fbpx
خطاب العقد الرابع

لا تعجب حين ترى من يصفق للباطل، ومن يقف معه، ويستميت دونه ، فهناك ملايين البشر يقودهم إبليس إلى جهنم، وهم طائعون له، وبني إسرائيل عبدوا فرعون قرونا بخضوع تام ، وعبر القرآن عن هـــذا الحالة بقوله ( فاستخف قومه فأطاعوه….)، والاستخفاف استهزاء وسخرية من شعب لم يستفد من الأحداث، وهناك ملياري من البشر في القارة الهندية والصينية يعبدون الأصنام والأحجار والأبقار …
حالة الاستخفاف وغياب الإدراك تتنوع وتتفاوت، ومنها الحالة الشمالية، التي تقف اليوم في ميدان السبعين، فلا تعجب حين ترى عشرات الآلاف من الطبقة المنتفعة، من قواعد المؤتمر الحزبية والمشيخية والعسكرية، رافعين صورة الزعيم، الذي يقف للعقد الرابع خطيبا في ميدان السبعين، والذي استطاع أن يحقق المنجزات الكبيرة آخرها جلب طيران نوعي فوق سماء صنعاء، لتدمير الترسانة العسكرية وتحالفه مع إيران، ولا تعجب حين ترى دكتورا، أو بروفسور قد ولد في عهد الزعيم ثم أكمل الثانوية، والجامعة، وسافر إلى الخارج، ورجع إلى بلاده بأروع الشهادات العالمية، ثم يقف منحني الرأس أمام هـــذا الصنم، في نفس الميدان..
والشعب لو كان حيا ما استخف به … فرد ولا عاث فيه الظالم النهم .


لا زال القائد العربي يعيش الحالة الأولى للعرب العاربة حالة العصبية والأنانية، والكرسي والعرش والحشم والخدم، كما قال الهالك فرعون ( ما أريكم إلا ما أرى ) ولا زالت العقلية العربية إلا ما ندر تعيش حالة .


وما أنا ألا من غزية أن غوت …غويت وان ترشد غزية أرشد
وفيما مضى كان الدافع القبلي هو المهيمن، أما اليوم فالدافع المالي طغى على كل شيء…
استطاع المخلوع أن يكنز مالا خياليا، قدره بعض المتخصصين الغربيين بعشرات مليارات الدولارت، ولا يحتاج اليمني في المناطق الشمالية كثيرا من المال ليبيع صوته ومذهبه وولائه، فعشرين دولار كفيله بإخراجه من بيته، وتسجيل مواقفه، وقديما قال شكسبير ( إن حشد العقلاء أمر معقد لكن حشد القطيع لا يحتاج سوى راعي وكلب )…..
هناك طبقة قليلة مثقفة وواعية، وتدرك حجم السقوط، بعضها من المناطق الوسطى، لكنها متخمة بالمال والمصالح، غارقة في الشهوات، مدينة لموالها لا تستطيع أن تخرج عن رأيه وخطته….
الوعي والثقافة والفكر والحضارة والمدنية مصطلحات غريبة، ليس لها حاضنة نخبوية في الشمال عموما وشمال الشمال خصوصا إلا ما ندر والنادر لا حكم له…
طاعة الأسياد والكبراء مؤصلة في القرآن الكريم ( ربنا إنا اطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا…) وعبودية المال كذلك بقوله ( ومن الناس من يعبد الله على حرف، فان أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة) …
حالة الجنوب تبدو أكثر غموضا ، وأكبر تخبطا، فعدن المحررة لا زالت تعيش وقع الانفجارات، والقتل والدماء، وتبقى المسؤولية ملقاة على النخب الجنوبية المثقفة التي أظهرت الأيام والليالي أنها لا تملك حيلة، ولا تمت إلى معركة التحرير والاستقلال بصلة…..
ستظل الأمور كما هي، لا جديد يذكر، فالشعوب التي تفتقر للوعي لا تدرك مشاكلها فضلا عن حلها، ولا رجاء من الخارج ، فالخارج لا يأبه كثيرا بما نريد، بقدر ما يرنوا إلى إرادته وأهدافه .


د.عبد المجيد العمري