fbpx
(يافع نيوز) يرصد تفاصيل تطورات المشهد اليمني شمالا وجنوبا وسيناريوهاتها المحتملة ( تقرير موسع)
شارك الخبر

يافع نيوز – تقرير –    القسم السياسي:

بعيداً عن النظرة السطحية، والقراءات التخمينية، للأحداث وما يجري من تطورات، وتغييرات في المشهد السياسي اليمني، وتجنب الحديث عن النجاح والفشل، في ظل مرحلة حساسة مفتوحة الإحتمالات، لا يستطيع احد تأكيد نتائجها ايجابا او سلباً، نتيجة لضبابية ما خلف الكواليس. يرصد هذا التقرير ما يستطيع من تطورات المشهد اليمني السياسي.

ووفقا للتداخل والتشابك، والغموض الذي يحيط بأوضاع اليمن شمالاً وجنوباً، محليا وخارجياً، وعلى كافة المستويات الميدانية والسياسية والاقتصادية، يبدو المشهد اليمني معقداً، وغير مفهوم الملامح.

وبدءاً من تطورات ما بعد تحرير محافظات الجنوب، وجزء كبير من مأرب والجوف في الشمال، توالت التطورات الرسمية ، وبدأت التحركات السياسية تلقي بظلالها على المشهد اليمني، بعد ان كان الميدان ووقائع الحرب والسلاح، هي من تقرر ما سيكون.

بعد أربعة اشهر من انطلاق الحرب التي شنتها قوات الحوثيين وعلي عبدالله صالح، على مناطق اليمن شمالا وجنوباً، لغرض السيطرة وفرض أمر واقع، تمكنت قوات الجنوب ممثلة بالمقاومة الجنوبية وجزء من القيادات والجنود العسكريين من الجيش المنتمين للجنوب، وبمساندة قوات التحالف العربي وطيرانه ودعمه، من حسم الامور جنوباً، وتحرير ما يقارب 95% من جغرافية الجنوب، إلى جانب ما يقارب 20% من جغرافية الشمال.

احدثت واقعية تحرير الجنوب، كثيرا من التغييرات، في مسار التحولات وموازين المعادلة في اليمن، والمنطقة، وباتت خيارات ( الحوثيين والمخلوع ) تضيق عليهم، خاصة بعد تمكن السلطات الشرعية ممثلة بالرئيس هادي، من العودة الى عدن والمكوث فيها، وهو ما أتاح  الشرعية ودول التحالف إمكانية إدارة المعركة في الشمال من الجنوب، ولكن الأمور في الشمال ظلت على ما هي عليه، وهو ما ادى لقبول التحالف والشرعية لقبول الدخول في مفاوضات سياسية لبحث حل سلمي وانهاء الحرب.

ولكن نتيجة لتعنت الحوثيين وصالح، في ايقاف الحرب والتزامهم بالهدن المعلنة، وقابلها تكثيف التحالف العربي دعمه لتخليص محافظات الشمال من قوات صالح والحوثيين، سارت الامور على غير ما لا تشتهى سفينة التحالف العربي، في إحراز أي تقدم بالشمال، نتيجة اسباب عديدة وخذلان حلفاء التحالف في الشمال، وذلك ما سبب إرباكا في مسار السياسية التي بدأت تتحرك على الصعيد الدولي، لإجراء أول مفاوضات بين ( الشرعية والحوثيين ) واسميت حينها ( جنيف1)، والتي فشلت مبكراً، بالتزامن مع تصعيد الاطراف لحربها وتحركاتها الميدانية، تلت ذلك الفشل، بعد اشهر، اطلاق مفاوضات سياسية أخرى نزولاً عند رغبة الامم المتحدة واسميت حينها ( جنيف2)، وهي الاخرى فشلت مبكراً وعادت الامور لمربع الحسم الميداني على الأرض خاصة في محافظات الشمال.

ونتيجة لعدم تمكن أي من الاطراف من حسم الامور في الشمال، وتوالي التطورات واثار ما بعد التحرير في الجنوب، ودخول الجنوب في مرحلة مواجهة مع ( الارهاب المزدوج )، باتت كل الاطراف تشعر بالإنهاك، وهو ما لا يمكن الاستمرار فيه الى ما لا نهاية.

 

التطورات جنوباً:

عمل التحالف العربي، على دعم المقاومة الجنوبية، التي اثبتت قوتها وصلابتها في المواجهة، وتمكنت من تحرير الجنوب، وكان العمل بين التحالف والمقاومة الجنوبية، يسير بوتيرة عالية،  حتى تم النصر.images (2)

عقب ذلك النصر، الذي غير موازين المعادلة في الارضة، وشكل مركز قوة التحالف العربي، وكذلك الشرعية، بذلت القوات الاماراتية، والتي كانت مشاركة ميدانيا مع المقاومة في المعارك، على بذل جهود جبارة، في تطبيع الحياة والقيام بجهود تأهيل المدارس والمستشفيات، و دعم المعسكرات، وسارت الامور على ما يرام، غير ان تدخلات بعض دول التحالف حاولت ان تعترض مسيرة الامارات والمقاومة الجنوبية.

إلا أن الامور سارت نحو الاستقرار، رغم تكثيف اعداء التحرير والاستقرار في الجنوب، جهودهم وعملياتهم بمختلف مسمياتها، للإخلال بالأمن وافشال التحالف العربي والقوات الجنوبية في صنع الاستقرار وضبط الأمور الامنية.

وتداخلت عملية استهداف الجنوب المحرر ميدانيا من قبل اعداء تحرير الجنوب، مع استهدافه سياسيا من حلفاء الجنوب ( الشرعية وبعض دول التحالف)، وذلك في ظل مخاوف وحسابات من النهوض السريع للجنوب الذي بات تنفيذيا لاسيما العاصمة عدن، تحت مسؤولية قيادات جنوبية مناضلة تحمل هدف ( استعادة دولة الجنوب) منذ سنوات طويلة.

ورغم تمكن القيادات الجنوبية من التعامل مع الامور والتداخل، من منطلق وطني وعقلاني، حفاظا على المكتسبات التي حققتها قوات المقاومة الجنوبية والتحالف العربي، وهو ما حقق الأمن والاستقرار بنسبة كبيرة، ما كان لها ان تتحقق لولا تصميم وإرادة الجنوبيين وتقديمهم تضحيات كبيرة في مواجهة الإرهاب والتفجيرات والاغتيالات، إلا أن الإرباك السياسي، كان واضحاً وعميقا، وسبب ارباكا، الذي لولاه لما طالت أمور استقرار الامن في عدن والمناطق المحررة. وتمثل ذلك الارباك على مستويين هما:

1-  مستوى ميداني، كالاتي:

– عدم توفير الامكانيات الكافية وميزانيات التشغيل في المناطق المحررة.

– تعمد تأخير عملية دمج المقاومة الجنوبية في الجيش وفتح المعسكرات الخاصة لها وتوفير امكانياتها.

– اللعب على استمرار الغموض في علاقة الاقتصاد السيولة البنكية ورواتب الموظفين، بالبنك المركزي بصنعاء الخاضع للحوثيين وصالح وتسليم لإيرادات في المناطق المحررة لصنعاء.

– عدم الجدية في تحرير مناطق جنوبية حدودية في ابين وشبوة من الحوثيين وصالح.

 

2- مستوى سياسي، كالاتي:

– استمرار تهميش الجنوب سياسيا، حتى بعد التحولات الكبيرة والميدانية التي حدثت جراء الحرب .

– عدم العمل على إسناد الجنوب، ودعمه في أن يعقد مؤتمر شامل للخروج بقيادة جنوبية حقيقية تمثله في أي مفاوضات.

– تغافل دول التحالف والمجتمع الدولي لأهمية ان يكون هناك ممثلين جنوبيين حقيقيين عن “القضية الجنوبية” في مفاوضات ( جنيف1 و جنيف2)، وهو ما يعني استمرار النهج الغامض تجاه الجنوب ومصيره.

– تغييب الجنوب في ان يكون له مستندات قانونية وبيانات وقرارات دولية وعربية تدعمه في الحضور ضمن مفاوضات حل مشاكل اليمن.

– تعمد إغفال ذكر الجنوب وقضيته، ومكانته السياسية، او حتى الإشارة اليها، في المؤتمرات والبيانات التي اقامتها دول التحالف العربي منذ ما قبل الحرب وحتى ما بعدها.

أما ما يخص حضرموت، فهي الأخرى استمر الغموض لما يجري فيها، رغم سيطرة القاعدة المدعومة شمالياً، على المعسكرات والمناطق العسكرية، وتوسع نفوذها إداريا وميدانياً، حتى باتت حضرموت بالكامل تحت قبضة ( القاعدة ) دون أي تحرك او تعرض بالقول او بالفعل لما يجري فيها.

وهذا ما زاد من غموض التعامل  مع الجنوب ومحافظات، والتهميش ايضاً، وسبب موجة كبيرة من التساؤلات لدى الرأي العام الجنوبي والنخب الجنوبية بمختلف مستوياتها.

وفي ظل هكذا وضع، كانت الامارات العربية المتحدة، عاملاً رئيسا وداعما في صنع الاستقرار الجنوب، رغم تعرضها للهجوم والاستهداف من قبل المليشيات العدوانية، وحتى من حزب الاصلاح الموالي شكليا للشرعية. لكنها انجزت بمعية المقاومة الجنوبية كثيراً، وباتت الامارات محط اعجاب وتقدير كل شعب الجنوب.

 

التطورات شمالاً:

بالتوازي مع تطورات التهميش للجنوب الذي صنع النصر، والتحولات في المشهد اليمني، وعمد على تقوية ( السلطة الشرعية ودول التحالف العربي)، كان الوضع في الشمال، متراوحا بين التقدم الميداني للمقاومة والجيش الوطني، وبين التراجع.

ويقابل ذلك، الأمر منح كل الامكانيات والدعم سواء للمقاومة والجيش الوطني الذي يستمر بالبقاء في مواقع دون تقدم، او دعم الحوثيين وصالح  بطريقة غير مباشرة في ان يكونوا معترف بهم، من خلال ايصال ايرادات محافظات الجنوب المحرر اليهم في صنعاء .12-08-15-460487467

ومع ان الشمال، لا يزال يسيطر على كل الامكانيات والثروات الجنوبية، من خلال الانظمة الاقتصادية والتصديرية والإيرادية التي استفرد بها الشمال، منذ سنوات، ظل واقع المعارك في الشمال يحمل غموضاً، مع اشتداد الازمات وويلات الحرب على الشعب هناك.

فسارت المعارك، بشكل غامض، بين ( الجد والهزل) و (الكر والفر) دون تحقيق انجازا يذكر، او يدعم موقف السلطات الشرعية ودول التحالف، حتى ان اصوات من دول التحالف خرجت غامضة من جراء الوضع، ومتهمة أطراف في المقاومة والسلطات الشرعية بالخذلان والتعاون والدعم للحوثيين والمخلوع. وذلك الخذلان كان ناتجا عن عمليات ابتزاز وانتهازية، ربما خضع لها التحالف، ولكن حساب الجنوب والنصر الذي تحقق فيه، وتضحياته، (وسيجري ذكر ذلك في فقرات اخرى من هذا التقرير)

اما سياسياً رغم، فشل المفاوضات ( جنيف1 وجنيف2)، وعناد الحوثيين وصالح، في الجنوح للسلم، وإيقاف معاركهم وتوسعهم، واستمرارهم بالتمسك بشروطهم تجاه أي مفاوضات، ظل الغموض يكتنف مصير الحرب، التي كلما اعلن عن هدنة فيها، تم انهيارها، ومع استمرار الغارات الجوية، وعدم تحقيق أي تقدم ميداني، والأخير هو عامل الحسم والقوة للسلطات الشرعية ودول التحالف، في المفاوضات السياسية.

ذلك المشهد، شمالاً، سبب ارباكا لمسارات الشرعية والتحالف، بل وانهاكا في نفس الوقت، وإحراجا ايضاً امام المجتمع الدولي، مما جعل التحالف كما يقول المراقبين، يغير من استراتيجياته في اليمن، وربما يقبل ابتزاز قوى شمالية تدعي صلتها بالتحالف، ولاسباب قد تكون واقعية بالنسبة للتحالف، لكنها خطيرة على مسار النجاحات والمكاسب التي تحققت في اليمن جنوبا وشمالاً.

 

الشرعية والتغييرات جنوباً وشمالاً:

أثارت التغييرات التي أجراها هادي باعتباره الرئيس الشرعي المدعوم دوليا، كثيرا من المعارضة، رغم صوابية بعضها، وخاصة التغييرات في الجنوب.

التغييرات جنوباً:

منذ تغييرات الرئيس هادي في عدن ولحج، والتي كان لا مفر منها، والتي عارضتها قوى الشمال جميعها، سواء الحوثيين والمخلوع، او احزاب الاصلاح والقوى والتقليدية، وباتت تهاجمها، وتتورط في اعمال تحريض واختلالات أمنية، كان هادي كما لو انه واقعا بين نارين، احداها واقعية المتغيرات وإجبارية التعيينات لرجال اقوياء من المقاومة الجنوبية، قادرين على العمل وحماية الامن وتحقيق الاستقرار، وبين ضغوطات قوى الشمال التي لا ترى إلا نفسها القادرة على حكم الجنوب، وذلك خوفا من ذهاب مصالحها ومنهوباتها التي سطت عليها منذ ما بعد حرب 94م.

لم يكن هناك من مبرر لمعارضة قوة الشمال للتعيينات في الجنوب، سواء تلك القوى الفاشلة عن تحقيق تقدم في الشمال، او قوى الانقلاب التي تسبب بالحرب، بل كان كل همها، ان تشوه صور المناضلين والابطال الذين صنعوا النصر، لتتاح لها الفرصة في العبث بعدن والمناطق المحررة، وابتزاز دول التحالف العربي. لكنها فشلت وباتت الجنوب محررا وآمنا ومستقراً، إلا من بعض الاعمال الارهابية والتخريبية التي تنحسر يوما بعد آخر.

تلك التغييرات في الجنوب، رغم إيجابيتها، ونجاحها في الحفاظ على مكاسب المقاومة الجنوبية ودول التحالف العربي، تعرض اصحابها ومن امسكوا المناصب، للكثير من الصعاب والإعاقات، بل ولاعمال استهداف ومحاولات اغتيال، فضلاً عن الحصار المالي المتعمد الذي تسبب لها بالكثير من المشاكل، لكنها تمكنت من النجاح وتحقيق الامن والاستقرار. وباتت الشرعية محمية بهم، وكذلك معسكرات التحالف وقيادات الدولة من السلطات الشرعية سواء جنوبيون او شماليون.

وبالإجمال يمكن القول حقيقةً أن قوة الشرعية ودول التحالف، باتت مستمدة من الجنوب ومقاومته وقواته، وقياداته التي اثبتت انها أهلاً للمسؤولية، بعيدا عن الحسابات السياسية والأهداف النضالية. وستظل قوة الشرعية والتحالف في الجنوب، حتى يتم تخليص محافظات الشمال وصنعاء من سيطرة الحوثيين وصالح، وهو ما يبدو انه لن يحدث، خاصة مع الاعلان الرسمي من دول التحالف بقرب انتهاء الحرب في اليمن وايجاد حل سياسي شامل.

 

التغييرات شمالاً:

في الشمال، لم تكن لدى الشرعية، أي قوة تستمد منها قوة قراراتها في التغييرات، بالمناصب الإدارية والعسكرية، إلا في مساحة الــ20% من المناطق المحررة جغرافيا في الشمال. حيث كل شيء بيد الحوثيين وصالح، فهم من يغيرون وينفذون، ويحكمون ويتحكمون.

ورغم التغييرات الطفيفة التي اجراها هادي على مستوى محافظي المحافظات والقيادات العسكرية، إلا ان تلك التغييرات، لم تجد المساحة لتنفيذها، نتيجة رفضها من قبل الحوثيين وصالح.

ولم يعد الحديث عن أي تغييرات في الشمال مجدياً، نتيجة القبضة الحديدة التي تفرضها قوات الحوثيين وصالح على محافظات ومناطق الشمال، المستمدة من التفوق الميداني رغم الضربات الموجعة التي تتلقاها يوميا من قبل طيران التحالف العربي، الذي لم يقصر بشيء في دعم المقاومة والجيش الوطني شمالاً عسكريا ومالياً ولوجستيا، لكن لم يتحقق شيء من السيطرة على الارض.

 

التغييرات المركزية:

منذ تحرير عدن، وتحرير الجنوب ومحافظاته، وظهور الشرعية بمظهر القوي، احدث هادي تغييرات وزارية طفيفة، ظلت غير فاعلة إلا شكلياً في الجنوب ، وفي الخارج، خاصة في وزارات الداخلية والخارجية وغيرها. رغم فشلها العملي في تحقيق أي انجاز وطني، وابرز مثل على ذلك الفشل الذي يبدو متعمداً ( التلاعب والتسويف في دمج المقاومة الجنوبية بالجيش).

لكن التغييرات الأخيرة، التي أصدرها هادي، بشكل مفاجئ، والتي اطاح فيها بالمهندس خالد بحاح، من منصبين رئيسيين هما منصبي ( نائب الرئيس ورئيس الوزراء) أحدث الكثير من الغموض، وزادت من حدة السخط الشعبي، خاصة جنوباً، نتيجة تعيين أحد أبرز اذرع المخلوع صالح ” رئيسا للوزراء” وهو ” أحمد عبيد بن دغر”، اضافة الى قرار آخر أكثر غموضا تم فيه تعيين ” علي محسن الاحمر” كنائب للرئيس، اضافة الى تعيينه السابق ” نائب للقائد الاعلى للقوات المسلحة”. فيما تم إحالة بحاح لرصيف ” المستشارين” بعد كل ما قدمه. بل والتعرض لشخصيته بديباجة القرارات التي لأول مرة في تأريخ القرارات تكتب بالشكل الذي ظهرت به.

هذه التغييرات التي فاجئ بها هادي الجميع، خلطت الحسابات والأوراق، واعتبرها محللون، أنها إعادة بالأمور الى المربع الاول، حاصة بان التغييرات، أعادت للواجهة حزبي ( الاصلاح الاخواني – والمؤتمر الشعبي العام)، وهما الحزبين اللذين تسببا الى جانب الحوثيين بكل ما جرى ويجري في اليمن منذ ما يزيد عن 20 عام من مراحل اليمن التي عانى فيها الشعب ويلات الفشل المتكرر والمتراكم، في مختلف الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والادارية.

ويؤكد المحللون لتلك القرارات، أنها تحمل غموضاً، واحتمالات متعددة، قد تذهب بالوضع سلبيا أكثر مما هو فيه، او ايجابياً اذا صدقت النوايا، خاصة في حل قضايا اليمن، والقضية الجنوبية وفق ما إرادة واهداف الجنوبيين، من خلال مفاوضات (الكويت) المزمع إقامتها في 18 أبريل الجاري .

 

السيناريوهات المحتملة للتطورات :

بعد هذه التفاصيل المختصرة، للتطورات التي جرت في اليمن شمالا وجنوباً، منذ تحرير الجنوب، وتحقيق النصر، وزيادة قوة التحالف العربي، يمكن استنتاج العديد من السيناريوهات التي قد تؤول إليها الامور إما سلبا أو إيجابياً .

ويمكن  ذكر تلك السيناريوهات، على مستويين متناقضين كالاتي:

أولاً : سيناريوهات الاحتمالات  السلبية:

تحمل التطورات الغامضة في اليمن، والمفارقات العجيبة، احتمالات عديدة، قد تكون نتائج واقعية غداً، وبالنظر الى سيناريوهات السلبية للتطورات جميعها، بما فيها قرارات هادي الأخيرة، يمكن ذكر الاحتمالات التالية من جانبين مهمين وهما :

1- الجانب الميداني:

ويمكن ايجازه في الاتي :

– إستمرار الحرب في الشمال، وزيادة وضع الجنوب قتامة وغموض، بسبب التناقضات في تعاملات سلطات هادي الشرعية، ودول التحالف.

– اضعاف موقف الشرعية، بتقوية طرف شمالي، مما قد يعرضها لإنقلاب ثاني تجمع عليه كل قوى الشمال.

– اعادة بناء الحوثيين وصالح لقوتهم العسكرية، مما يعرض امن المملكة للخطر.

– إدخال الجنوب في جولة حرب جديدة، ربما بعنوان آخر تتحالف فيه كل قوى الشمال لمحاولة تحقيق الهدف القديم الجديد للحفاظ على المنهوبات والاستئثار الشمالي بثروات الجنوب ومؤسساته، تحت مسمى ” حفاظ على الوحدة اليمنية”.

– اختلال موازين القوى مجدداُ، واستقواء الشمال بمناصب عسكرية ومركزية، فيما يحسب للجنوب في تلك المناصب شخصيات موالية اصلا لقوى الشمال بمختلف مسمياتها.

– رفض الجنوب للإجراءات المجحفة الصادرة من الشرعية برئاسة هادي، وعودة الخلافات وتوسع الفجوة بين شعبي الجنوب والشمال وقواهما السياسية والعسكرية .

– تعرض الجنوب للخطر مجدداً، يعني تعرض عمق الخليج الامني والاقتصادي لخطر اكبر، خاصة من القوى الشمالية الموالية لإيران، سواء ظاهرا او باطنا، وهو ما سيشكل خطرا على كل دول التحالف وذهاب كل جهوده هباء.

– احتمالية انتكاس النصر الذي حققه التحالف، جراء خطاء تقوية الشمال وقواه التي تتوحد تأريخيا رغم خلافاتها .

2- الجانب السياسي:

ويمكن ذكر اهم التأثيرات السلبية السياسية في اليمن من خلال النقاط التالية:

– إعادة إنتاج وتدوير مخلفات السياسية اليمنية، من سياسيين فاشلين، يعني استمرار السير في الفشل باليمن وبدء مرحلة جديدة من الانتكاس والتدهور.

– التعامل بعقلية الولاءات والتكتلات السياسية والقبلية والعسكرية، سيؤدي إلى صراعات طويلة الامد .

– تجاوز أبرز الاخطاء السياسية في اليمن، وفي مقدمتها خطأ الوحدة اليمنية، يعد أمرا غاية في الخطورة حاضرا ومستقبلاً. وقد يؤثر على دول الجوار وخاصة دول الخليج.

– القفز فوق الحقائق السياسية، واغفال أهمية العمل الجدي والصادق في معالجة الملف الاقتصادي والنهب للثروات وإعادتها لإصحابها، يؤسس لمراحل وجولات حرب جديدة.

– اختلال المعادلة السياسية، وسط كم كبير من التراكمات والأخطاء، وبالتالي ضياع إصلاح مسار السياسة في اليمن جنوبا وشمالاً التي تتحكم بمختلف الجوانب.

– استقواء طرف على آخر، خاصة طرف الشمال، لن يؤدي إلا استمرار الخلافات، وخاصة مع اغفال القضية الجنوبية عن الحل الذي يرضي شعب الجنوب.

 

ثانياً: سيناريوهات الاحتمالات الإيجابية:

وفي جانب آخر، تحمل التطورات اليمنية، محليا واقليمياً، من باب التفاؤل،رغم ضآلته، احتمالات ايجابية، قد يراها محللين وسياسيين كاحتمالات واردة من خلال التطورات الحاصلة، ويمكن تناولها من خلال جانبين هما:

1- الجانب الميداني:

ويمكن ايجازها بالاتي:-

– قد تحمل الاحتمالات، توقف الحرب، ودخول اليمن في حل شامل لمشاكلة برعاية دول التحالف العربي، وهذا يعتمد على جدية التحالف ووقوفه امام القضايا الجذرية لمشاكل اليمن.

– توقف الحرب في اليمن، وتطبيق قرار حصر الاسلحة في جانب الدولة، شمالا وجنوباً، سيكون مهما في جوانب عدة، اهمها اعادة تشكيل الجيش اليمني وانخراط الاف الشباب في وظائف السلك العسكري والأمني.

– ايقاف الحرب، وبدء الاستتباب، سيعود بالنفع لاستتاب الامن في الجنوب والشمال، وعودة الناس لأعمالهم وانشطتهم، وانعاش الاقتصاد جنوبا وشمالاً، والعودة بالنفع على الجانب المعيشي لكثير من الناس.2

 

2- الجانب السياسي:

وفي الجانب السياسي الإيجابي، يمكن ايجاز بعض النقاط الاتية:

– يمكن للتطورات الأخيرة ان صدقت نواياها تجاه الاستقرار في اليمن، ان تحل المشاكل والخلافات السياسية بما يخدم الشعبين في الجنوب والشمال، وفقا لأسس العدالة والحق في العيش بكرامة وحرية.

– من شان التطور الايجابي في الجانب السياسي، ان يصب ايجابيته على بقية الجوانب الاخرى.

– انباء عن ان حلولا شاملة قادمة لوضع اليمن شمالها بجنوبها، وفق توافق بين دول التحالف.

– اذا صدقت انباء وضع حلول للقضية الجنوبية وهي الاساس في مشاكل اليمن، بما يضمن استقلالية الحكم في الجنوب عبر أي من الحلول السياسي، فذلك يعني أن انجازا كبير في حل مشاكل اليمن.

– من شان التفاهم السياسي لليمن، ان يرسى العدالة في الاجتماعية في الشمال، ويضعف التيارات التقليدية والقبلية، ويستفيد المواطنين من ذلك.

– ومن شان وضع الجنوب سياسيا في حال تم التفاهم السياسي، أن ينهض بدوره في انعاش مؤسسات الدولة واجهزتها التي تعرضت للتدمير والخراب.

– قد يقود الجانب السياسي الايجابي، ان صدقت النوايا، الى استقرار في اليمن جنوب وشمال، بما يعود بالاستقرار على دول الجوار والمنطقة.

 

*خلاصة :

بعد كل ما ذكر، من احتمالات بشقيها ايجابي وسلبي، التي قد تنتج عن التطورات المتسارعة في شان اليمن، ان تلقي بظلالها على دول الجوار، سواءً ايجابا او سلباً.

ومن هذه الحقيقة الحتمية، يجب ان تكون الامور مدروسة، وغير قابلة للتسويف او العمل الحصور، وربما المتناقض، لان ذلك قد يؤدي الى مزيد من التعقيد والخطورة في اليمن . ويأمل الجميع ان تكون قرارات التغيير، هي مقدمة لحكم الشمال نفسه بنفسه، وكذلك حكم الجنوب لنفسه دون تدخل الهوامير والفاسدين والنهابين في التنغيص على الشعب ونهب حقهم وثرواتهم، المستمر منذ عقود من الزمن.

تتجه الانظار جميعها، صوب مفاوضات الكويت التي ستقام في 18 ابريل الجاري، والتي يؤمل عليها في أن تكون حاسمة واخيرة، وينتج عنها توجه حقيقي في اخراج اليمن من حالتها الراهنة، والتي أثرت كثيرا على دول الجوار، وسببت كثير من المشاكل الاقتصادية والسياسية والامنية عليها.

وانطلاقا من النوايا الصادقة، في حل القضايا الرئيسية، في اليمن، وفي مقدمتها القضية الجنوبية، بما يضمن تلبية وتحقيق تطلعات شعب الجنوب جنوباً بحكم انفسهم  بأنفسهم، وتطلعات شعب الشمال شمالاً، ووجود بيئة مشتركة وعلاقات شعبية متبادلة، فإن ذلك قد يكون اهم المرتكزات التي ستبنى على اساسها الحلول السياسية والاقتصادية لكل اليمن جنوبا وشمالاً .

وبغير الجدية والنوايا الصادقة، في حل قضية الجنوب، وإحقاق الحق، واستتاب الامن والاستقرار فيه، بموازاة استقرار في الشمال، لن تكون هناك فرص للحل والاستقرار.

غير ان القفز على القضايا، ووضع المسكنات، والحلول المؤقتة، قد يعيد جولات الصراع والحرب، والرفض الشعبي، الى الواجهة، ويبقي اليمن بين مشاكل وصراعات طويلة ومستمرة منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن.

أخبار ذات صله