fbpx
عن اشتباكات المعاشيق*

د عيدروس نصر ناصر**

علمت عن اشتباكات المعاشيق (الأحد 28/2/2016م) فور اندلاعها من سكان في عدن وليس من المواقع الإلكترونية أو شبكات التواصل الاجتماعي التي راح بعضها يؤول ما جرى على هواه بينما استغلته المواقع والمراكز التي تعمل لصالح الحوافش لتضيف من عندها ما يناسب تمنيات القائمين عليها  وما يخدم أجندات أسيادها.

الذين اتصلت بهم في عدن قالوا لي أن الاشتبكات بين شرطة عدن وحراسة الرئاسة، ورووا لي تفاصيل لم أصدقها لكن لم يكن لدي الوقت لمناقشة وتفحص كل جزئية وقلت لنفسي كما يقول الإخوة المصريون “يا خبر بفلوس بكره يبقى بلاش” رغم حالة القلق التي أصبحت تزورنا وتحرق أعصابنا بعد كل حادثة من تلك التي تشهدها عدن والمناطق التي يقال أنها محررة.

تصريح قائد الحرس الرئاسي كشف القناع عن أسرار تلك المواجهات، وشخصيا شكل هذا التصريح بالنسبة لي صدمة عنيفة لم أكن أتوقعها، لأن المبرر طلع أسوأ من كل التأويلات التي سربت أو كما يقال طلع “عذر أقبح من ذنب”.

قال قائد الحماية الرئاسية إنه ” تم الاتفاق عند الساعة الواحدة من ظهر الأحد ، على اعطاء جزء من مساحة معسكر طارق المحاذية لمبنى إدارة أمن عـدن، ليكون تحت إشراف إدارة أمن عدن، وإبقاء بقية مساحة المعسكر لاختصاصات اللواء الثالث”.

وهكذا يتضح أن المواجهة لم تكن بين قوة معادية هاجمت القصر الرئاسي بالمعاشيق وقوة الحراسة الرئاسية، ولا حتى بين المقاومين المطالبين بحقوقهم وبين الحراسة الرئاسية، كما سربت بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، بل كان نزاعا على أرضية معسكر طارق، وهو ما يبعث على الدهشة والتساؤل: إذا كان المعسكر هو أرض الدولة، وكانت الشرطة والحراسة الرئاسية جهازين من أجهزة الدولة لماذا يتواجه الطرفان على شيء يخص الجهة التي يتبعانها؟ وإذا كان المعسكر لأحد الطرفين، وكلاهما تابع للدولة فلماذا يتواجهان أيضا؟ ولماذا يتنازل أحدهما للطرف الآخر؟

بعد تصريح قائد الحراسة الرئاسية سرت على مواقع التواصل الاجتماعي موجة من التأويلات عن أسباب النزاع، أخفها أن السلطة المحلية تتجه لإفراغ معسكر طارق وتحويلها إلى أرض استثمارية وأن النزاع هو على أي من الطرفين يحق له أن يسطو على الأرضية ليستثمرها لصالحه أو لصالح جماعته، وأن الاتفاق الذي تحدث عنه قائد الحراسة الرئاسية قد جاء لينظم عملية السطو هذه .

لقد انتظر المواطنون عقودا طويلة ليأتي اليوم الذي تفرغ فيه المدن من المعسكرات وتتحول الأراضي التي تسيطر عليها تلك المعسكرات إلى متنفسات عامة يحرم بيعها ولو بمئات الملايين كما يحرم استخدامها إلا لأغراض السياحة والتنزه فقط ، خصوصا بعد أن سد حكام 7/7 كل المتنفسات واستولوا عليها وحولوها إلى أسباب اختناق لسكان عدن وضواحيها، ومن هنا فإن المنتظر من القيادة الجديدة لمحافظة عدن، كما من غيرها من الأجهزة التابعة لـ”الشرعية” أن تبرهن بأنها تختلف عمن سبقها وذلك من خلال الحرص على ما يعيد لعدن جمالياتها ويجعلها مدينة آمنة محفزة على الاستقرار والاستثمار والسياحة، أما إذا بدأ الحكام الجدد في التنازع على المتنفسات، حتى وإن كان بسبب أنهم يريدونها أن تكون تابعة لمؤسساتهم فإن هذا لا يجعلهم يختلفون عمن سبقهم إلا بالخطاب والكلام وهجاء العهد السابق والتغني بالعهد الجديد، والأوطان لا تبنى بالكلام مثلما لا تقاس المواقف بشتم الخصوم والإشادة بالأنصار.

إننا نحترم قيادات المقاومة التي تولَّى بعض أفرادها مهمات قيادية تحت مظلة السلطة (الشرعية)، كما ليس لنا مواقف عدائية مع السلطة (الشرعية) وكنا أول من دعا إلى التوقف عن مهاجمتها منذ مارس 2015م، لكننا سنكون صريحين مع الجميع، إن الاستمرار في السير على نهج (المخاليع) لا يجعلكم تختلفون عنهم في شيء، حتى وإن صببتم عليهم لعناتكم كل صباح وكل مساء وكل ساعة وكل دقيقة.

ولهذا نقول لكم: إخلوا المعسكرات من عدن وضواحيها وابعدوا العسكر ومخازن الأسلحة وأدوات التفجير من محيط المواقع السكنية ودعوا الناس يشعرون بالأمان واذهبوا بعيدا عن المدينة وتنازعوا كما تشاؤون، وإن كنا نتمنى أن تبرهنوا أنكم شركاء قضية واحدة كبيرة ونبيلة وسامية، لا أطراف تتنازع وتخلق الرعب وتنشر الهلع والخوف وتزهق الأرواح وتريق الدماء بسبب بضع مئات من الأمتار المربعة، ثم تقول لنا بعد كل هذا: لقد كان مجرد سوء تفاهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة مركز شمسان للدراسات والإعلام على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.

**   رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام