fbpx
ذكرى الوجع الأولى !

أتذكر تلك الساعات المسائية المؤلمة التي عشناها تحت همجية القصف ولعلعة الرصاص وزمجرة المدافع, أتذكر جيدا كيف أستحالت تلك الليلة التي أظلمت تماما ولم يضئها غير وميض الدباب والرشاشات وشتى أنواع الأسلحة القاتلة..

أتذكر تماما كيف أن كلاب مران وأذناب المخلوع لم يفرقوا بين البشر والشجر والحجر وحتى حبات المطر, وقصفوا بعدائيتهم (الفجة) , وهمجيتهم المعهودة كل شيء, ومارسوا طقوس (العبثية) والقتل البربري ضد العزل في دياجير تلك الليلة التي لعن الحوثيون وصالح فيها أنفسهم حينما وطأت أقدامهم تربة الجنوب الطاهر..

أتذكر أنهم كانوا يمرون (نافشين) ريشهم, ويتبجحون بقوتهم, ويتباهون بأسلحتهم وعدتهم وعتادهم, ولكن !.. سرعان ماتحول ذلك إلى حسرة وندامة , وخوف وتوجس وريبة , ودفعوا ثمنها غالياً , وتناثرت جثثهم, وتبعثرت أوصالهم , بعد أن قال أبطال المقاومة كلمتهم ..

لن أنس تفاصيل تلك الليلة التي مارست فيها تلك (القطعان) الضالة (عهرهم) اللأخلاقي ضد العزل من المواطنين, ليس إنتقاماً (لكرامتهم) لان لا كرامة لديهم, وليس ثأراً لزملائهم فقد أعتادوا على أن تأكل الكلاب (جثثهم) , ولكن لان (سيدهم) المعتوه , و(زعيمهم) المحروق أرادوا ذلك ولقنوهم الحقد وأسقوهم أياه ضد الجنوب أرضاً وإنسان..

أتذكر (ليلة) الــ28 من مارس من العام الماضي,وصباحات الــ29 من ذات الشهر وذات العام, حينما تغلغل الوجع بين ثنايا روحي, وأدركت أننا مقبلون على أيام وشهور ستكون قاسية ومؤلمة بكل المقاييس, رغم أن أطياف الأمل والإنفراج والنصر كانت تلوح في الأفق وتخطوا صوب (الجنوب) مختالة مبتسمة..

ولم أتذكر أنني (أنكسرت) يائساً أو قانطاً من رحمة رغم الضرر الذي (لحقني) ورغم الدمار الذي طال (سكني) وعملي, وكيف أحاله الحوثيون إلى (أثراً) بعد عين, فقد كنت أثق في نصر الله وفي فرجه, مهما طال أمد تلك الحرب, ومهما حمي وطيسها, فدوما ينتصر الحق مهما تجبر وتغطرس الباطل وأهله..

عام كامل منذ أن بدأ الدم الجنوبي في (سقي) الأرض الجنوبية, وبدأت الأرواح الجنوبية الطاهرة تتهافت على الموت فداء للدين وللعرض والعرض, وبدأ الشرف يسوقون أجسادهم وأرواحهم نحو ميادين البطولة والشرف والإباء والنضال من أجل الكرامة والحرية والدين, ولا يزال الدم الجنوبي الطاهر يسفك في كل بقاع ومناطق الجنوب وحتى في مناطق الشمال من أجل الكرامة لمن أرتضوا لأنفسهم الذل والهوان..