fbpx
الرئيس هادي والترقيع بأقمشة مهترئة

محامية ليندا محمد علي*
بقرار الرئيس هادي تعيين علي محسن الأحمر نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة يبرهن فخامته أنه لا يبحث عن حل لمشكلات اليمن المزمنة التي تسببت بها شلة الناهبين والقتلة والمجرمين وأبطال الحروب المستديمة في اليمن شمالا وجنوبا، فالتعيين وبدلا من أن يأتي لينتزع عوامل اشتعال النيران جاء ليصب مزيدا من الزيت فوق النار المستمرة في الالتهاب منذ عقود في هذا البلد الذي أكلت الحروب نصف تاريخه الحديث.
وسائل الإعلام المؤيدة للشرعية لا تذكر من تاريخ علي محسن إلا أنه وقف بجانب الثورة الشبابية في العام 2011م وحتى هذه لا يقولون أنه تحول من مجرد باحث عن قارب نجاة، إلى متحكم في حركات الشباب والشابات وصانع لمخرجات الثورة التي تحولت بفضل تأييده لها إلى مجرد صفقة حصل من خلالها هو ورئيسه وأنصارهما على صك غفران أبدي عن كل جرائمهم طوال ثلث قرن.
لم تقل وسائل الإعلام أن علي محسن أكبر ناهب أراضي في اليمن، وأنه كان لديه قضاة في المحاكم يستطيع بمكالمة هاتفية أن يحصل منهم على صك تمليك بجبل أو جبلين ووادي أو واديين، ويتذكر الباعة الصغار للخضار والفواكه في صنعاء كيف كانت أطقم الفرقة الأولى مدرع تلاحقهم لإجبارهم على بيع بضائعهم في “سوق علي محسن” الواقع خلف جامعة الإيمان وعلى أرض من تلك التي سطا عليها الجنرال، كما يحتفظ المواطنون والمعارضون السياسيون الشرفاء بمئات الذكريات المرة عن دور ونشاط علي محسن وعبثه الدائم بكل شيء في حياتهم.
هذا في محافظات الشمال أما في الجنوب فعودة علي محسن إلى واجهة الحياة السياسية والعسكرية يمثل استفزازا وقحا لآلاف الشهداء الذين قضوا على أيدي جنود علي محسن، ولمئات الأسر التي نهب الجنرال أملاكها، وللجنوب بصورة عامة الذي كان الجنرال فاعلا أساسيا في تدمير مؤسساته ونهب ثرواته وقتل أبنائه والعبث بمصيره منذ العام 1994م وبالتالي لما يمثله الجنرال من عنوان للحرب والدم والنهب والسلب والقمع والتنكيل، ويأتي هذا التعيين ليقضي على آخر فرصة كان يمكن أن تهدئ من رفض الجنوبيين لما يسمى مخرجات الحوار التي رفضوها حتى وعلي محسن خارج معادلتها.
يعرف الجميع أن القاعدة في الجنوب هي من صناعة علي محسن (بالتعاون مع رئيسه المخلوع) ويتذكر أهالي أبين كيف أن جماعات جيش عدن ـ أبين في جبال المراقشة، ومعسكرات مجاميع القاعدة في أودية حطاط كانت تتلقى الأغذية والأسلحة والمخيمات والتدريبات والمدربين من قبل اللواء التابع للفرقة الأولى مدرع في زنجبار، أما أنصار الشريعة فكلنا نتذكر كيف جرى تسليم المعسكرات التابعة للفرقة مثلما معسكرات الحرس الجمهوري والأمن المركزي لهذه المجاميع بدون طلقة رصاص واحدة، وما تزال قاعدة علي محسن ومعها قاعدة علي عبد الله صالح تتضافران في حضرموت وشبوة وأبين على مسمع ومرأى من المعسكرات التي يقال أن علي محسن هو من أقنع قياداتها بإعلان الولاء للشرعية، وبمعنى آخر إن تعيين علي محسن نائبا للقائد الأعلى يعني إرجاع المشكلة إلى بدايتها ومعالجة هذه المشكلة باستحضار أسبابها وليس باستبعاد هذه الأسباب.
يعتقد الرئيس هادي أنه بتعيين علي محسن قد خفف على نفسه الأعباء التي تثقل كاهله، وهو لا يعلم، وربما يعلم، أنه قد أضاف أعباء جديدة كان في غنى عنها، لأن الحل الوحيد الذي يمكن أن يقدمه علي محسن هو أن يتصالح مع علي عبد الله صالح وهو ما يلوح في الأفق هذه الأيام، ولو تم هذا فما على الرئيس عبدربه إلا أن يبحث لنفسه عن ملجأ آمن من شرور هاذين الذئبين الذين لا يرتويان من شلالات الدماء.
علي محسن ليس حلا لأي مشكلة في اليمن، ولا هو جزء من أي حل يمكن أن يقدم لهذه المشكلات بل أنه وحده مشكلة بحاجة إلى حل، وبالتالي فإن تعيينه الأخير يأتي أشبه بترقيع ثوب مهترئٍ بقطع أكثر اهتراء، هو معالجة مشكلة كبيرة بمشكلة أكبر منها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* محامية وناشطة حقوقية