fbpx
لن نفيق !!

 

فهد البرشاء

كنتُ أقرأ مقالاً للزميل العزيز فتحي بن لزرق موسوم بعنوان ( مصارحة 2) حمل بين جنباته هموم آلام وأوجاع هذا الشعب البائس  المغلوب على أمره, والكثير من الحقائق المرة التي نحاول أن نتجاهلها أو نمر عليها مرور الكرام,مررتُ على الكثير من فقرات هذا المقال الذي غصت عميقا بين جنباته وحناياه وألتهمت كل كلمه وحرف فيه, لما فيه من القهر المكتوم الذي تفضحه نظراتنا وإنكسارنا ونحن نشاهد تلك الحال التي نحن فيها..

كانت كل كلمه وحرف في هذا المقال بمثابة (طعنة) في صدري إن لم يكن في (صدور) الكثيرين من أبناء الجنوب, ليس (لقسوتها) ولكن لحقيقتها وواقعيتها, وبينما أنا على تلك الحال أستوقفني سؤال كان من جملة أسئلة حملها المقال مفاده: متى نفيق ؟ لبرهة تأملت هذا السؤال لتأتينا الإجابة من واقعنا المؤلم والبائس, وحياتنا الشقية المسحوقة’ بإننا لن نفيق ! ولن نستفيق على الإطلاق حتى وإن تحولت أجسادنا إلى أشلاء, وأرتوت شوارعنا من الدماء, وتناثرت أوصالنا في الأرجاء, وأستحالت حياتنا إلى جحيم لايطاق وعذاب لايحتمل..

لن نفيق أيها العزيز فتحي فنحن شعبٌ لايعتبر ولا يتعض ولايتعلم من الدروس التي تمر به, ومن المآسي التي يتجرعها, ومن الأوجاع التي تنهال عليه, لن نفيق على الإطلاق فتلك (الضربات) الموجعة التي تلقيناها تباعا لم تعلمنا كيف نستغل الفرص, وكيف نخطط للمستقبل, وكيف نتجاوز كل المشاكل..

لن نفيق لاننا لسنا من يسير حياتنا, ولسنا من نرسم مستقبلنا, ولسنا من نملك القرار, نحن شعب للآسف يقتات على الأزمات ويعيش على مخلفات الحروب والفوضى والعبثية والهمجية,نحن فقط نجيد البحث عن أخطأ غيرنا, ونتصيد الفرص المناسبه للنقض على (خصومنا), ونتحالف مع أعدائنا ضد شعبنا ومصالحنا وحياتنا..

لن نفيق أيها العزيز لاننا حتى اللحظة ومنذ تلك الحرب الظالمة التي خاضت المليشيات المسلحة والمخلوع ضدنا لم نستطع أن نحمي أنفسنا, ولم نستطع أن نقف في وجه المخربين وكل العابثين,ولم نستطع أن نكون قوة رادعة أمام  من يمس مصالحنا وأمننا وحياتنا,ولم نستطع أن نقول كلمة (لا) واحدة أمام تلك القوى العابثة وأولئك النافذون المتسلطون..

لن نفيق أبداً لأننا وللآسف لا نبحث عن وطن, بل نبحث عن مصالح, عن غايات, عن ريالات بائسة هزيلة, عن مشاريع ضيقة, عن مناصب, عن كراسي, ولم نفكر (البتة) في شهداء سقطوا , وفي دماء سُفكت, وفي أرواح أُزهقت, وفي حياة أستحالت في لحظة من اللحظات إلى جحيم ولازالت, ولم نفكر أننا منذ ردحا الزمن ونحن نبحث عن هذا (الوطن) وحين لاح في الأفق أدرنا له (ظهورنا) وبدأ كل واحد يبحث عن مصالحة ويرتب أوضاع حياته فقط..

لن نفيق لاننا ببساطة أصبحنا نستعذب آلام غيرنا, ونرقص على أوجاع غيرنا, وننتشي على معاناة غيرنا, ونتكحل بمشاهد القتل والدم والتدمير كل لحظة ولا نحرك ساكن,حتى بات الصمت والرضاء إحدى سماتنا التي نحاول أن ننكرها وننفيها عنا..

لن نفيق حتى وإن عاد الزمان للوراء وعادت سلطة (الديكتاتوريين) والمتسلطين وجلدونا بأسواطهم وجرعونا المر والعلقم, ومارسوا ضدنا أبشع طقوس التعذيب والتهميش والتنكيل, فمن يهن يسهل الهوان عليه..