fbpx
بادرة وفاء لشهداء جامعة عدن

د.علي صالح الخلاقي(*):
كان فعالية رائعة تلك التي شهدتها كلية الآداب – جامعة عدن يوم أمس الخميس، حلقت فيها أرواح شهداء الجامعة من مختلف الكليات..وكانوا الأكثر حضوراً، ليس فقط بصورهم التي ازدان بها معرض الصور بوجوههم البهية والمشرقة، بل في قلوب وأفئدة ووجدان كل الحاضرين، وفي كلمات المتحدثين وأبيات الشعراء وأغاني النصر التي تمجد بطولاتهم ومآثرهم.
كيف لا وقد رووا بدمائهم الزكية تربة أرضنا ولونوا بها قوس قزح نصرنا، فحين داهم الغزاة عدن ونادى المنادي أين فرسان الوطن، أجابوا (لبيك)، تركوا مقاعد الدراسة وكراريس العلم وامتشقوا السلاح واقتحموا ساحات الوغى مع رفاقهم أبطال المقاومة الجنوبية ملبين نداء الواجب لصد جائحة العدوان وخاضوا غمار معار الشرف بكل بطولة واستبسال، وحق لنا اليوم أن نفخر بهم ونكرمهم..
نعم.. إن الشهداء أكرمنا حقا..بل إن دمائهم الزكية هي ملح الأرض وعطرها الذي نتنفس أريجه مع كل إشراقة شمس كل يوم جديد ومع كل نسمة حرية..ومن أولئك الشهداء نستلهم الإرادة والصمود على مواصلة المشوار لتحقيق حرية واستقلال وطننا.
لا شك أن هذه اللفتة الطيبة تجاه الشهداء وأمهاتهم وأسرهم تستحق التقدير والاحترام، ويجب أن تكون فاتحة لاهتمام أكبر تتبناه الدولة تجاه الشهداء ورعاية أسرهم وكذا الاهتمام بعلاج ورعاية الجرحى.. ونثني هنا على جهود مركز المرأة في جامعة عدن الذي كان صاحب المبادرة وتجاوب معه الجميع، وحق لنا أن نذكر هنا دعم وتعاون مؤسسة المرحوم أحمد عبدالحكيم السعدي ورعاية محافظ العاصمة عدن-عيدروس الزبيدي والقائم بأعمال رئيس جامعة عدن أ.د.حسين باسلامة، ومساهمة أصحاب الأيادي الكريمة أ.محضار بن طهيف و أ.خالد اليزيدي، ولا ننسى أيضا ذلك العمل المنظم والتنسيق الجميل لمعرض الصور الذي أقامه مركز المرأة بالشراكة مع مؤسسة شهداء وطن وكلية الآداب وقد سجل المعرض بالصور الناطقة أحداث الحرب ووقائعها وما خلفته من دمار وخراب، وهكذا أثمرت هذه الجهود عن نجاح فعالية تليق بمقام الشهداء وعظمتهم، وتركت أثرها المعنوي الرائع في نفوس أمهات الشهداء وأقربائهم وفي قلوبنا جميعاً.
جاءت فعالية (أم الشهيد) في وقتها، إذ تزامنت مع مرور عام على ذلك العدوان الهمجي الذي تعرضت له عدن والجنوب، ومرور عام على نجدة الأشقاء في التحالف العربي وبدء عاصفة الحزم التي عصفت بالمعتدين، وقد بدأت الاحتفائية بتلاوة عطرة من القرآن الكريم، ثم كلمة الجهة المنظمة – مركز المرأة القتها رئيسة المركز د.هدى علي علوي، ثم كلمة وكيل محافظة عدن الأستاذ محمد نصر شاذلي، ثم كلمة رئيس الجامعة أ.د.حسين باسلامة، كما تشرّفت شخصياً بتمثيل مؤسسة المرحوم أحمد عبدالحكيم السعدي والقيت كلمة نيابة عن صاحبها الرجل الكريم الشيخ عبدالحكيم السعدي، الذي أنشأ هذه المؤسسة التنموية الخيرية باسم نجله فقيد العلم الذي كان يتلقى دراسته العليا وتوفاه الله في حادثة قبيل تخرجه بأشهر فآثر والده أن يخلد اسمه في هذه المؤسسة التي وصل خيرها إلى رحاب جامعة عدن باعتبارها حاضنة ومركزا اكاديميا يعبر عن جوهر أهداف هذه المؤسسة الخيرية التي يحتل العلم نصيبا وافراً في أهدافها ونشاطاتها وهذا ما تجسد في رعاية المؤسسة ليس فقط لهذه الفعالية التي يعود الفضل في تنظيمها لمركز المرأة ورئيسته النشطة د.هدى إكراما للشهداء وأمهات الشهداء، ولكن في العديد من فعاليات تخرج الطلاب والطالبات في عدد من كليات الجامعة على مدى الأيام الماضية، وكذا خلال السنوات الماضية وفضلا عن إقامة المخيمات الطبية في المناطق الريفية، ويسعى راعي هذه المؤسسة إلى استمرار هذا النشاط والشراكة مع جامعة عدن في مجالات كثيرة. وقد شكرت باسمه رئيس جامعة أ.د.حسين باسلامة على تعاونه وعلى ما أبداه من الرغبة في المزيد من التعاون مع مؤسسة المرحوم أحمد عبدالحكيم السعدي في المستقبل.
تخلل الحفل العديد من الفقرات المكرسة للشهداء من بينها قصائد شعرية وعروض مسرحية وفقرات غنائية تمجد بطولاتهم وتخلد ذكراهم، وفي نهاية الحفل جرى تكريم أسر الشهداء بتروس تذكارية تحمل صورة كل شهيد من شهداء جامعة عدن البالغ عددهم خمسة وتسعون شهيداً من الطلاب والاساتذة والموظفين من مختلف كليات جامعة عدن ممن استشهدوا خلال أيام المواجهات مع جحافل الغزاة الحوثيين وقوات المخلوع في مختلف الجبهات على أرض الجنوب الحبيب..ولولا إقدامهم واستبسالهم مع كل الشهداء والجرحى لكان العدد في ازدياد..فقد كان كل منا مشروع شهيد.
فسلام لجميع الشهداء الراحلين..وطوبى لهم في مقامات الخلود..
وتستحضرني في ذكراهم الخالدة كلمات الشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة رحمه الله، أوردها كمسك ختام:
شهداؤنا الأبرار أعلام الهدى
ومعالم الحسنى بهم نسترشد
تمضي السنون وذكرهم أنشودة
في كل حنجرة لنا تتردد
إن الشهيد مخلد الذكرى له
نصب لدينا في القلوب مشيد
حسب الشهيد رضى الإله كرامة
ورضى الإله هو العلا والسؤدد
تسمو إلى الافاق رفعة قدره
فتُرى الثريا دونه والفرقد
وثوابه عند الإله مضاعف
بشرى ومغفرة وعيش أرغد
————–
(*) رئيس اللجنة العلمية لجائزة أحمد بن عبدالحكيم السعدي للتفوق العلمي