fbpx
الشيطنة ..!

حينما اشتدت الحرب علينا وهجرنا من بيوتنا وقتلوا أبنائنا وإخواننا وأطفالنا ولأن الحرب علينا كلها كانت باطلة لم نجد ملجأ لنا منها غير الله سبحانه وتعالى وطوال فترة الهجرة والنزوح كان الجميع يبتهل بالدعاء بصدق وإخلاص حتى خيل إلينا أننا بعد التحرير سوف تنتهي من بيننا كل الظواهر السيئة وستنتهي كذلك الثقافة العفنة التي حاول المحتل الشمالي غرسها فينا طوال خمسة وعشرون عاما .. وما كان تحرير عدن في ليلة القدر ليلة السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك إلا إستجابة الله سبحانه لدعوات الأمهات والآباء والأطفال وكانت الفرحة التي غمرتنا جميعا ليس فقط من كانوا منا في عدن بل وفي كل محافظات الجنوب وفي كل بلاد العالم ..
هل تتذكرون تلك الليلة ؟ وهل مازلتم تستشعرون طعم تلك الفرحة بالانتصار العظيم لشباب المقاومة الجنوبية ومساندة قوات التحالف لها ؟
اعتقد أن الجميع مازال يتذكر رغم المآسي والحرمان والحصار والموت الذي كان في كل مكان لكن الفرحة لم يكن لها مثيل إنها فرحة مظلوم ومجاهد في سبيل الله والوطن نصر عزيز مقتدر على جبروت طغاة غازيين لبلاد غيرهم ..
لكن الناظر اليوم لحالنا وبعد شهور عدة من ذلك اليوم وذلك النصر العظيم نرى أن الأخلاق لم تبقى كما هي بل ازدادت سوءً صار الكل لا يفكر غير بذاته وكيف يكسب حتى ولو على حساب حياة غيره ..
لم يعد للوطن قيمة ولا للدين حشمة كل ما كان خطأ يمارس وكأنه صح وأصبح الصح نشار في وسط الكم الهائل من الأخطاء ..
الموظف يسرق من رواتب البسطاء باسم العمولة (عادي) والبلطجي يسرح ويمرح ويطلق النار على الأشخاص وسط الطريق والعامة تتفرج دون أن تحرك ساكنا (عادي )
والفاسد أما باقيا في منصبه مسنودا أو مترقيا لأعلى المراتب (عادي ) والخائن والباغي والمنافق والمعادي وماذا بعد ؟
والأطفال تنتهك أعراضهم فلا من حسيب ولا رقيب وأئمة المساجد أكثر فئات المجتمع (نائمة في العسل ) غيبّت نفسها وكأن هذا المجتمع لا يعنيها فترى كل منكر ولا تنكره ولا تزال منابر المساجد إما تحكي قصص وبطولات السلف الصالح تاركة الخلف طالح أو تمجد مشائخ متحزبة لا يستحقون من الناس غير اللعن والطرد من رحمة الله تعالى لتقاعسهم عن أداء الأمانة التي حملوها وخانوها نظير دراهم معدودات
وأما ملائكة الرحمة فلا يحملون من صفات الملائكة غير لون ملابسهم فبعد تخليهم عن واجبهم في عز حاجة المواطن إليهم أيام الحرب فبعد الحرب عادوا للسمسرة بحياة المواطن وجراحه وإصاباته ..
وماذا نقول عن سماسرة وتجار الحرب وقوت المواطن البسيط من المؤن والوقود فذلك حديث يطول ويطول .
لم يتضرر الجنوب إلا منّا نحن أبنائه فالمحتل وضع لنا حجر الأساس للأخلاق السيئة وأكملنا نحن البناء طوابق عديدة من المكر والغش والخداع والخيانات وانتشار البطش والرذيلة والنهب والتعدي على حقوق الآخرين وحتى أطفالنا طالتهم كل تلك الأخلاقيات السيئة حين فقدوا في البيت القدوة الحسنة لذلك نقول انه حتى الملائكة في وطننا تعلمت الشيطنة ..


سعاد علوي