fbpx
هيئة الـ BBC للأسف*

د عيدروس نصر ناصر

ما يزال الكثير من المشاهدين للبث التلفيزيوني الفضائي والمتابعين للبث الإذاعي يعتبرون هيئة الـ BBC صورة للموضوعية والدقة والمهنية وسرعة نقل المعلومة والخبر وتحقيق السبق في كثير من الأحداث والحوادث.

وبغض النظر عن دقة هذا التقييم من عدمها فإن سمعة هذه الهيئة العملاقة بشبكتيها التلفيزيونية والإذاعية تأخذ في التراجع في ظل المزاحمة حامية الوطيس على الفضاء الرقمي الإذاعي والتلفيزيوني والتنافس بين المحطات الإذاعية والتلفيزيونية على كسب لب المشاهد والمستمع معا، لكن هذا ليس السبب الوحيد في تراجع سمعة هذه المحطة التلفيزيونية والإذاعية العريقة، بل إن اعتماد المحطة على مراسلين ذوي لون أيديولوجي وسياسي معين، وإن تظاهروا بالحيادية، يجعلها محل استخفاف بل وازدراء ليس فقط من قبل المختلفين مع الانتماء السياسي والأيديولوجي لمراسليها (المقنعين) بل وحتى من قبل من ظلوا يحترمونها لفترة تاريخية ليست بالقصيرة.

عندما يصر مراسل بي بي سي في اليمن على أن معركة المنصورة يوم السبت (12/3/2016م) كانت بين الحراك الجنوبي وبين أجهزة الأمن في المحافظة التي يقودها أحد أبرز قادة الحراك الجنوبي مثلما يدير السلطة المحلية فيها قائد آخر من قادة الحراك الجنوبين، وبالرغم من تأكيد الأجهزة الأمنية في عدن وقوات التحالف العربية أن المعركة كانت مع أحد أوكار تنظيم القاعدة التي تتلقى تعليماتها من أجهزة المخلوع في صنعاْ، فإنه، أي المراسل، يستقي أخباره من مطابخ عفاش والحوثي مثلبسا ثوب الحزبية والشطرية ، مهما تظاهر بالمهنية والموضوعية.

وعندما يصر هذا المراسل على نسب كل حدث سيء يجري في عدن أو في الجنوب إلى الحراك الجنوبي، ويصطنع من عنده أخبارا لا وجود لها على الأرض، متحدثا عن مصادر مطلعة (وهمية) ومنظمات حقوقية (لا يعرفها أحد) فإنه بذلك لم يعد مراسلا لقناة محترمة يفترض أن تحافظ على حياديتها وسمعتها التي بنيت عبر عقود طويلة، بل إنه يتحول إلى كاتب تقارير حزبية أو معلومات استخبارية وهذا يضع قناة البي بي سي أمام امتحان الاختيار بين سمعتها ومكانتها أو شهوات وتمنيات مراسليها. . . . .

لن أقول للقائمين على البي بي سي: استبدلوا مراسليكم الذين يسيؤون إلى سمعتكم ويحولون وظيفتهم لخدمة توجهات سياسية مكشوفة، ولن أقول لهم: أبحثوا عن مراسل قريب من موقع الحدث لأن الذي في صنعاء لا فرق بينه وبين الذي في لندن من حيث القدرة على معرفة التفاصيل ومتابعة الحدث الذي يجري في عدن أو حضرموت، ولن أقول لهم: لماذا تقتصرون في استضافتكم على أنصار لون سياسي واحد أو لونين سياسيين وتستثنون أي جنوبي ممن يطرحون مطالب شعب الجنوب، فهذا شأنكم وتلك سياساتكم، لكنني أقول لهم : إن اعتمادكم على مراسلين حزبيين وأيديولوجيين متحيزين لقناعات أحزابهم وتوجهاتهم، وحرصكم على تغييب قضية دوى صوتها في كل أرجاء الأرض، كل هذا يجعل حديثكم عن الموضوعية والمهنية والدقة والحيادية محل استفهام وتساؤل، ما من شأنه أن يخصم من السمعة الطيبة التي بناها الرواد الأوائل للـ BBC على مدى عقود طويلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

* من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.