fbpx
حل النزاعات القبلية في الجنوب هو مفتاح بناء مجتمع متماسك

كتب : أنيس الشرفي
قال الله تعالى :﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [النساء: 114].

وفي الوقت الذي نجد الفتن تعم العالم العربي عامة واليمن خاصة والجنوب على وجه الخصوص وفي ظل سعي شعبنا الجنوبي لنيل حريته واستقلاله،وما يحيكه له العدو من سعيه لإغراق الجنوب بالفتن والنزاعات العصبوية والقبلية والمناطقية والدينية فإن على رجال الخير وذوي العقول الراجحة والألباب الفطنة أن يكونوا على يقظة تامة لإخماد أي فتنة ووأدها في مهدها دون السماح للنزاعات بالتوسع والتعاظم وذلك من خلال السعي للإصلاح بين المتخاصمين ولم شعث المتفارقين وبناء مجتمع متماسك يعمه الحب والإخاء والتعاون والإيثار وينبذ الفتن والأحقاد والكراهية والتنافر والبغضاء.فما أحوجنا اليوم إلى إصلاح يُدْخِل الرّضا على المتخاصمين، ويُعيد الوئام إلى المتنازعين، لتسكن النفوس، وتتآلف القلوب.قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10]

إن الإصلاح بين الناس رأبٌ للصدع،ولمّ للشعث، وإصلاح للمجتمع كله.ثوابه عظيم لمن ابتغى به وجه الله عز وجل. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ،وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيِهِ».

وفي الوقت الذي نوجه تحية إجلال وإعزاز إلى كل الخيرون الذين شرفت أقدارهم، وكرمت أخلاقهم، وطابت منابتهم ،بمساعيهم الطيبة لإصلاح ذات البين والذين يبرهنون بمثل هذه المساعي الخيرة على نُبل طباعهم وكرم سجاياهم.
فإننا في الوقت ذاته نوجه نداء إلى جميع أفراد المجتمع بما فيهم الأطراف المتنازعة أن يكونوا عونا وسندا لإصلاح ذات البين وأن يتسامى الجميع فوق الآلام والجراحات ويترفعون فوق سفائف الأمور وصغائرها فبناء الوطن يحتاج منا التضحية والفداء والتآلف والتآخي ومؤازرة بعضنا بعضا وإحتواء النزاعات ضمن الأطر الضيقة بين طرفي النزاع دون السماح للتعميم والتعصب والعنصرية العمياء ،فالتنازع مفسد للبيوت والأسر،مهلك للشعوب والأمم،سافك للدماء ،مبدّد للثروات.
قال تعالى﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾[الأنفال: 46].

وفي سبيل الدعوة لمعالجة قضايا الثأر والنزاعات المستعصية خصوصًا في ظل عدم وجود دولة ترسي الأمن وتحفظ الحقوق وتقضي بين المتنازعين فإن الأمر يستوجب تداعي الجميع إلى تشكيل لجان خاصة بإصلاح ذات البين ورفدها بالدعم والإسناد المادي والمعنوي.

إن الواجب يملي على أبناء كل منطقة أن ينبرأ منهم عددا من الرجال الخيرون لمعالجة قضايا المنطقة وأن يكون الجميع عونا وسندا لهم ،خصوصًا تلك القضايا المستعصية التي سألت على إثرها الدماء. وكمثال على ذلك نجد أن لدينا في يافع عددا من القضايا المستعصية مثل قضية أصحاب تلب ، وقضية آل مرفد وآل الحيد وغيرها من القضايا الجسيمة التي ما زال يعيش أطرافها في حالة احتقان وتنذر بإندلاع مواجهات بينهم مالم تكثف مساعي الإصلاح لمعالجتها وإنهاءها بما يحفظ لكل ذي حق حقه ، فنرجوا على كل أبناء يافع تكثيف الجهود ومؤازرة الوسطاء لمعالجة تلك النزاعات ،ونأمل من أطراف النزاع عدم الإقدام على أي فعل من شأنه تأجيج الخلافات واستفحالها ،وأن يفسحوا المزيد من الوقت ويقدموا التنازلات لمصلحة الوطن الذي ضحينا لأجله بآلاف الأرواح وأرتوت تربته بدماء شهدائنا الأبطال.

ومثلها أيضًا يجب أن يتم معالجة كافة قضايا الثأر والنزاعات المستعصية في بقية مناطق الجنوب، فبمعالجة تلك النزاعات نستطيع بناء مجتمع متماسك يعمه الحب والإخاء والوئام.