fbpx
حياتنا ومنظومة القيم .. بين السلبية القاتلة واللامبالة المفجعة !

بقلم / صالح شائف
كانت وستبقى منظومة القيم الإجتماعية والأخلاقية والدينية والإنسانية وبكل أبعادها الفاعلة والمتفاعلة دوما وعلى مر العصور والعابرة للحدود والحواجز والقيود غير تلك التي تشكلها المناعة الذاتية للشعوب وحضاراتها المختلفة ؛ ذلك الوعاء الحاضن وعبر مختلف مراحل التطور التاريخية التي شهدتها مختلف الشعوب والأقوام للسلوك القويم وضابط الإيقاع الأول لتناغم وتفاعل العلاقات فيما بين البشر وقاعدة الحكم الأولى على أفعالهم بخيرها وشرها ؛ ومرجعيتهم التي يحتكمون إليها وبعيدا عن وسائل الإجبار التي تجسدها أحكام القانون التي تتدخل أو يتم اللجؤ إليها بعد أن تخرج عن السيطره وتغادر حالتها ( الطبيعية ) إلى حالة ( التمرد ) المعلن عن أي ركن من أركان منظومة القيم هذه ؛ ومن بين القيم التي نحتاج لتفعيلها اليوم وأكثر من أي وقت مضى هي قيمة العمل والقيام يالواحب الذي يمليه الضمير الإنساني الحي على صاحبه ؛ ومساندة الحق والدفاع عن الكرامة وعدم التسامح مع الجريمة ومرتكبيها والتعاون في صد الأذى والخطر وحفظ النظام وإنقاذ الجار وعدم التستر على من يهددون حياة الناس ويخلون بالأمن العام وبالسكينة العامة في حياة المجتمع …. ألخ ؛ وهذه الحاجة لتفعيل القيم أصبحت حالة عربية تكاد تكون عامة في هذه الأوضاع المشتعلة بالحرائق والحروب المتعددة وأن تعددت الأسباب وأختلفت الظروف …
غير أن ما نشاهده في الجنوب وفي عدن وحوطة لحج على وجه التحديد لأمر محير ومؤسف ويبعث على القلق والخوف على قيمنا وأخلاقنا التي لم تكن يوما كذلك إطلاقا وهو ما يعكس شعور اللا مبالاة وعدم إستشعار الخطر الذي يهدد الجميع ولن ينجو من نتائجة وتبعاته آحدا بما فيهم أولئك الذين يعتقدون بأنهم في مآمن من كل ذلك !!

والسؤال الملح الذي يطرح نفسه هنا وبقوة في حياتنا المعاصره وهو عن دور ومكانة الأسرة بصفتها المرجعية والقاعدة في كل تلك المنظومة .. فهل مازالت تجسد هذا المعنى وتلعب ذلك الدور المنوط بها تاريخيا ؟!
والإجابة بكل تأكيد ومع الأسف الشديد بأنها لم تعد كذلك ؛ وبالتالي فأننا أمام حالة خطيره من ( الإنحطاط ) القيمي وبكل أبعاده وجوانبه والذي لا تتحمله ( الأسرة ) وحدها ؛ بل هي أول ضحاياه ؛ وفي إطارها ينال الأطفال نصيب الأسد وهذا أمر مؤسف حقا وهو مايعني بأن الخطر مضاعف على صعيد تنشئة الأجيال القادمة ؛ وهو أيضا ما قد يجعلها تعيش حالة فقدان التوازن وعدم الشعور بالمسؤولية في مجتمعاتنا العربية وضعف الصلة بماضيها القيمي الأصيل والإغتراب ( الروحي ) في حاضرها ..
فقد شهدنا خلال العقود الأخيرة تحديدا هجوما عنيفا على قيمنا النبيلة التي تجسد ذاتنا وتعبر عن هويتنا وأصالتنا التي لا تتعارض أبدا مع التطور المنطقي للبشرية وثورة العلم والحداثة التي يشهدها عالمنا اليوم ومع عوامل التلاقح الإنساني الرفيع الذي لا ينعكس في منظومة القيم التربوية ( الإعلامية والثقافية ) العربية إلا بشكل قاصر ومشوة ؛ بل وبطرق تكاد تكون هدامة في غالبها الأعم ؛ ولنا فيما تقدمه الفضائيات العربية وما أكثرها ( ١٢٥٠ ) قناة ولعل آخطرها تلك التي تتخذ من الدين الإسلامي الحنيف ستارا لها فيما تبثه من سموم وتخريب لعقول الشباب ؛ ناهيك عن الدور السلبي الذي تقوم به الكثير من الأفلام والمسلسلات وسيل الأغاني الهابطة والرخيصه والفاقدة للمضمون والمؤثرة على وعي وإيجابية الشباب وحيويتهم وتفاعلهم في المجتمع لخير دليل على ذلك ؛ مع إستثناءات محدوده من بين كل ذلك ؛ بل أن المبدعين الجادين في كل تلك المجالات لا يجدون من يتعامل مع أعمالهم الإبداعية فنية كانت أم فكرية وثقافيه ؛ بل أصبحوا في نظر أدعياء ( الحضارة والتقدم ) والعصرنة غير المنضبطة ( متخلفون ) !!

أما الحديث عن ما نشهده من تأثيرات خطيرة ومدمرة على كامل منظومة القيم في حياتنا والتي تمارس عبر الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي فحدث ولا حرج كما يقال وتحتاج لتناول أخر أكثر عمقا وشمولية من هذه الإشارة العابرة ؛ لآن مخاطرها أشد وقعا وأكثر تأثيرا على الآجيال الشابة ويتعاظم فعلها وينتشر نطاق تأتثيرها يوما بعد أخر ؛ بسبب إنعدام الضوابط وغياب الترشيد المسؤول الذي لا يتعارض مع حرية الرأي والتعبير عن الفكر الحر وحق الناس في الحصول على المعلومات ومصادر المعرفة الإنسانية المتعددة الثقافات والتجارب الإنسانية المختلفة ودون قيود ..

أن السكوت عن ما وصلت إليه حالة منظومة القيم في حياتنا وعدم المبالاة التي نعيشها وتتجاهلها المؤسسات الرسمية والمجتمعية والتخلي عن دورها ومسؤوليتها على هذا الصعيد لهي جريمة كبرى لا يمكن تبريرها وتحت أي ظرف من الظروف وأن الجميع مدعوين للنهوض بمسؤولياتهم والتصدي لحالة السلبية الخطيرة على هذا الصعيد وقبل فوات الآوان .. !