fbpx
الإعلام السعودي … من المهادنة الى المواجهة مع ايران
شارك الخبر

يافع نيوز – كتب : لطفي بن سعدون :

قبل أيام جدَد السعوديون، البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيزوتحديدا في الثالث من ربيع الآخرالموافق (13 يناير 2016(،وهي البيعة الثانية في تاريخ توليه ملك البلاد.ففي يناير الماضي تحمل الملك سلمان بن عبدالعزيز أمانة حكم المملكة العربية السعودية ,وكان نعم القوي الأمين ,حيث إستهل حكمة بمجموعة من القرارات القوية , التي تتعلق ببنية المناصب الوظيفية القيادية في الدولة.

لطفي بن سعدون

كاتب المقال – لطفي بن سعدون

وقد جاءت هذه القرارات في بيئة عربية تشهد حروبا أهلية في عدة بلدان أدت إلى ضعف القوة العربية , وتصاعد النفوذ والهيمنة الإيرانية ,بعد أن سيطرت على أربعة عواصم عربية كان آخرها صنعاء , حيث شكلت طوقا خانقا على المملكة ودول الخليج من الشرق والشمال والجنوب ,وتصاعدت تهديدات الحوثيين وصالح باجتياح حدود المملكة. وكان لابد للمملكة أن تعيد ترتيب هيكلها القيادي, بإدخال دماء شابة قوية في مراكز صنع القرار , و صياغة إستراتيجيتها الجديدة ,التي تتسم بالحزم والعزم في مواجهة الأخطار ومجابهة وردع العدوان فورا ودون أي تلكؤ . فكانت عاصفة الحزم وإعادة الأمل ,التي قادتها السعودية, بمشاركة تحالف دولي مكون من عشر دول , ضد جماعة “أنصار الله ” الحوثية ,والقوات الموالية لهم ولعلي عبد الله صالح,التي شكلت رأس الحربة الإيرانية في خاصرة السعودية ودول الخليج .حيث بدأت في الساعة الثانية صباحاً بتوقيت السعودية من يوم الخميس 5 جمادى الثانية 1436 هـ – 26 مارس 2015]، وذلك عندما قامت القوات الجوية الملكية السعودية بقصف جوي كثيف على المواقع التابعة لمسلحي جماعة أنصار الله والقوات التابعة لصالح في اليمن. وتم فيها السيطرة على أجواء اليمن وتدمير الدفاعات الجوية ونظم الاتصالات العسكرية خلال الساعة الأولى من العملية.

وأعلنت السعودية بأن الأجواء والمياة اليمنية منطقة محظورة وحذرت من الاقتراب منها. وجاءت العمليات بعد طلب تقدم به الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لإيقاف الحوثيين الذين بدأوا هجوماً واسعاً على المحافظات الجنوبية، وأصبحوا على وشك الاستيلاء على مدينة عدن، التي انتقل إليها الرئيس هادي بعد انقلاب 2014 في اليمن.

ولازالت السعودية ودول التحالف تدك معاقل قوات ومليشيات الحوثي وعفاش وتقدم الدعم الهائل والإسناد المتكامل لقوات الشرعية والمقاومة الشعبية لتمكينها من دحر قوى العدوان في كل المحافظات وصولا الى تحرير صنعاء من قبضة القوى الظلامية والإجرامية.

وقد مثلت عاصفة الحزم وإعادة الأمل ضربة قوية للأطماع الإيرانية وأوقفت تمددها في الخاصرة الجنوبية للسعودية ودول الخليج,وقد مثلت هذه المواقف الحازمه للملك سلمان مؤشرا واضحا وسياسة ممنهجة لا هوادة فيها لمواجهة وردع وتحجيم النفوذ والخطر الإيراني الرافضي ,ليس فقط عن السعودية ودول الخليج ولكن أيضا عن اليمن وسوريا والعراق وكل بلاد المسلمين.وحق لنا أن نطلق عليه لقب (خادم الحرمين الشريفين وبلاد المسلمين).

كما أن سياسة الحزم والعزم هذه ,قد أعادت للمملكة هيبتها وحضورها القوي عربيا وإقليميا ودوليا ,يتناسب وثقلها الإستراتيجي في المنطقة , فهي من الناحية السياسية تشكل أحد أهم مراكز الثقل الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، ومن الناحية الدينية ,تمثل المكانة الروحية للأمة الإسلامية ,ومن الناحية الإقتصادية ، فهي تعد المركز الرئيسي لتدفقات الطاقة العالمية وأحد أعضاء مجموعة العشرين الدولية للدول الاقتصادية الكبرى.

كما تأتي البيعة الثانية في أعقاب قيام مجموعة من المتظاهرين الإيرانين بالهجوم على السفارة السعودية في طهران في 2 يناير 2016 م ,أعتراضا منهم على أعدام رجل الدين الشيعى نمر باقر النمر المتهم بالإشراف على تنفيذ عمليات إرهابية بالمملكة , و تمكن المتظاهرين من اقتحام مبنى السفارة و إحراقها و إنزال العلم السعودي وتهشيم وسرقة مافيها وقام متظاهرون أخرين بالهجوم على القنصلية السعودية في مشهد. وتلقى الدبلوماسيين السعوديين تهديدا بالقتل من الباسيج قبل خروجهم للسعودية.وعلى إثر ذلك تعاملت السعودية بحزم مع هذه الإنتهاكات للأعراف الدبلوماسية الدولية .وعلى الفور قطعت السعودية جميع علاقاتها مع ايران .وتصاعدت وتيرة الأزمة بينهما ولازالت في تصاعد.

ولقد تميزت الاستراتيجية الاعلامية السعودية خلال المرحلة الماضية وحتى قبل تولي خادم الحرمين الشريفين وبلاد المسلمين ,الملك سلمان قيادة المملكة, بأسلوب المهادنة وعدم تاجيج الصراع مع ايران والاكتفاء بدور الدفاع فقط ,دون الرغبة في تأزيم المواقف مع النظام الايراني .وهو الامر الذي أتاح للإعلام الإيراني السيطرة الهجومية المطلقة في سماء الاعلام في الاقليم والمنطقة العربية والدولية بشكل عام ولم يجد من يتصدى له ويفند إدعاءاته المظللة .

اما اليوم فاننا نشهد تغيرا دراماتيكيا في الإستراتيجية الاعلامية السعودية ونشهد اعلاما يتميز بالمواجهة والهجوم ضد النظام الايراني, ومايمثله من مخاطر على السعودية ودول الخليج بشكل خاص والدول العربية والأسلامية بشكل عام . ولكن هذه الاستراتيجية لازالت في بداياتها ,ولم تمتلك بعد الأفق الواضح والتجربة الريادية في مقارعة الاعلام الايراني وحلفاؤه في المنطقة .وبالرغم من ان هذه السياسة قد بدات تنتقل تدريجيا من مرحلة المهادنة والدفاع كما كان في السابق الى مرحلة المواجهة والهجوم في المرحلة الراهنة ومنذ بدء عاصفة الحزم , و اشتداد أوار هذه المواجهه بشكل سافر بعد قيام ايران باقتحام السفاره السعودية في ايران وقنصليتها في مشهد ,إلا إننا نلاحظ ان الاعلام السعودي قد انحصر دوره فقط على مواكبة العمل السياسي والدبلوماسي للملكة في مواجهة النظام الإيراني وإرتباطاته الإقليمية والدولية وتفنيد مخاطره وعدوانه السافر ضد البلدان الخليجية والعربية .ومثل هذه السياسة لن تؤتي أكلها اذا ما استمرت على هذه الحال , لان استراتيجية المواجهه والهجوم تتطلب جهودا وإمكانيات أكبر ومجالات عمل اكثر تنوع, لتفنيد مخاطر النظام الايراني على السعودية والخليج والمنطقة العربية والعالم اجمع . وحري بها أيضا أن تهتم بتحليل فلسفة وعقلية النظام ومرتكزاته الدينية والعصبية والاقتصادية والثقافية وإرتباطاتها بالقوى المعادية للعرب والمسلمين بعمقها التاريخي ,والمستندة على هيمنة الملالي على رأس السلطة وعلىالمبدا الميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة ) والاعلام النازي الغوبلزي على مبدأ (اكذب اكذب … حتى يصدقك الناس ). وان يتم توجيه الراي العام السعودي والخليجي والعربي والاسلامي والدولي, نحو معرفة وفهم مخاطر السياسة الايرانية وحكم الملالي في ايران والمنطقة العربية والعالم اجمع ,وحشده لإسقاط هذه المنظومة التي تدعم الإرهاب وتزعزع الإستقرار الخليجي والعربي والإسلامي والدولي وتمول الحروب والإقتتال الأهلي الطائفي في أكثر من بلد .

ولكي تقوم الاستراتيجية الاعلامية السعودية بدورها الريادي في مواجهة الخطر الإيراني, كرديف مكمل للإستراتيجية السياسية والدبلوماسية للمملكة ,فإننا نرى ان عليها أن تستند الى هذه المرتكزات ,التي لازالت غائبة حاليا عن نشاطها, وهي:

1- توسيع مواكبتها وتغطيتها للنشاط السياسي والدبلوماسي الهجومي الذي يجري حاليا .

2- اشراك المفكرين المحليين والعرب والدوليين والمعارضين الايرانيين لتقديم رؤى تحليلية لمرتكزات النظام الايراني وسياساته الاعلامية .

3- انتهاج سياسة البرامج الحوارية التحليلية التي تعمل على تشكيل وتوجيه الراي العام ,اضافة الى ماهو موجود من سياسة اخبارية في وسائل الاعلام المختلفة .

4- تفنيد الجرائم والممارسات التي يقوم بها النظام الايراني ضد الشعوب الايرانية ونهج تصدير الثورة ومخاطره على الايرانيين والخليجيين والعرب بشكل عام.

5- تفنيد دور ايران في دعم الحركات الارهابية التي تجتاج العالم العربي والاسلامي دون استثناء ,وعدم تعرض ايران واسرائيل لمثل هذه الاعمال .

6- اشراك علماء الدين السنة والشيعة الرافضة لحكم الملالي في هذه الحملة الاعلامية ضد النظام الايراني وآلته الاعلامية .

7- اشراك كافة وسائل الاعلام السعوديه العامة والخاصة في تنفيذ هذه السياسة الاستراتيجية الاعلامية الجديدة وكذلك الحال بالنسبة للاعلام الخليجي والعربي والاسلامي والدولي الصديق.

8- دعم النشاط الاعلامي للمعارضة الايرانية وتزويدها بالوسائل الاعلامية المتطوره لفضح نظام الملالي الايراني وتفنيد خطورته على ابناء الشعوب الايرانية والمنطقة والعالم بشكل عام .

9ـ دعم الأجهزة الإعلامية العربية والإسلامية الصديقة والتنسيق معها لدحض مخاطر النظام الإيراني وتفنيد عمل آلته الإعلامية وحلفائه.وخلق وسائل إعلامية جديدة في مناطق الصراع في كل من العراق وسوريا واليمن وغيرها ,تساهم في تنفيذ هذه الاستراتيجية ,وتوضيح السياسة التدميرية الممنهجة التي تقوم بها ايران في كلا من العراق وسوريا واليمن والخليج والبلدان العربية والاسلامية والعالم .

10- القضايا التي لايستطيع الاعلام الرسمي اثارتها خوفا من ردود الافعال الدولية يجب ان تسند الى وسائل الاعلام الصديقة العربية والدولية .

11- تشكيل لجنة عليا تتضمن الخبراء الإعلاميين المختصين في مختلف مجالات التاريخ والثقافة والجغرافيا والدين وسيكولوجيا الأفراد والشعوب وغيرها ,لإعداد إستراتيجية إعلامية سعودية ,واضحة ومتكاملة الأركان ,لمواجهة الآلة الإعلامية الإيرانية وحلفائها ,والتقييم الدوري لمجمل الاستراتيجية الاعلامية , ونتائجها سلبا وايجابا .

أخبار ذات صله