fbpx
الأسباب العميقة للنزاع اليمني من الثورة إلى الهاوية كتب/ أحمد صالح الفقيه
شارك الخبر


من الأمور العجيبة في النزاع اليمني هو تصويره بانه نزاع حول الدستور، وبالتحديد نزاع حول النظام الفيدرالي الذي اقره الحوار الوطني الشامل. ووجه العجب هوان اليمن كان في الحقيقة يحكم بلا دستور وان النظام الاجتماعي اليمني كان دائما نظاما تفرضه القوة، ويمثل إرادة الرجال الأقوياء أكثر مما يمثل راي عامة الناس.

كانت السلطة تتركز دائما في شخص الملك او الرئيس وتشد ازره سلالة وقبائل في حالة الامامة الملكية، وبيروقراطية وطبقة من الضباط العسكريين في حالة الرئيس الجمهوري. ومنذ ان كتب اول دستور يمني بعد ثورة 26 سبتمبر ظل الدستور حبرا على ورق ولم تكن احكام الدستور تراعى على الإطلاق، وذلك لزوم تنفيعا للمحاسيب، وزرع الأنصار في أجهزة الدولة خلافا للقوانين، والتكسب باستغلال النفوذ أي التصرفات التي تغذي وتديم نظاما من اللصوصية الشاملة والنهب المنظم يعمل لمصلحة متنفذي ما اسمي بإقليم آزال، ولهذا فان اليمن كان عمليا بلا دستور،والدساتير التي أعلنت لم تكن اكثر من اكسسوار زائف وكذلك الحال مع الديمقراطية والفصل بين السلطات.

مشروع الدستور الذي تمخض عنه الحوار الوطني الشامل لم يكن الا الذريعة لإعلان الحرب والعمل على استعادة السيطرة على البلاد. فحزب الإصلاح الإخواني المتحالف مع أحزاب أخرى في اللقاء المشترك كان قد تصدر الثورة الشبابية الشعبية في العام 2011 بدعم مالي كبير من قطر وتركيا،وهي الثورة شارك الحوثيون معهم فيها كتفا لكتف، ولكن حزب الإصلاح سعى ليكرر سيرة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد 33 عاما وذلك عن طريق إحلال عناصره في الوزارات والمحافظات وحتى المديريات وكذلك في الوحدات العسكرية، فأثار كراهية كبيرة وسخطا عليه لاستخفافه بالناس وبدماء الشهداء.

الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي حاول ان يفرض نهجا جديدا في البلاد خلاصته ادخال القوى الشمالية النافذة في قمقم إقليم أزال، وانشاء عدد من الأقاليم الأخرى في شكل نظام فدرالي جديد لمنع هيمنتهم على الدولة ومن ثم على البلاد كلها. ولجأ الى مناورات مع الحوثيين والإصلاح لم تفد إلا في الإساءة إليه، ولم تمنع الأطراف من المضي في مخططاتها حتى اصطدمت بالجدار. وقد أثمرت مناوراته محاولات اغتيال إصلاحية متعددة توجتها الهجمات الوحشية على القيادة العسكرية العليا (العرضي).

وعندما اتجه الحوثيون من الثورة الى الهاوية بالسيطرة على صنعاء بتحالف قوي مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، والذي ظهر تأثيره في قدرة الحوثيين على السيطرة على قبيلة حاشد بدعم مباشر من المشايخ المتحالفين مع الرئيس المخلوع،كان من الواضح ان قدرتهم على السيطرة على صنعاء انما تمت بالتعاون الكامل مع الحرس الجمهوري الذي يمحض ولاءه للمخلوع. وقد كان وصول الحوثيين الى صنعاء والضربات القوية التي وجهوها الى الوحدات العسكرية والقيادات القبلية المحسوبة على حزب الإصلاح، محل ترحيب شعبي كبير نظرا للسخط الذي كان حزب الإصلاح قد اثاره على نفسه بتصرفاته الفاسدة والشائنة.

وبعد دخول الحوثيين الى صنعاء ركع الإصلاح وخنع وحرك ذنبه واستلقى امام المنتصر، ووقع معهم ما أرادوا من وثائق، واتضح ان حجمه كان إعلاميا في الأساس كالطبل
تماما.

فهل كان من الضروري للمخلوع والحوثيين اثارة الحرب الاهلية والفتنة المذهبية بالسعي لاحتلال كامل البلاد واسقاط السلطة الانتقالية؟

الجواب ان ذلك لم يكن ضروريا على الاطلاق؛ فمنصب الرئيس كان على وشك ان يخضع لانتخابات تلي الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد وما يتلوه من انتخابات نيابية ورئاسية وكلها على مسافة عدة أشهر. والحال ان المؤتمر الشعبي العام وهو حزب الرئيس المخلوع كان قد تمرس بتزوير نتائج الاستفتاءات والانتخابات منذ العام 1993 ولا زالت مقدرات الحكم بيده، وكان من السهل عليه ان يزور نتيجة ترفض مشروع الدستور الجديد او على الأقل الجزء المتعلق بالجمهورية الفيدرالية، وكان من اليسير عليه أيضا ان يفرض الرئيس الذي يريد عن طريق تزوير الانتخابات كالعادة وكفى الله المؤمنين شر القتال.

ولكن يبدو ان حقد صالح الشخصي على حزب الإصلاح لتفجيره مسجد دار الرئاسة الذي أدى الى احتراق جسده، وخضوعه بالنتيجة لسلسلة عمليات ترقيع في السعودية هو السبب المباشر في ركوبه طريق الحرب الاهلية واغراء الحوثيين بها بغرض القضاء على حزب الإصلاح جسديا وتصفيته واخراجه نهائيا من الساحة السياسية، يضاف الى ذلك غباء صالح والحوثي الذي جعلهما يستبعدان التدخل السعودي ليس حبا في الإصلاح ولكن تحسبا من الحوثيين وكونهم جزءا من الحملة الفارسية على العالم العربي.

ومن جهة أخرى كان هناك حسن نصرالله الذي بلغت ثقته الجنونية بنفسه حد الاعتقاد بأنه قادر بجهاز مخابرات حزب الله، وبضع عشرات من ملايين الدولارات، ان يحدث
اختراقا رئيسيا في الجزيرة العربية يهدد بشقها بين سنة وشيعة، انطلاقا من السيطرة على دولة اليمن التي تبلغ مساحتها خمسين ضعف مساحة لبنان،وشعبها الذي تعداده خمسة وعشرون مليون نسمة. لقد كتبت مرارا ان الإسلامويين السياسيين ينتشر بينهم الخلل العقلي، وبوجه خاص المنتمون الى عائلات قرشية وذلك كنتيجة لانتشار زواج الأقارب في اوساطهم حفاظا على الدم المقدس، وحسن نصرالله آية في هذا الباب.

في إحدى ثرثرات صالح القديمة التي يستظرف فيها نفسه، قال مفاخرا بقبيلته: ان أحد الائمة أراد اختبار شجاعة مشايخ اليمن فجمعهم، وامر بتسخين حديدة المحراث التي تشق بها الأرض حتى الاحمرار، وعين مسافة، ثم طلب ممن يجد في نفسه الشجاعة منهم ان يحمل خلالها الحديدة على ظهره، فلم يتقدم إلا السنحاني الذي حمل الحديدة على ظهره وسار بها المسافة المطلوبة، ولا بد انهاسلخت لحمذلك الثورعن العظم بالتأكيد. المفارقة ان صالح وبدون مسابقة اختار مقاعد ولن أقول خوابير حديدية محماةوجلس عليها هو وشركاؤه، ومع ذلك لم يكفوا عن القاء الخطب حتى اليوم.

أخبار ذات صله