fbpx
مفتي مصر: التعليم الصحيح أقوى سلاح في وجه التطرف
شارك الخبر

يافع نيوز – الشريعة والحياة:

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية المصرية، أن خطر الإرهاب أصبح يهدد الجميع، ولن نحقق أي تقدم ملموس إلا إذا تحمل كل طرف مسؤوليته بجدية مدينا بشدة التفجيرات الإرهابية التي حدثت ببروكسل صباح اليوم. وأوضح في كلمته اليوم أمام البرلمان الأوروبي في مدينة بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي ، أن مصر حذرت كثيرا من خطر الإرهاب ولم يستمع إليها أحد وأن مصر قادرة على دحر الإرهاب.
وقال علام: “أحب أن أؤكد لكم أن مصر الآن تحيا مناخًا سياسيُا قائمًا على الوضوح والشفافية بعد أن أتمت خارطة الطريق بانتخاب مجلس النواب، الذي أكمل سلطات الدولة الثلاث، لتكمل مسيرة التقدم والرقي”.
وأضاف المفتي، أن مصر باعتبارها رمانة الميزان لمنطقة الشرق الأوسط، فإن لها دوراً محورياً وضرورياً في النظامين الدولي والإقليمي يحظى بالتقدير من المجتمع الدولي، ولا يمكن لأحد أن يلغي أو يقلل من دور مصر ومكانتها الدولية، ودورها الإقليمي الذي استعادته بقوة بفضل تحرك القيادة السياسية وتماسك الجبهة الداخلية.
وأكد المفتي، على أن إلتزامنا باحترام حقوق الإنسان والحريات هو إلتزام أصيل لا حياد عنه وهو أمر نابع من ديننا وخصوصيتنا الثقافية، مشيرًا إلى أن من المبادئ الأساسية للنظم الديمقراطية هي الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وألا تتدخل سلطة في عمل أخري، وهو ما نحرص عليه في مصر في الوقت الحاضر مشددا أن المسلمين والمسيحيين هم مصريون يعيشون في وطن واحد.
وأضاف أن من مبادئ الديمقراطية المعترف بها سواء في مصر أو في دول الإتحاد الأوروبي وفي ميثاق الأمم المتحدة احترام سيادة الدول الأخرى، وعدم التدخل في شئونها الداخلية، لافتًا إلى أننا في مصر نعلم جيدًا أن مسائل حقوق الإنسان وإن أضحت شأنا يهم الجميع، إلا أن المصريين جميعًا لا يقبلون بالتدخل في الشأن الداخلي المصري.
وشدد مفتيمصر علام، على أنه ينبغي عدم استخدام الأسلوب الانتقائي في التعامل مع مسائل حقوق الإنسان، أو تسييس بعض حالاتها، أو التدخل بسببها في سير التحقيقات القضائية وما تجريه أجهزة إدارة العدالة الوطنية من إجراءات، وذلك احتراما للديمقراطية ذاتها.
وأكد المفتي على أهمية التناول الموضوعي والعادل والمنصف للقضايا ذات الاهتمام المشترك، من خلال الحوار البناء والمتبادل القائم على الاستماع للرأي والرأي الآخر، بناء على المعلومات الموثقة والصحيحة من مصادرها، وليس الأقوال المرسلة والمعلومات المغلوطة.
كما أكد بقوله: أننا نواجه تحديات مشتركة تحتم علينا فتح قنوات الحوار المباشر مع بعضنا البعض، من أجل إيجاد حلول لتلك التحديات والمشكلات التي يواجهها العالم.
وأشار إلى أن غياب العدالة والإنصاف في حل الصراعات الإقليمية والدولية وازدواجية معايير الشرعية الدولية، وانتقائية تطبيق مبادئ القانون الدولي، وانتهاج أساليب القوة والاستعلاء في العلاقات الدولية، قد ساهمت في تأجيج التطرف والإرهاب.
وأضاف في كلمته أن علماء الدين الإسلامي أخذوا على عاتقهم نشر الصورة الحقيقية عن الإسلام والتي نأمل أن تعطي العالم فهم أفضل عن الإسلام، مشيرًا إلى أن هذا الفهم بدوره يساعدنا جميعا أن نحيا معاً في سلام واستقرار وتعاون متبادل، لأن خطر الإرهاب أصبح يهدد الجميع، ولن ننجح في تحقيق أي تقدم ملموس في هذا الملف الخطير إلا إذا تحمل كل طرف مسؤوليته بجدية.
وشدد مفتي الجمهورية أن الفتوى تعد أحد الأدوات المهمة من أجل استقرار المجتمعات؛ ولكن الجماعات المتطرفة تستخدمها كأداة لهدم المجتمعات ونشر الفوضي وتستغل بعض النصوص الدينية التي تفسرها بمنطق مشوه وغير علمي من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية وتبرير أعمالهم الإجرامية.
وأوضح المفتي لأعضاء البرلمان الأوروبي أن مصدر التبرير المزعوم لكثير من مظاهر التطرف والعنف في العالم الإسلامي وخارجه ليس مرده إلى تعاليم الأديان، ولكن لمجموعة معقدة من العوامل نحتاج لفهمها جيدا بشكل معمق حتي نعالج هذه الظواهر التي تهدد العالم أجمع.
وقال علام: “اسمحوا لي أن أكون واضحاً بأن أكرر لكم أن الإسلام ضد التطرف على طول الخط، لكننا إن لم نفهم العوامل التي تقدم لتبرير العنف، فلن نتمكن أبداً من استئصال هذا الوباء. ولابد من فهم ذلك حتى نبني مستقبلا أفضل يضع نهايةً لهذا الوضع الذي يؤزم العالم”.
وأشار إلى أن الإسلام الذي تعلمناه وتربينا عليه دين يدعو إلى السلام والرحمة، وأول حديث نبوي يتعلمه أي طالب للعلم الديني: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”، مضيفًا أن فهمنا للإسلام ينبثق من فهم معتدل صاف للقرآن: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”. وعندما قال الله”لتعارفوا” لم يكن مراده تعالى أن يقتل بعضنا بعضا، فكل الأديان متفقة على حرمة قتل الأبرياء، وإننا إنما أمرنا بالتعاون في بناء وعمارة الأرض.
وقال المفتي: “أعلم أنه لا يكفي أن نقول أن الإسلام دين السلام، ولكن لابد من اتخاذ خطوات ملموسة لغلق الباب أمام هؤلاء القلة المنحرفة عن تعاليم الأديان”.
وتابع: “أحب أن ألفت النظر إلى واحدة من المشكلات التي تواجه المجتمعات الدينية اليوم هي قضية المرجعية، فالإسلام والأديان الأخرى تشهد ظاهرة تصدي غير المتخصصين ممن ليس لهم نصيب وافر من التعليم الديني وتنصيب أنفسهم مرجعيات دينية بالرغم من أنهم يفتقرون إلى المقومات التي تؤهلهم للحديث في الشريعة والأخلاق”.
وأشار إلى أن هذا التوجه قد أدى إلى أن فتح الباب على مصراعيه أمام التفسيرات المتطرفة للإسلام والتي لا أصل لها في الواقع. ولم يدرس أحد من هؤلاء المتطرفون الإسلام في أيٍ من معاهد التعليم الديني الموثوق بها، وإنما هم نتاج بيئات مفعمة بالمشاكل، وقد انخرطوا في تفسيرات مشوهة ومنحرفة لا أساس لها في العقيدة الإسلامية.،فغايتهم تحقيق مآرب سياسية محضة لا أصل دينياً لها؛ فهمهم إشاعة الفوضي في العالم.
وأكد، أنه لا مانع أبدًا من قيام المرأة بمهمة الإفتاء، فالفيصل هو العلم والفقه، فالمفتي والمفتيات ليس لقب إنما من تنطبق عليه الشروط، يكون مؤهلًا للفتوى ويتصدر للإفتاء.
وقال: “لدينا بالفعل في دار الإفتاء المصرية عدد من العاملات والمتدربات في مجال الفتوى، وهنا بعض علماء الأزهر من السيدات بالطبع يصلحنّ للفتوى ولديهم التأهيل العلمي والشرعي للقيام بتلك المهم الجليلة”.
وعرض، أمام البرلمان الأوروبي لتجربة دار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرف والإرهاب، حيث أكد أن دار الإفتاء استشعرت خطر فتاوى الإرهاب وقامت بحزمة من الإجراءات لمواجهة الآلية الدعائية للتنظيمات الإرهابية ومن ضمنها داعش، وذلك من خلال إقامة مرصد لمتابعة الفتاوي التكفيرية والمتشددة، والرد على هذه الفتاوى وتفنيدها من خلال منهج علمي رصين، وإقامة مركز تدريبي متخصص حول سبل تناول ومعالجة الفتاوى المتشددة. 
ولفت المقتي علام، إلى أن دار الإفتاء استغلت أيضًا الطفرة الإلكترونية الهائلة ووسائل التواصل الحديثة للوصول إلى أكبر قطاع ممكن من الناس من مختلف الدول وبمختلف اللغات، حيث أطلقت العديد من الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للرد على المتطرفين، والتي تزيد عن عشر صفحات يتابعها ما يقرب من 4 مليون مستخدم، فضلًا عن الموقع الإلكتروني للدار الذي ينشر الفتاوى والمقالات والأبحاث ومقاطع الفيديو بعشر لغات.
 
 
بالإضافة إلى إطلاق صفحة إلكترونية بعنوان “داعش تحت المجهر” باللغتين العربية والإنجليزية لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسوقها التنظيمات الإرهابية، وإطلاق مجلة إلكترونية “بصيرة” باللغتين العربية والإنجليزية لنشر الإسلام الوسطي المعتدل، وترجمة أكثر من 1000 فتوى باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية نسبة كبيرة من هذه الفتاوي متعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة وما تسوقه من مفاهيم وتصدره من فتاوى مغلوطة، وكذلك إصدار موسوعة لمعالجة قضايا التطرف والتكفير باللغات الأجنبية.
وأكد، في ختام كلمته أمام البرلمان الأوروبي أنه ليس من سلاح أقوى في وجه التطرف من التعليم الصحيح، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية- وهي أكبر مؤسسة عالمية لإصدار الفتاوى في العالم- على أتم استعداد للمساعدة لتحقيق هذه الغاية. 
وأضاف: “نحن في دار الإفتاء نسعي لتقديم الفتوي الشرعية التي تحقق مصالح العباد والبلاد لجميع المسلمين في العالم، والتي تسهم في فهم الإسلام علي نحو صحيح وستساعد على العيش معا في سلام وسكينة وتعاون متبادل”.
واوضح: لا توجد محاكمات ذات توجه سياسى، فجميع المحاكمات تتم فى إطار سيادة القانون، والقضاء المصرى مستقل، والمحاكمات تتم بعد تحقيق قضائى متكامل، أما عن المهام المنوطة بدار الإفتاء فهى تقتصر على إصدار الفتوى فى قضايا الإعدام حيث تحيل محاكم الجنايات وجوبا إلى المفتى القضايا التى ترى بالإجماع وبعد إقفال باب المرافعة وبعد المداولة إنزال عقوبة الإعدام بمقترفيها، وذلك قبل النطق بالحكم، تنفيذاً لقانون الإجراءات الجنائية، حيث أتفحص القضايا المحالة إلىّ من محكمة الجنايات، وأدرس أوراقها دراسة مستفيضة حتى أطمئن بشكل تام.
 
واختتم بقوله، أن دار الإفتاء فى نظرها لقضايا الإعدام تمثل حلقة مهمة من حلقات المحكمة، لذا يجب عدم الخوض فى أى تفاصيل بشأن القضايا المحالة إليها، تحقيقاً لمبادئ العدالة وسيادة القانون، كما أن المفتى ينظر قضايا الإعدام من الناحية الشرعية فقط، بغض النظر عن الأشخاص في تلك القضية.

*بوابة الفجر

أخبار ذات صله