fbpx
الفئة الصامتة ( النخب الجنوبية )

جمود الوضع الحالي، وغياب التغيير والتحول، وحالة الإحباط التي يعيشها الواقع الجنوبي، تتطلب من الفئة الصامتة، الفئة المثقفة القابعة في بيوتها (حزب الكنب ) أن يخرج للعلن ، وان يبدئ بمشروعه الوطني في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وبناء الدولة الجديدة…
انكفأ كثير من العقلاء ، وترك المشهد، معلنا حالة الاعتكاف، ليس جاهلا بواقع الحال، بل هاله مشهد الهرج والمرج، والتقمص والكذب، وأدرك بأم عينه حجم الباطل…
بإزاء هـــذا الإحجام، ارتفعت أصوات ما كان لها أن ترتفع، وظهرت صور كان الأولى أن تختفي، وتقمص الحق ممن لا يعرف الحق، وحمل السيف غير باريها، فكانت النتيجة حالة الترهل، والإحباط ، وحالة الشك والريب، وغياب الثقة …
عاقر الناقة فرد واحد من قوم صالح، وقد نسب الله العقر إلى الجميع، وجاء بواو الجماعة، ( فعقروها) بينما من قام بالعقر شخص واحد، ( إذا انبعث أشقاها)، وهــذا المثال هو منهج حياة، ومشروع حضارة في مجابهة الباطل وتغييره…

 

الصمت في زمن المنكر منكر، والسلبية في زمن التغيير انحطاط، وعطال السياسة خراب لكل شيء، ليس فقط أبجديات الدين والتوحيد، بل الحياة بمفهومها العام…
أصلاح المسجد، والمدرسة والمعهد، والجامعة، ومركز البحث العلمي، والحفاظ على المستوى العام للتعليم، وهدوء الثكالئ في بيوتهم، ونوم الأطفال بدون ضجيج، والكف عن التذمر والقنوط ، وإيقاف الألم والحزن، وتقديس دم الشهداء ، وآهات الجرحى ، كل ذلك يتطلب مناخا سياسيا ثابتا ومستقرا ودائما…
هــذا المناخ لن يصنعه جيل مثقل بواقع الفشل، مصاب بداء النوم، والكسل، شاخ عزمه في البحث عن ذاته، وليس البحث عن الوطن، ألف الهزيمة، والسقوط والفشل ….
لقد أفصح القرآن عن ثلاث حقائق هامة، لمعالجة حالة السلبية، والقضاء على حالة الصمت المخيف، بثلاثة من الخطابات ، حالة العمل الجماعي حين أكثر من الخطاب لصيغة الجمع ( اعملوا …) ( يا أيها الناس ) ( يا أيها الذي آمنوا..) وحالة الوقوف أمام المنكر بحالة جمعية ( ولتكن منكم أمة..) ( فلولا نفر من كل أمة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين …) وحالة استكمال العمل وبلوغ منتهاه دون إنقاصه وتسليمه إلى من يفسده بقوله ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ..) ( ولا تبطلوا أعمالكم ….)
حالة الصراع بين الحق والباطل حديثة قديمة، تتجدد وتتنوع، ويولد لكل عصر عالمه وأدواته، وفي ظل المناخ الإلكتروني علا الزبد ، وطغى الهرج، وتبدل لون السماء الصافي بضباب ، وتولدت سحاب يحسبها الظمآن ماء …
يقف الجنوب اليوم مكسور الجناح، متخم بالألم، يبحث عن نخب نظيفة جديدة، تنطلق للتغيير وفق معادلة العلم والمعرفة، والإدارة والمؤسسة، تستلتهم الفرص التاريخية، وفق خلطة سرية تنطلق من عزم الشباب، ورؤية أصحاب الفكر والقلم، مع الاستفادة من الجيل القديم، وبناء حراك سياسي وإداري ومؤسسي جديد…

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
د.عبد المجيد العمري