دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.. أما إذا  كان الهدف منه عودة وحدة  الدم والموت والاحتلال وربط الجنوب ثانية بباب اليمن.. فأن شعبنا لن يقبل تجريب المجرب وأن يلدغ من ذات الجُحر مرتين،  وسيظل متمسكاً بخيار الاستقلال.. الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى وهو اليوم أكثر تماسكاً وقوة من ذي قبل.. خاصة بعد أن أرغم قوى الاحتلال العفاشية –الحوثية على الرحيل بمقاومته الباسلة ودعم عاصفة الحزم.. وأصبح شعبنا اليوم سيداً على أرضه.. ويبقى الأمر الهام الاتفاق على قيادة موحدة مع الثبات على الأرض وفرض الأمر الواقع من خلال بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية في جميع المحافظات بالتعاون والتنسيق مع الأشقاء الذين وقفوا معنا في أصعب محنة عرفها تاريخنا المعاصر، لأن ذلك هو الطريق الممهد للاستقلال، وبذلك نفرض أنفسنا في أية ترتيبات قادمة، ويكون صوتنا مسموعاً، ولا يمكن أن يخذلنا الأشقاء والأصدقاء في الوصول إلى الاستقلال وبناء دولة النظام والقانون التي ستكون جزءا من محيطها العربي والخليجي وضمانة أكيدة لتحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.