مقالات للكاتب
بقلم/د عيدروس نصر ناصر**
في الحلقة السابقة من هذه التناولة كنا قد أثرنا مجموعة من الأسئلة المتعلقة بما يسير إليه المتحاربون في اليمن، وإذ لا نتوفر على الردود المقنعة لتلك التساؤلات، ولا ندعي امتلاكها، فإننا نحاول هنا التوقف عند العديد من التساؤلات فيما يخص القضية الجنوبية التي ظل المؤتمرون في صنعا يكررون أنها مفتاح حل كل الأزمات اليمنية، ولعل السؤال الأساسي هو : ماذا سيقدم المتشاورون في الكويت للجنوب والقضية الجنوبية التي يجمعون كلهم على إنها مفتاح حل أزماتهم وصراعاتهم واتفاقاتهم واختلافاتهم؟
السيد اسماعيل ولد الشيخ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لدى اليمن قال في حديثه أمام مجلس الأمن أن المتشاورون في الكويت سيتوقفون أمام خمس قضايا هي: “الانسحاب، وتسليم السلاح، والترتيبات الأمنية، والحل السياسي، وإنشاء لجنة لتحرير السجناء والأسرى”.
من الواضح أن ما يقوله السيد ولد الشيخ يفتح الأبواب على مصاريعها لعشرات التأويلات التي سيختارها كل من الطرفين المتصارعين إزاء كل نقطة من النقاط الخمس، وفقا لما يحقق مصالحه، لكن ما يعنينا هنا هو : أين الجنوب من كل هذا؟ وما هو موقع القضية الجنوبيه من صراع المتصارعين وتشاور المتشاورين واتفاق المتفقين؟
خلال الأيام الماضية صدرت مجموعة من البيانات عن هيئات بعض الأحزاب الموالية للشرعية، أو على لسان قياديين في تلك الأحزاب، وفيها جميعا لم نسمع كلمة واحدة تتعلق بالقضية الجنوبية، وهو ما يبين أن الجميع ليس مشغولا بالجنوب، بقدر انشغالهم باستمرار استغلال الجنوب وإبقائه تحت سيطرة شركاء حرب 1994م الذين تحالفوا عند غزو الجنوب، وسيتفقون اليوم رغم حربهم على بعضهم وسيستمرون في تقاسم الجنوب ووقد يضيفون شريكا جديدا هذه المرة هو جماعة الحوثيين التي منحها اتفاق السلم والشراكة حقوقا جديدة مما ظفر به شركاء حرب 1994م.
وهنا نجدها مناسبة لتذكير إخوتنا الذين سيلتقون في منصف إبريل القادم في دولة الكويت الشقيقة بالحقائق التالية:
إننا نتحدث عن نخب سياسية متنفذة لا تنظر إلى الجنوب إلا على إنه تابع يجب تركيعه وإخضاعه وإبقائه غنيمة حرب بيد المنتصرين في 1994م حتى وإن اختلفوا وتحاربوا وانقلب بعضهم على بعض، وهم في أحسن الأحوال ينظرون إلى الجنوب على إنه فرع يجب أن يخضع للأصل دونما نقاش أو تساؤل.
إن هذه الحقائق وحقائق أخرى تؤكد استحالة استمرار التعايش بين الشعب الجنوبي وبين القائمين على نظام الحكم في صنعا سواء كان الحاكم مؤيدا أو معارضا للشرعية، إذ إن أي تعايش بينهما لن يكون إلا قائما على أساس تبعية الجنوب للشمال، والشعب الجنوبي لا يقبل حياة التبعية والاستغلال ولن يعيش إلا في أجواء الحرية والاستقلال.
إن السؤال الذي يتطلع الجنوبيون إلى الإجابة عليه من قبل الإخوة المتجهين إلى الكويت هو: ماذا ستقدمون للشعب الجنوبي؟ هل ستتعاملون برؤية جديدة وشجاعة تأخذ بالاعتبار الحقائق التي أثبتت فشل المبادرة الخليجية، وفشل نتائج الخوار الوطني، وتتصرفون بجرأة ومسؤولية مع تطلعات الشعب الجنوبي، أم إنكم ستستمرون في تكرار تلك الأغنية الميتة، المنطلقة من ثقافة “الفرع والأصل” و “الوحدة المعمدة بالدم” و”الوحدة الركن السادس من أركان الإسلام”؟
إن الكرة اليوم في مرمى المتشاورين في الكويت ، وهي قبل ذلك في مرمى القوى السياسية التي تصر على معاندة حقائق التاريخ والتشبث بأوهام صنعتها أزمنة الغدر والعجرفة والتدليس والافتراء على الله والوطن والدين والشعب، الافتراء الذي يخفي وراءه أصحاب المصالح مصالحهم ويتسترون من خلاله على موبقاتهم ومنكراتهم وإن غلفوها بغلاف الفضيلة وألبسوها ثياب العفاف والتقوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من صفحة مركز شمسان للدراسات والإعلام على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.
** رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام