fbpx
مجنون على السطح

في رواية الكاتب التركي عزيز نيسين مجنون على السطح.. يقف المجنون على سطح شاهق ويهدد برمي نفسه إلى الشارع الأمر الذي جعل الناس يتجمعون ويدعونه للعدول عن ذلك إلا أن الرجل ظل مصرا على أنه سيقوم  برمي نفسه غدا اذ انبرى أحد الحاضرين وقال دعوه أنا أعرف التعامل مع مثل هؤلاء المعتوهين فتقدم منه قائلا يا صاحب الفخامة هل لك ان تتقدم بعض خطوات على سلالم المبنى فما كان منه الا ان اخذ بالاستجابة وهكذا تكرر المشهد بعبارات التضخم التي ندعوه للنزول .. حتى النهاية تذكرت احداث الرواية وعبارات التضخيم التي اعتاد المخلوع صالح على سماعها حتى انه عندما وجه نفسه لا يخاطب بفخامة الرئيس يخاطبه انصاره وكل المستفيدين من عطاياه ممن اطلق ايديهم للنهب والاستقطاع لأنفسهم من الاموال العامة.

وحين وقف المجنون على السطح لم يجد هؤلاء بدا من التعاطي معه بنفس العقلية التي خبروها عنه لعقود مضت.

الفارق ان المخلوع صالح مجنون لا يريد النزول من على السطح حتى حين اخذت تداهم اطراف عاصمته القوات العسكرية التي هي في طريقها حتما لإلحاق هزيمة ماحقة بمليشياته والإطاحة بأحلامه.

المثير ان الرجل يستخدم اتباعه من نسخ القوى الارهابية التي مثل لها حاضنة منذ زمن في نشر الرعب والفوضى واستباحة الارواح في المحافظات الجنوبية وتحديدا عدن ظنا منهم ان ما يقومون بها من اعمال قذرة تمثل لهم سبيل العودة الى السلطة والنفوذ غير مدركين ان الامور تغيرت بصورة صارخة وان زعميهم لم يعد سوى حطاما لا جدوى مطلقا من بث الحياة في روحه المتهالكة مهما فعلوا ومهما استباحوا دماء الابرياء فتلك الدماء تؤرق الامل دون شك بزوال عهد الطاغية الذي يريد أن يقف على ركام شعب مارس القتل بخيرة ابنائه ونهب المليارات من عرق شعبه.

لقد مارس الرجل في أيامه الازفة بشاعات بالغة بحق الشعب وها هو يفرط في سفك الدماء وتحريك خلاياه المعتوهة التي لا تجيد الا القتل تلك القوى الظلامية فاقدة البصيرة تماما ..لكنها وفق كل المعطيات تنتحر كما هو حال زعيمها الذي فقد فيه هذه الاثناء كل ما كان لديه من امل بعد محاولاته البائسة استمالة محور بعض الدول الفاعلة لكنه اكتشف في نهاية المطاف ان ما كان يفعله وهما ليس الا.

بعد ان ادرك ان لا وزن له على الصعيد الدولي حين اخذت تتبدل مواقف دول ظنها ستشكل تدعيما لمشاريعه المجنون وهواجسه المريضة.

فكما يقال العقل السليم في الجسم السليم ..فصالح معتل الصحة فاقد البصيرة والحيلة ويناطح صخرة المجتمع الدولي دون جدوى.

ويبقى السؤال كيف يخاطب الاقزام المحيطين بشخصه زعيمهم المبجل المعتوه؟

هل يدعوه لممارسة البطش والارهاب على نحو ما يفعل في عدن ام انهم سيمضون في بوقتة بعد ان بات يمثل لهم الوطن لان لا وطن لديهم في الاصل فهم ينتمون لصاحب العطايا الزعيم الاسطورة الثابت ان لا امل مطلقا في احياء جثة الماموث الذي هو في طريقه الى التحلل لكن هل يعتقد اي منكم ان اتباعه اقل سقما من زعيمهم لا بل هو اكثر الشخصيات اضطرابا وعدوانية ومرضا ووهما وحقدا والا ماذا يعني عملياتهم الانتحارية المتوالية التي تتم في شوارع عدن الا منه حصل هي فعل ناس اسوياء؟ وهل تظنون ان مثل تلك العقول الفارغة تكف عن فعل ذلك من منظور الافاقة والشعور بالندم والذنب .. كلا مثل هذا الفكر العدواني لا يمكنه الا ان يمضي في غيه حتى النهاية.

فهل من اجل حلم “صالح” بالعودة الى العرش تسفكون دماء الشيوخ والنساء والاطفال الابرياء.

هل لديكم ادنى امل بإقامة امارة صالح الاسلامية خصوصا في الجنوب ، ثم ان مفاتيح الجنة التي تمتلكونها لا تجدي نفعا اذ ما قسنا نهبكم الحياتي الذي لا صلة له بالدين والورع والقيم والاخلاق والنزاهة فلماذا ترسلون المغرر بهم الى الجنة في حين تحافظون على حياتكم وتدافعون عن مصالحكم الدنيوية بضراوة.. وهنا يبرز السؤال كيف اضحى “صالح” زعيما دينيا زاهدا بعد عمر كان فيه على النقيض من ذلك انه ببساطة استخدام الدين سبيلا للسيطرة على عقول البسطاء.

بل هي طرق فاشلة تماما لا يتحقق اثرها اكثر من اراقة الدماء لتكتشفوا في نهاية الامر انتصار الحق والعدل والحياة والحرية.